الحرب ما زالت دائرة في غزة. لكن هناك نتائج اصبحت ظاهرة، و تلك تشي بأن هذه الحرب تطور ذو اهمية استراتيجية، ليس فقط للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، و لكن ايضًا لمعادلات القوة في الشرق الأوسط
هذه النتائج هي:
1 – حماس هي من فرضت توقيت الحرب. صحيح، أحداث القدس وضعت ضغطًا نفسيًا وسياسيًا على حماس لفعل شيء ما. لكن قرار حماس باستخدام ترسانتها الصاروخية كان لا شك مدركًا أن ذلك سيؤدي إلى هجوم إسرائيلي كبير على القطاع. لكن حماس اتخذت القرار.
2 – حماس أظهرت بوضوح نجاحها الكبير في السنوات الماضية في تكوين منظومة صاروخية قادرة على الوصول إلى كل المدن الإسرائيلية، وعلى إحداث خسائر، وعلى إرباك الحياة اليومية في أهم مراكز العمران الإسرائيلية. وذلك تغير مهم في موازين الصراع بين الطرفين. وقد كان الميل في موازين القوة ظاهرًا منذ فترة – ليس بين حماس وإسرائيل، ولكن بين إسرائيل وبين مجموعة الحلفاء (إيران، حزب الله، سوريا، وحماس). وقد كتبت عن هذا التغير في مقال في مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية منذ عام بالضبط. والإشارة هنا ليست للتباهي، ولكن للتركيز على أن بعض متابعي المنطقة يرون اتجاهًا منذ عدد من السنوات ناحية نوع جديد من التوازن في القوة بين المعسكرين. وهذا واحد من أهم المتغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين.
3 – التغير في موازين القوة يؤدي إلى خسائر لم تعتد عليها إسرائيل منذ منتصف السبعينيات. أي أن كل الجيل الحاكم الآن في إسرائيل يرى نوعاً من التهديد – وعليه نوع من التوتر داخل إسرائيل – لم يعرفه طيلة حياته الفاعلة. وهذا تغير نفسي مهم داخل المجتمع الإسرائيلي وبالضرورة مع الوقت، داخل عملية صنع القرار في إسرائيل.
4 – هناك تبعات مباشرة وسريعة على السياسة الداخلية الإسرائيلية. أهمها أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في احتياج ضروري إلى شيء يسوقه على أنه نصر على حماس، وإلا فإن تلك الحرب ستكون ستكون ضاربة لوضعه السياسي الداخلي.. هناك أيضًا تبعات على تموضع الجيش الإسرائيلي في الدولة، وهو من قبل ومن بعد المؤسسة الأهم هناك. كما أن مجموعة من أهم السياسيين الصاعدين في إسرائيل بنوا تاريخهم داخل تلك المؤسسة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جزءا مهما من النجاح الإسرائيلي في العالم – بما في ذلك، في أسواق السلاح والجانب التجاري في دنيا الأمن والمخابرات – قائم على صورة الجيش الإسرائيلي وأجهزته.. كل ذلك معناه، أن تبعات نجاح حماس واصلة إلى بعيد.
5 – هناك تبعات كبيرة لنجاح حماس على الداخل الفلسطيني. الآن، الانتخابات الفلسطينية التي كان مقررا إجراؤها في مايو قد تأجلت بقرار من السلطة في الضفة الغربية. وقد أثار ذلك القرار غضباً بين أوساط واسعة من الفلسطينيين. إذا أثبتت هذه الحرب نجاحاً لحماس، فإن قوتها ستزداد ليس فقط في غزة ولكن في الضفة الغربية. وتلك ستكون بداية تغير مهم في هيكل السياسة الفلسطينية، خاصة في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس.
6 – تبعات نجاح حماس مؤثرة في الصراع الأهم في الشرق الأوسط – الذي أشرنا إليه في البداية، بين إسرائيل وحلفائها، وعلى الجانب الأخر، بين إيران وحزب الله وسوريا وحماس. والمحصلة المهمة هنا ستكون: إذا كانت الحلقة الأصغر في ذلك الحلف (حماس) قد استطاعت، بشكل مباشر وحدها، أن تحرز نجاحًا على حساب إسرائيل، فمن الممكن أن يستطيع الحلف بأكمله، في لحظة قادمة، أن يحرز ليس فقط نجاحًا ولكن نصرًا على إسرائيل. وهنا بالضبط مربط الفرس في فكرة تغير موازين القوى في المنطقة.
7 – ذلك التغير يؤدي إلى لحظة تمعن في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي – وهذا مطلوب.. كما أنه يؤدي لحسابات جديدة للاعبين الكبار في الشرق الأوسط، سواء الولايات المتحدة أو روسيا.