يشهد مشروعا عين القاهرة وكوبري ميدان الإسماعيلية، جدلا كبيرا في مصر، فالأول عبارة عن عجلة ترفيهية دوارة بمنطقة الزمالك، والثاني كوبري يبدأ من ميدان الإسماعيلية بمنطقة مصر الجديدة وصولا للقصر الرئاسي، ورغم اختلاف الهدف بين المشروعين والمشرفين على تنفيذهما وكذلك موقعهما، إلا أنهما أثارا جدلا واسعا، وهو إصدار أهالي المنطقتين بيانات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ترفض المشروعين، تليها دعم من الشخصيات العامة بمنشورات تؤكد أحقية مطلب الأهالي برفض المشروع، ثم استجوابات من النواب بالبرلمان، وسط عدم وجود رد حكومي واضح.
بدأ الجدل حول مشروع عين القاهرة أولا، بعد إعلان شركة خاصة في مؤتمر صحفي، عقد 21 يناير/كانون ثاني الماضي، وبحضور وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني ومحافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال واللواء أمير سيد أحمد، مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، إطلاق مشروع “عين القاهرة”، وهو عبارة عن إنشاء أول عجلة ترفيهية وسياحية دوارة في القاهرة والأكبر من نوعها في القارة الأفريقية، بحديقة المسلة بمنطقة الزمالك، وتقام العجلة على ارتفاع 120 مترا، وتتيح لزوارها مشاهدة مسافة 50 كيلو مترا من القاهرة ورؤية كافة المعالم البارزة المحيطة بها، باستثمارات 500 مليون جنيه، ولم يمر على انعقاد المؤتمر 24 ساعة حتى أصدر أهالي المنطقة على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي بيانات رفض للمشروع، تضمنت عدة أسباب أبرزها صعوبة إنشاء عين القاهرة بمنطقة الزمالك لتأثيرها السلبي على إحداث العجلة الدوارة ضوضاء، وزحام بالمنطقة نتيجة الزوار، علاوة على التأثير السلبي على الحديقة التاريخية والأشجار بها.
وتفاعل شخصيات عامة سريعا مع رفض الأهالي، إذ كتب رجل الأعمال نجيب ساويرس في تدوينه له على موقع تويتر، ردا على سؤال أحد متابعيه بشأن مشروع عين القاهرة قائلًا: “مشروع كويس في المكان الغلط وهيوقف المرور تماما في مدخل الزمالك! يكون كويس جدا في العاصمة الإدارية”.
من جانبه، كتب وزير الصناعة الأسبق منير فخري عبد النور: “مشروع عين القاهرة المزمع إقامته في الزمالك كارثي، أين الدراسات المرورية والبيئية والتنظيمية التي استند إليها؟”، كما هاجم صحفيون بارزون في مقالاتهم المشروع والهدف منه، وطالبوا بنقله من المنطقة لأماكن أخرى مقترحة مثل مدينة السادس من أكتوبر أو العاصمة الإدارية الجديدة أو إحدى جزر النيل الأخرى.
وردت الشركة المنفذة للمشروع على رفض أهالي الزمالك إقامة مشروع عين القاهرة، وفندت كافة الاعتراضات، مؤكدة أن المشروع وضع دراسة مرورية دقيقة؛ لضمان السيولة المرورية بتلك المنطقة الحساسة بالزمالك، من خلال توفير وسائل مختلفة للوصول لمكان المشروع مثل خدمة النقل النهري باستخدام تاكسي عين القاهرة وحافلات عين القاهرة للنقل الحر Hop On/Hop Off، بالإضافة الى تخصيص ساحة انتظار للسيارات لـ 500 سيارة فوق الأرض وعلى ارتفاع طابقين، كما تم المراعاة عند تصميمه كافة الاعتبارات البيئية والحفاظ على هوية وكيان منطقة الزمالك، مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على كافة الأشجار والنخيل في حديقة المسلة.
وبعد تبادل البيانات، انتقل الجدل إلى أروقة البرلمان، وتقدم الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب، بطلب إحاطة برفض إقامة المشروع بحجة أن جزيرة الزمالك محمية طبيعية، وأن حديقة المسلة حديقة تراثية ومرفق من مرافق الدولة التي لا يصح التصرف فيها إلا بالقواعد والإجراءات والقوانين المنظمة لذلك، كما طالبت النائبة نورا علي، رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب، وزير السياحة والآثار بالبحث عن موقع آخر غير جزيرة الزمالك لإقامة المشروع، ورد الوزير الدكتور خالد العناني، على ملاحظات الأعضاء خلال الجلسة العامة للبرلمان على مشروع عين القاهرة، قائلا: “وزارة السياحة ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالمشروع، ولا يقع ضمن اختصاصات وزارة السياحة، ولا الأرض التي عليها المشروع أرض سياحية، كما أنه لم يحصل على ترخيص من الآثار”، بحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية.
