يقول مستشارو اللقاحات في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن هناك عدد مرتفع من حالات الإصابة بأمراض القلب بين الشباب، ومعظمهم من الذكور، الذين تلقوا مؤخرًا جرعاتهم الثانية من لقاحي “فايزر” و”مودرنا” ضد “كوفيد-19”.
وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن التقارير عن المرض “نادرة” وأن “معظم المرضى الذين تلقوا الرعاية استجابوا بشكل جيد للدواء، وشعروا بتحسن سريع”.
ويأتي التقرير الجديد في الوقت الذي تجد فيه وزارة الصحة الإسرائيلية “احتمال وجود صلة” بين الجرعة الثانية من لقاح “كوفيد-19” والتهاب عضلة القلب، وهو الأكثر شيوعًا بين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عامًا.
وأشار تقرير صادر عن اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أنه في غضون 30 يومًا من تلقي الجرعة الثانية من لقاحي “فايزر” و”مودرنا”، كان هناك عدد أكبر من حالات التهاب عضلة القلب/ التهاب التامور التي تمت ملاحظتها لدى الأشخاص الذين تترواح أعمارهم بين 16 و24 عاماً.
وأوضح مركز السيطرة على الأمراض عبر موقعه على الإنترنت أن فوائد لقاح “كوفيد-19” تفوق المخاطر المعروفة والمحتملة، من ضمنها “خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب أو التهاب التامور”، وهو تورم الأنسجة المحيطة بالقلب.
وأضافت الوكالة أنها “تراقب هذه التقارير بنشاط، من خلال مراجعة البيانات والسجلات الطبية، لمعرفة المزيد حول ما حدث ومعرفة ما إذا كانت هناك أي علاقة بلقاح فيروس كورونا”.
ووقعت هذه الحالات في الغالب بين المراهقين الذكور والشباب، الذين يبلغون من العمر 16 عامًا وأكثر. وتحدث عادة في غضون عدة أيام بعد التطعيم، وخاصة بعد الجرعة الثانية من اللقاح، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض.
وتنصح الوكالة الناس بالبحث عن أعراض معينة بعد التطعيم ضد “كوفيد-19″، مثل ألم الصدر، وضيق التنفس، وخفقان القلب.
وتأتي تقييمات التهاب عضلة القلب في وقت كانت فيه إدارة بايدن تشجع الشباب على تلقي اللقاح لحماية أنفسهم والآخرين.
وهناك قلق من أن جهود الرئيس قد تعرقلها مخاوف الوالدين بشأن خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب بعد التطعيم.
وتقول المجموعات الطبية، مثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال وجمعية القلب الأمريكية، إنه حتى إذا كان هناك خطر ضئيل للغاية للإصابة بالتهاب عضلة القلب بعد التطعيم، فإن خطر حدوث مضاعفات لـ”كوفيد-19” تفوقها بشدة.
ولم يتواصل مسؤولو مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بشكل مباشر مع الجمهور حول أي خطر محتمل للإصابة بالتهاب عضلة القلب جراء تلقي اللقاح.
ورفض مركز السيطرة على الأمراض طلب للتحدث مع خبير، وبدلاً من ذلك أصدر بيانًا من المتحدث.
وبحسب البيان، قال المتحدث باسم الوكالة، جيسون ماكدونالد: “في أوائل شهر مايو/ أيار، تلقى مركز السيطرة على الأمراض تقارير حول حالات التهاب عضلة القلب والتهاب التامور، التي تم الإبلاغ عنها في الولايات المتحدة، بعد تلقي لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال ضد كوفيد-19”.
وأضاف: “بسبب خطورة الإصابة بعدوى كوفيد-19 لدى المراهقين، يواصل مركز السيطرة على الأمراض توصياته بشأن أهمية تلقيح المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا”.
وقالت المتحدثة باسم “فايزر”، جيريكا بيتس، إن الشركة على دراية بتقارير التهاب عضلة القلب، ولم يتم تحديد صلتها باللقاح. وأضافت: “مع وجود عدد كبير من الأشخاص الذين تم تطعيمهم حتى الآن، لا يزال ملف مخاطر وفوائد اللقاح إيجابيًا”.
ولم يرد متحدث باسم شركة “مودرنا” على طلب للتعليق على هذا الموضوع.
رصد إصابة بالتهاب عضلة القلب في وقت مبكر من طرح اللقاح
وفي فبراير/ شباط، أبلغ أطباء إسرائيليون عن حالة شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، تم نقله إلى المستشفى بسبب إصابته بالتهاب عضلة القلب، بعد خمسة أيام من تلقي جرعته الثانية من لقاح فيروس كورونا.
وأبلغت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن الحالة أولاً، وتم تأكيد تفاصيل المقال من قبل ناتان أبلباوم، الرئيس التنفيذي لشركة “Terem”، وهي سلسلة من عيادات الطوارئ الإسرائيلية، حيث تلقى الرجل الرعاية.
وفي مارس/ آذار، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية في تلقي تقارير عن التهاب عضلة القلب بين المرضى العسكريين الذين تم تطعيمهم، وفقًا لموقع “Military.com”.
وكان هناك 14 تقريرًا حتى 23 أبريل/ نيسان، بحسب الموقع.
ولم يرد المتحدثون باسم البنتاغون على استفسارات .
