تُعرف أفغانستان بأنها مقبرة الإمبراطوريات. في الـ150 عام الماضية، حارب مقاتلون أفغان غزو الإمبراطورية البريطانية والاتحاد السوفييتي. من الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب، إليكم نظرة على استراتيجيات 5 من الرؤساء الأمريكيين الذين لم تجلب جهودهم أي نصر أمريكي حاسم في أفغانستان.
كلّفت الحرب الأمريكية في أفغانستان منذ عام 2001 مليارات الدولارات وآلاف الأرواح الأمريكية وقتلت آلاف المدنيين الأفغان. لكن التدخل الأمريكي في أفغانستان بدأ قبل عقود.
عهد رونالد ريغان
في 1979، قام الاتحاد السوفييتي – الذي كان يخوض الحرب الباردة مع الولايات المتحدة – بغزو أفغانستان. وبعد تحمل خسارة دعمها السوفيتيين في فيتنام، قررت أمريكا تسليح وتمويل المليشيات الأفغانية “المجاهدين” سرّاً لقتال السوفيتيين. أيّد الرئيس الأمريكي حينها رونالد ريغان البرنامج، وفي 1988، بدأ السوفيتيون بالانسحاب من أفغانستان، فوز للولايات المتحدة. وقال ريغان حينها “بعد قرابة 9 سنوات طوال من الحرب، سيطرت شجاعة وعزم الشعب الأفغاني ومقاتلي الحرية الأفغان. واليوم، نهاية الاحتلال في الأفق”.
مع خروج السوفيتيين أخيرًا في 1989، تضاءل اهتمام أمريكا بأفغانستان، وتمزقت البلاد سريعًا بين الحكومة الشيوعية الضعيفة ومجموعة من قادة الحرب. في خضم هذه العاصفة، تركت الولايات المتحدة شبكة مسلحة بشكل جيد ومندفعة من الجهاديين الدوليين. من بينهم أسامة بن لادن. بعد الحرب الأهلية في أغلب التسعينيات، تحالفت طالبان مع القاعدة، وسيطروا على أفغانستان.
عهد جورج بوش الابن
بعدها في 11 سبتمبر 2001، هاجمت القاعدة الولايات المتحدة. وجّه الرئيس بوش تحذيراً إلى طالبان، قائلاً “أغلقوا على الفور وبشكل تام كل مخيم تدريب إرهابي في أفغانستان وسلمّوا كل إرهابي”.
رفض طالبان أثار حرباً بقيادة الناتو لاستهداف قادة القاعدة المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر، ليعلن بوش بعدها “بأوامر مني، بدأ الجيش الأمريكي غارات ضد مخيمات تدريب القاعدة الإرهابية والأنظمة العسكر بعد أية التابعة لنظام طالبان في أفغانستان”.
في غضون أسابيع، سيطروا على البلاد. ورغم أن الغزو دحر طالبان في غضون شهرين، بدا واضحًا أن الحرب لم تنته بعد. واجهت القوات الأمريكية قنابل بدائية واعتداءات متصاعدة وهجمات لا متناهية على نقاطهم المنتشرة عبر البلاد.
عهد باراك أوباما
في 2009، أمر الرئيس أوباما بزيادة حادة في القوات الأمريكية. ملأت موجة من 30 ألف جندي المواقع الساخنة في أفغانستان، مسيطرة على أراض بطريقة كانت مستحيلة سابقاً.
ورغم أن الولايات المتحدة زعمت النجاح، إلا أن الزيادة كانت بعيدة جداً عن النصر، وكان أمامها جدولا زمنيًا صارمًا. قال النقاد إن الجدول الزمني المفروض من قبل أوباما عرقل فعالية زيادة القوات. لكن بعد 10 سنوات من بدء الحرب في أفغانستان، حققت الولايات المتحدة واحداً من أهدافها الرئيسية في ما تسمى بالحرب على الإرهاب. اجتاحت قوات سيلز الأمريكية منزل بن لادن في بلدة عسكرية باكستانية قبل أن تقتله.
عهد دونالد ترامب
اتخذ ترامب موقفاً مختلفاً فيما يتعلق بأفغانستان مقارنة بأوباما. فبعد انسحاب القوات الإضافية، زاد ترامب التدخل العسكري الأمريكي. إذ زاد الجيش الأمريكي غاراته على أفغانستان، بما في ذلك إطلاق أكبر صاروخ أمريكي غير نووي على مقاتلي داعش.
لكن قوات طالبان كان ما يزال لديها نفوذًا عسكريًا. وبعد 17 عامًا من الصراع في أفغانستان، سيطرت طالبان أو تنازعت على ما بين 60٪ إلى 70٪ من البلاد.
توجهت الولايات المتحدة أخيرًا إلى محاولة التفاوض على نهاية سياسية للحرب مع طالبان. وفي اتفاق تاريخي، وافق ممثلو أمريكا وطالبان على انسحاب كامل محتمل للقوات الأمريكية بحلول 1 مايو 2021. وأعلن ترامب حينها أن طالبان قدمت “تعهداً، تعهد قوي جداً. سوف نرى كيف سيجري الأمر، ونأمل أن يجري بشكل جيد جدًا”. لكن المحادثات بين بين طالبان والحكومة الأفغانية استمرت دون نجاح.
عهد جو بايدن
ومع شغر الرئيس بايدن للمنصب، بدا الوضع كئيباً. ومع كونه نائب الرئيس في إدارة أوباما، كان بايدن أحد المشككين في اعتقاد الجيش الأمريكي بأن المزيد من القوات هو الحل للنصر في أفغانستان.
ومع رئاسته، أعلن أن القوات الأمريكية سوف تنسحب بشكل تام قبل 11 سبتمبر 2021، 20 عاماً منذ انهيار البرجين. وكان بايدن قد أعلن في خطاب له “أنا الآن رابع رئيس أمريكي يتولى الإدارة مع وجود عسكري أمريكي في أفغانستان. لن أسلم هذه المسؤولية إلى رئيس خامس”.
وما يزال الكثير يخشى من أن الانسحاب الأمريكي الكامل سيشهد عودة طالبان إلى السلطة. وبعد 5 رؤساء، و5 استراتيجيات، لا يزال السلام أفقاً مخادعًا في أفغانستان.