كان القمر مضاءً بلون أحمر نحاسي لامع وكبير ومشرق في السماء ليلة 26 مايو/ أيار من عام 2021.
وبينما كان يتأمل الناس من الأرض في هذا الخسوف النادر لقمر الدم العملاق، استمتع آخرون بأفضل منظر للأعجوبة الفلكية من ارتفاع 43 ألف قدم في السماء خلال رحلة تديرها شركة “كانتاس”، ليست إلى أي مكان.
وعبرت الرحلة فوق ميناء سيدني لمدة 3 ساعات، حيث استمتع 180 مسافر بمقعد الصف الأمامي في هذا الحدث القمري المذهل.
وقال الراكب عبد الله خرام : “كان الأمر رائعاً، أعتقد أنني لم أر (القمر) بهذه الطريقة من الأرض”.
وتم بيع تذاكر الرحلة في غضون 2.5 دقيقة، حيث انتهز محبو السفر هذه الفرصة للاستمتاع برحلة ممتعة ذات منظر جميل.
حدث نادر
يحدث القمر العملاق عندما يكون القمر في أقرب موقع مداري له من الأرض، ما يجعله أكبر، وأكثر إشراقاً للعين البشرية.
وفي هذه الأثناء، يحدث خسوف كلي للقمر عندما يمر عبر ظل الأرض، وبالتالي يبدو أكثر غمقاً واحمراراً.
وتشرح وكالة “ناسا” على موقعها على الإنترنت: “يأتي اللون الأحمر من ضوء الشمس الذي يرشح عبر الغلاف الجوي للأرض، وهو عبارة عن حلقة من الضوء تم إنشاؤها بواسطة كل شروق وغروب شمس يحدث حول كوكبنا في ذلك الوقت”.
وعملت شركة “كانتاس” مع عالمة الفلك، الدكتورة فانيسا موس، لإنشاء “مسار الطيران الأمثل فوق المحيط الهادئ”. وحددت شركة الطيران مسار رحلتها حول مسار القمر وتوقيت الكسوف الكلي.
ولكن، ما الهدف من وراء ذلك؟
حرصت شركة الطيران على استمتاع جميع ركابها ببعض المناظر الرائعة للقمر في رحلة ليست إلى أي مكان. وبلغت قيمة التذكرة الاقتصادية 386 دولاراً أمريكياً، بينما يصل مقعد درجة الأعمال إلى 1160 دولاراً أمريكياً.
وقالت موس، التي كانت أيضًا على متن الطائرة لتقديم التعليقات وترفيه المسافرين عند رؤية القمر، إن خسوف قمر الدم العملاق هو أمر غير معتاد.
وقالت: “على المستوى الفردي، لا يعد حدوث كلاً من خسوف القمر الكامل والقمر العملاق أمراً نادراً للغاية. ولكن، عندما تجمع بين الاثنين، يمكن أن يكون ذلك نادر جداً”.
وأضافت موس أن أستراليا لن تشهد قمرًا دمويًا عملاقا آخر حتى عام 2033.
وتمت الرحلة على متن طائرة بوينغ 787 دريملاينر، التي اختيرت بسبب نوافذها الكبيرة التي توفر فرصة مثالية لمشاهدة القمر.
وعندما بدأ الكسوف في الساعة 21:11 بالتوقيت المحلي، قام الطاقم بتعتيم أضواء المقصورة. وعندما عبر القمر إلى أحلك جزء من ظل الأرض، استمتع الركاب بمشاهدة القمر إجمالي 14 دقيقة و30 ثانية.
بداية، حلق رئيس الطيارين الفنيين في “كانتاس”، الكابتن أليكس باسيريني، شمالاً من مطار سيدني ثم عاد جنوباً، حتى يستطيع منح الركاب فرصة الاستمتاع بمشاهدة القمر.
وقال روري دينغ، أحد محبي الطيران، إنه متحمس ليس فقط لرؤية هذا الحدث القمري النادر من الجو، بل أيضاً الحصول على فرصة للطيران على متن طائرة “787 دريملاينر” لأول مرة منذ تفشي الوباء في أستراليا.
وأضاف أن المنظر لم يشبه أي شيء رآه من قبل.
وأوضح دينغ، الذي كان جالساً في الدرجة الاقتصادية، إنه كان هناك جو رائع على متن الطائرة، حيث استبدل بعض الركاب مقاعدهم إلى جانب النافذة مع مسافرين آخرين، حتى تسنح لهم فرصة مشاهدة الكسوف.
ويعتقد دينغ أن “الرحلات الجوية إلى اللامكان” هي ناجحة، معتبراً أنها طريقة رائعة للشعور بالإثارة التي كنت تشعر بها عندما تكون مسافراً إلى الخارج في رحلة طال انتظارها”.
ومثل العديد من شركات الطيران، عانت شركة “كانتاس” من الناحية الاقتصادية في ظل الوباء. ومع إغلاق أستراليا إلى حد كبير أمام السفر الدولي، تم إيقاف الكثير من طائرات الشركة لأكثر من عام.
وتعد رحلة القمر العملاق هي الأحدث في سلسلة رحلات “كانتاس” إلى اللامكان، التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول برحلة فوق بعض أشهر معالم أستراليا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصدرت أول رحلة إلى اللامكان من شركة الطيران الأسترالية عناوين الصحف، عندما بيعت التذاكر الأولية في أقل من 10 دقائق.
وانتقد البعض شركة “كانتاس” لحرقها للوقود بلا داعٍ في وقت يجب أن تشجع فيه أزمة المناخ على إظهار المزيد من الاحترام للبيئة.
وتعهدت “كانتاس” بالتعويض بنسبة 100% عندما يأتي الأمر لانبعاثات الكربون التي نتجت من رحلة أكتوبر/تشرين الأول، وهي تخطط القيام الأمر ذاته في رحلة القمر العملاق.