وفي أبريل/ نيسان، نشر الأطباء الإسبان تقريرًا في مجلة طبية عن حالة التهاب عضلة القلب لطبيب يبلغ من العمر 39 عامًا، كان يعاني من مشاكل صحية أساسية بعد جرعته الثانية من لقاح “كوفيد-19”.
وفي الولايات المتحدة، هناك “تقارير قليلة نسبيًا” عن التهاب عضلة القلب بعد التطعيم.
وفي حال وقوع أي خطأ بعد تلقي أي لقاح في الولايات المتحدة، يتم تشجيع الأطباء والمرضى على التحدث إلى “نظام الإبلاغ بالمفاعيل الضارة للقاحات”، وهي قاعدة بيانات يديرها مركز السيطرة على الأمراض وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
وبمجرد الإبلاغ عن المشكلة، يتعين على الخبراء النظر في التقارير واحداً تلو الأخر لمعرفة ما حدث للمريض.
وبالتالي، يتعين على العاملين بمجال الإحصاء الحيوي وعلماء الأوبئة تحديد ما إذا كانت هذه الأمراض مرتبطة باللقاح أم أنها كانت مجرد صدفة.
ويتم مقارنة عدد المرات التي وقع فيها هذا الحدث للأشخاص بعد تلقيهم تطعيم “كوفيد-19” مقارنة بالأشخاص غير المطعمين، من الفئة العمرية نفسها.
مراجعة لسبعة مراهقين أصحاء مصابين بالتهاب عضلة القلب بعد تطعيمهم ضد “كوفيد-19”
وفي تعليق نُشر الأسبوع الماضي بمجلة طب الأطفال، تمت مراجعة 7 حالات أصيبت بالتهاب عضلة القلب لدى المراهقين من الذكور، بعد تطعيمهم ضد “كوفيد-19”.
واستنتج المؤلفون أن “هناك بعض المخاوف المتعلقة بسلسلة الحالات هذه التي قد تشير إلى وجود صلة بين اللقاح والتهاب عضلة القلب”.
وقال الدكتور شون أوليري، وهو مؤلف مشارك في التعليق، : “هناك بعض الاقتراحات أن الرابط قد يكون حقيقيًا، لكنه ليس نهائيًا بعد”.
وأوضح كلاً من الدكتور أوليري، وهو أخصائي الأمراض المعدية للأطفال في جامعة كولورادو للطب، والدكتور إيفون مالدونادو، أخصائي الأمراض المعدية للأطفال في طب ستانفورد، أن هناك عدة أسباب يمكن أن تؤكد على وجود صلة.
وكان هناك بعض السمات المشتركة بين الحالات السبع للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عامًا.
وظهرت الأعراض على جميع المرضى في غضون أربعة أيام بعد تلقي الجرعة الثانية من لقاح “كوفيد-19” من شركة “فايزر”.
وكتب كلًا من أوليري ومالدونادو: “التوقيت الثابت لظهور الأعراض في الحالات السبع، بعد تلقي الجرعة الثانية، يشير إلى عملية بيولوجية موحدة”.
وكان يعاني المرضى من آلام في الصدر وخمسة منهم يعانون من الحمى. ونُقلوا جميعهم إلى المستشفى لمدة تتراوح بين يومين وستة أيام، علمًا أنهم استجابوا إلى الأدوية بسرعة.
وقال الطبيبان: “بينما يشير المؤلفون إلى أنه لم يتم إثبات وجود صلة بين التطعيم والتهاب عضلة القلب، إلا أن الارتباط الزمني لهذه الحالات بالتطعيم، وكذلك التشابه اللافت للنظر في العروض السريرية والمخبرية يزيد من احتمال وجود مثل هذه العلاقة”.
إحصائيات التهاب عضلة القلب من إسرائيل
وأصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية التحليل الأكثر تفصيلاً حتى الآن لحالات التهاب عضلة القلب بعد تطعيم شركة “فايزر”.
وفي بيان للصحافة في 2 يونيو/ حزيران، أبلغت الوزارة عن 27 حالة من حالات التهاب عضلة القلب بعد الجرعة الأولى من اللقاح من أصل 5.4 مليون متلقي للتطعيم، و121 حالة بعد الجرعة الثانية من حوالي 5 ملايين متلقي للتطعيم.
وأوضح البيان: “حتى الآن، تم الإبلاغ عن هذه الظاهرة بشكل رئيسي بين الشباب، وخاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عامًا، وعادةً بعد الجرعة الثانية من اللقاح”.
وأضاف: “يتم إدخال معظم الحالات إلى المستشفى لمدة تصل إلى 4 أيام فقط ويتم تعريف 95 ٪ منها على أنها مرض خفيف الشدة”.
وذكر البيان أيضًا: “هناك احتمال لوجود صلة بين تلقي جرعة ثانية من اللقاح وظهور التهاب عضلة القلب عند الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 30 عامًا، والارتباط أقوى لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 19 عامًا مقارنة بالأعمار الأخرى. وتضعف العلاقة مع زيادة العمر. وفي معظم الحالات، يكون مرضًا خفيفًا ويزول في غضون أيام قليلة”.
ولم يحدد مسؤولو الصحة الإسرائيليون مدى انتشار التهاب عضلة القلب بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم مقارنةً ببقية السكان.
وبعد “نقاش مطول”، قرّر خبراء الصحة الإسرائيليون في 1 يونيو/ حزيران السماح بتطعيم المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، مشيرين إلى أن مخاطر حدوث مضاعفات لـ”كوفيد-19” أعلى من مخاطر تلقي اللقاح.