أما الجدل على مشروع إنشاء كوبري الإسماعيلية بمنطقة مصر الجديدة، بدأ بتداول بيان منسوب لأهالي منطقة مصر الجديدة، يعلنون رفضهم إنشاء كوبري بطول 2 كيلو متر من ميدان الإسماعيلية مرورا بشارع عثمان بن عفان ثم ميدان البازيليك وبمحاذاة كنيسة بازيليك السيدة العذراء، وبطول شارع الأهرام الذى يعد أول وأهم محاور الحى التراثي وصولاً بالقصر الرئاسي، ونادي هيليوبوليس الرياضي، معتبرين إقامة هذا الكوبري سوف يدمر هذه المنطقة التراثية المميزة والتى تعد قلب حي مصر الجديدة، بالإضافة للتأثير السلبي على جودة الحياة في هذا الحي العريق والتأثير البيئي والأمني الكارثيين.
ونفس الأمر، بدأ شخصيات عامة يؤيدون رفض الأهالي على رأسهم عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، والذي أصدر بيانا عبر موقع فيسبوك، يؤكد فيه تضامنه مع مطالب أهالي الزمالك ومصر الجديدة، قائلا :”أضم صوتي إلى أصوات المواطنين الذين احتجوا على مشروع العجلة الدوارة Cairo Eye المزمع إنشاؤها في منطقة مكتظة بالنوادي والفنادق والمدارس والعديد من الأنشطة وحركة السيارات والناس بالفعل؛ وفي أرض حديقة تراثية تاريخية يجب الحفاظ عليها وعدم المساس بها أو بأي أرض خضراء في القاهرة كلها، وأحيي أيضاً الجهود التي يقوم به المواطنون في حي مصر الجديدة إزاء مشروع الكوبري المزمع إنشاؤه في منطقة الكوربة التاريخية والتراثية، وأيضاً متابعتهم والتعبير عن رأيهم فيما يتم من إنشاءات داخل قصر البارون إمپان مؤسس الضاحية”.
وسبقه إصدار بيانا من عمرو السنباطي عضو مجلس النواب عن دائرة مصر الجديدة، وأكد أن مرور الكوبرى بمنطقة أثرية بجوار كنيسة البازيليك يمثل ضرر حضاري كبير على المنطقة، وأعلن عن تفدمه بطلب رسمي للمسئولين للاجتماع للرد على مدى أولوية بناء الكوبري، كما أصدر طارق شكري، عضو مجلس النواب، ووكيل لجنة الإسكان بالبرلمان، بيانا أعلن فيه التضامن الكامل مع مطالب سكان مصر الجديدة وقاطني صلاح الدين وشارع الأهرام بعدم الاقتناع بمشروع الكوبري، مؤكدا ضرورة الحفاظ على هذه المنطقة التراثية والتاريخية الفريدة من نوعها، ويعتبر ذلك أهم من تحسين المرور والذي هو مقبول جداً حالياً بالمنطقة، ورغم هذه البيانات لم يصدر رد رسمي من الحكومة المصرية.
من جانبه أيد عمرو حسين عضو لجنة السياحة بمجلس النواب، مطالب نقل مشروع عين القاهرة من حديقة المسلة بمنطقة الزمالك، قائلا :”رغم أن مشروع عين القاهرة، له مردود سياحي إيجابي وسيرفع من أسهم القطاع السياحي، لكن اختيار مكانه في حديقة المسلة غير مناسب؛ لأنها حديقة تاريخية وتراثية”، مقترحا تنفيذ المشروع في مناطق أخرى مثل مدينة 6 أكتوبر أو القاهرة الجديدة وغيرها من المناطق الشاسعة.غير أنه اختلف على إنشاء كوبري ميدان الإسماعيلية بمنطقة مصر الجديدة، قال “حسين”، في تصريحات خاصة ”
إن الكوبري الجديد يخف من الاختناق في هذه المنطقة، وذلك في إطار ما تقوم به الدولة من تنفيذ مشروعات عملاقة مدروسة في الطرق والكباري”.
واختتم حديثه قائلا:”البرلمان دوره رقابي وتشريعي ويقدم التساؤلات بأي مشكلات يمكن أن تطرأ وليس الاعتراض لمجرد الاعتراض”.
واتفقت معه أماني إميل الشعولي عضو مجلس النواب، حول عدم مناسبة إقامة مشروع عين القاهرة بمنطقة الزمالك، موضحة أن المشروع لا يقتصر على إنشاء عجلة دوارة، ولكن يتضمن منطبة ترفيهية وأخرى للفعاليات، ولذا يحتاج إلى منطقة تستوعب الإقبال المتوقع عليه، مقترحة تنفيذه إما في العاصمة الإدارية الجديدة أو مدينة السادس من أكتوبر.
وفيما يتعلق بأزمة إنشاء كوبري ميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة بجوار كنيسة البازيليك أكدت “الشعولي”، في تصريحات خاصة أن إقامة الكوبري في إطار جهود الحكومة لتطوير منطقة شرق القاهرة، مشيرة إلى اعتراض البعض على تشويه الكوبري المكان المحيط بالكنيسة بحجة أنها أثرية، رغم أن الكنيسة تم إنشائها منذ ما يقرب من 100 عام.