ربما سمعت في كثير من الأحيان عن طائر البوم باعتباره “نذير شؤم”، ولكن ربما يجب عليك زيارة مقهى “بومة” في مدينة أبوظبي، إذ أن هناك احتمال كبير أن تتغير مشاعرك تجاهها.
وبعد سفره مع شريكه عبدالله الحمادي بغرض السياحة إلى اليابان، وجد محمد الشحي ما يُعرف بمقاهي البوم التي تنتشر بكثرة في البلاد.
وتطورت الفكرة لدى الشحي من كونها مجرد هواية منزلية إلى خلق بيئة اجتماعية وتفاعلية لطيور البوم التي لديه.
وبذلك، افتتح الشحي مقهى “بومة” عام 2020، مع شركائه عبدالله الحمادي و أحمد المنصوري، حيث تم تطوير الفكرة بشكل يتناسب مع تطلعات المجتمع الإماراتي.
ويعد هذا المقهى هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، حيث يقع في ممشى قرية السيف بالعاصمة الإماراتية، أبوظبي.
وغالباً ما تكون تجربة الزوار هي الأولى من نوعها في لقاء طائر البوم والتفاعل معه، ما يفسر حماسهم عند دخول المقهى ومشاهدة الطائر عن قرب.
وتبدأ التجربة بتعقيم أيادي الزوار بمعقم خالٍ من الكحول وخاص بالطيور، ثم يتم إعلامهم بقواعد الزيارة وعدم إصدار أصوات عالية، أو استخدام ضوء الفلاش أثناء التصوير.
وبالتالي، يقود أحد مدربي الطيور جولة تعريفية متوفرة باللغة العربية، والإنجليزية، والروسية.
وتقدم هذه الجولة معلومات عن الفصائل المختلفة للطيور، وتعريف الزوار بأسمائها وأطباعها المختلفة. وفي نهاية الجولة، يتسنى للزوار فرصة التقاط الصور مع الطيور أثناء حملها أو لمسها.
ويعتبر الاعتناء بطائر البوم هو أحد الركائز الأساسية لاستمرارية المقهى، كما يعد أولوية بالنسبة لفريق العمل.
ويتواجد اثنان من مدربي الطيور يومياً في المقهى، حيث تكمن مهتمهما في الاعتناء بالطيور ومرافقة الزوار خلال جولاتهم.
ويتضمن برنامج عناية المدربين بالطيور وتحضير الطعام وتقديمه للطيور، مع تعقيم بيئتها باستمرار، والإشراف المستمر على الزوار لتفادي أن يتسببوا بأي مضايقات.
ويعمل الفريق لمدة 8 ساعات يومياً، ما يعطي الطيور 16 ساعة من الراحة، والخصوصية، والهدوء.
وتُعد طيور البوم فضولية واجتماعية، بحسب قول الشحي لذلك يتم أخذها إلى أماكن عامة تسمح باصطحاب الحيوانات الأليفة، عند اعتدال الجو.
ليس ذلك فحسب، وإنما يتم أيضاً فحص الطيور بشكل دوري.
ونوه الشحي إلى أن هذه الطيور مستوردة من جميع أنحاء العالم عن طريق متخصصين في رعاية وتربية البوم منذ الصغر، ما يفسر طبعها الودي.
وقال: “نحن ضد صيد الطيور و الاتجار بها، لأن ذلك يسلب حق الطائر في الحياة البرية التي عاشها منذ الصغر. ولكن، يختلف الوضع بالنسبة للطائر الذي يعيش بالقرب من البشر منذ الصغر، فهو ينشأ على حب و اهتمام البشر، تماماً مثل أي حيوان آخر، كالقطط و الكلاب”.
وأضاف أن بعض الطيور قد تم إنقاذها بسبب عدم قدرتها على الحياة في الطبيعة لأسباب مختلفة، كعدم القدرة على الطيران بسبب عيب خلقي.
ولدى سؤال الشحي عن نظرة الناس إلى طائر البوم على أنه نذير شؤم، قال: “يعد طائر البوم مظلوماً بسبب فكرة اجتماعية توارثناها في مجتمعاتنا، و لكن اقتراب الناس من هذه الطيور و التفاعل معها قد ساهم بشكل كبير في تغيير نظرة الزوار لهذا الطائر الجميل”.
ويبقى الهدف الأساسي لمقهى البومة هو توفير بيئة صحية و اجتماعية مختلفة لهذا الطائر، حيث يخوض فيها الزوار تجربة فريدة ترسخ في الذاكرة و الأذهان، مع إضافة وجهة مختلفة للزوار في امارة أبوظبي.
ومن بين التحديات التي واجهها الشحي وشركاؤه عند افتتاح المقهى هي إيجاد موقع هادئ يوفر مساحة كافية لطيور البوم، بالإضافة إلى الحصول على الموافقة لممارسة نشاط يشمل تقديم أطعمة و مشروبات بوجود حيوانات أليفة.
ولكن، تم اتباع كافة المعايير و الاشتراطات بمساعدة هيئة أبوظبي للزراعة و السلامة الغذائية، خلال مراحل التخطيط الأولى للمشروع.
وبالطبع، كانت هناك بعض التحديات أيضاً لعثور شركاء المقهى على موظف لديه خبرة في التعامل مع طيور البوم، إلا أن الحظ حالفهم بفريق عمل تم تدريبه منذ البداية على الاهتمام بالطيور، لتصبح اليوم في أيادٍ أمينة.
ويتم استهداف الزوار من جميع أطياف المجتمع، سواء من العائلات، والسياح، وحتى طلاب المدارس.
وتنتاب الشحي مشاعر السعادة عندما يشهد ردود فعل مختلفة لزوار المقهى، فبعضهم يقوم بإحضار معداته لرسم الطيور عن قرب، بينما يكسر آخرون حاجز الخوف بمعانقتها.
واليوم، يأمل الشحي الاستمرار في توعية المجتمع بالأهمية البيئية لطائر البوم، وكيفية الاعتناء به وتغذيته، بالإضافة إلى تفادي الإتجار بالطيور التي تعرضت للصيد.