هل يجب أن تكون صادقًا تمامًا مع أطفالك طوال الوقت؟ أم أنه من المقبول الكذب عليهم أحيانًا؟
ويفضل بعض الآباء في بعض الأوقات عدم ذكر الحقيقة، عن طريق الإغفال من خلال تجاهل ذكر التفاصيل للحفاظ على براءة الأطفال، والتخفيف من حدة الحياة القاسية، بينما يفضل البعض الآخر عدم تبادل الأسرار حول أمور الأسرة أو الجرائم أو النسب.
وبينما يؤكد بعض الآباء على أنهم لا يكذبون، إلا أنه من المحتمل أن البعض منهم يفعل ذلك. ويتساءل البعض عما إذا كان يجب أن يكذبوا إما عن طريق تجاهل ذكر التفاصيل أو الكذب صراحًة.
وترى لورا ويتمان هيل، التي تعيش مع طفليها في بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية، أنه تتواجد ظروف مختلفة لكل عائلة، والتي يمكنها أن تتغير مع مرور الوقت.
وتقول هيل: “بينما نعرف أطفالنا أكثر من أي شخص آخر ونعتقد أننا نعرف ما يمكنهم التعامل معه، فإن الخبراء لديهم بعض الإرشادات حول كيفية عدم ذكر الحقيقة في بعض الأوقات أمام أطفالك”.
ما هي الكذبة؟
والكذب، في أبسط تعريف له، هو قول شيء غير صادق، ونقوم بتعليم أطفالنا أن ممارسة الكذب أمر خاطئ.
وتدعو الحكايات مثل قصة جورج واشنطن وشجرة الكرز إلى أن الصدق هو أفضل سياسة، وتحذر من العواقب الوخيمة للأكاذيب، ومع ذلك فإن بعض الآباء يفضلون الاستمرار بعدم ذكر الحقيقة في بعض الأوقات.
وإذا كنت قد درست الفلسفة، فقد تكون تعلم أن المثقفين كانوا يناقشون تعريف الكذبة منذ آلاف السنين بالإضافة إلى السؤال عن الحالة التي يُسمح فيها بالكذب.
وبالنسبة لبعض الناس، هذا يعتمد على أنواع الكذب، إذ يتم تعريف كل نوع كل نوع من أنواع الكذب من خلال سبب الكذب.
لم تكذب؟
وأحيانًا نكذب للحفاظ على سحر الطفولة، مثل الكذب حول وجود جنية الأسنان، وفي بعض الأحيان نكذب لحماية أطفالنا مما نعتبره مواضيع غير مناسبة لأعمارهم.
وقالت جودي كيتيلر، مؤلفة كتاب “هل أكذب عليك” : “نحن نكذب على أطفالنا في العادة بدافع اللطف معهم، لأننا لا نريدهم أن ينزعجوا أو يضطروا إلى التعامل مع فظاعة العالم”، موضحة أن هذه الأكاذيب “اللطيفة” تسمى الأكاذيب المؤيدة للمجتمع.
وحثت كيتيلر على أنه عند محاولة التغلب على المواقف المؤلمة المحتملة، يجب على مقدمي الرعاية “رؤية معالج عائلي متخصص في هذا النوع من الظروف”.
وأوضحت كيتيلر أنه من المهم أن تفحص نفسك لمعرفة سبب كذبك على الطفل، اسأل نفسك عما إذا كنت تكذب لتفيد أطفالك أم تكذب لتفيد نفسك أكثر، فالأخيرة تسمى “كذبة مصلحة ذاتية”.
ورغم من صعوبة الاعتراف بأننا نخطئ كبشر وآباء، فإن هذه الأكاذيب القائمة على الأنانية ليس بالضرورة أن تكون لطيفة أو صحية لأطفالك.
لماذا يُعد الكذب عن طريق إخفاء بعض الحقائق جيدًا للأطفال؟
ويعتقد العديد من الخبراء أن الكذب عن طريق إخفاء بعض الحقائق لا يُعد كذبة.
وقالت آمي ستويبر، أخصائية نفسية في ولاية أوريغون الأمريكية ومتخصصة في الصدمات لدى الأطفال والعائلات: “عندما يتعلق الأمر بالأطفال، عليك حذف أجزاء من الحقيقة لأنه يجب عليك مراعاة السياق الأكبر لنموهم”.
أما وضع حدود على أساس العمر، والنضج، وشخصية طفلك فلا يُعتبر كذبة، وهذا ما يتعين على الآباء القيام به لحماية أطفالهم.
هل يجب قول الحقيقة كاملة؟
عندما نتحدث مع أطفالنا عن الجنس أو موضوعات حساسة أخرى، لا نحتاج إلى منحهم القصة كاملة.
وأشارت ستويبر إلى أن “أي محادثة تستحق أن تُجرى يجب أن تُجرى 100 مرة”، وفي كل مرة تظهر فيها محادثة، يمكنك إضافة المزيد من التفاصيل حسبما تراه مناسبًا من الناحية التنموية.
كيفية التعامل مع الطلاق
ويختار معظم الآباء المطلقين تجاهل التفاصيل، بما في ذلك الخيانة الزوجية أو الإدمان أو سوء المعاملة. ولفتت ستويبر إلى أنه لا يجب أن تروي القصة كاملة لأنك لا تريد أن تجعل الأطفال يشعرون بالكراهية تجاه والدهم أو والدتهم.
عادة ما تظهر الحقيقة
وغالبًا ما تظهر الحقيقة في النهاية.
وقالت كل من كيتيلر و ستويبر، نقلاً عن إحدى الأبحاث، إن الأطفال الذين يتم الكذب عليهم يميلون إلى ملء الفجوات بأنفسهم، مما قد يؤدي إلى تضليل المعلومات وعدم الثقة واحتمال أكبر أن يتحولوا إلى كاذبين في المستقبل.
ومن المهم حماية الأطفال من عالم الكبار. لكن في مرحلة معينة، لا يمكنك إخفاء الحقيقة عنهم، وفقًا لما ذكرته كيتيلر.
وبهدف المساعدة بإجراء هذه المحادثات: “اعتمد على ثقافة في عائلتك بحيث يمكن التحدث عن أي شيء في أي وقت، وكن بمثابة باب مفتوح لأطفالك. واخلق جوًا من الثقة. إذ يجب التحدث حول الموضوعات الحساسة مرارًا وتكرارًا”، بحسب نصيحة ستويبر.
وفي كل مرة تطرح فيها فرصة محتملة لتجاهل ذكر التفاصيل، احكم على شخصية طفلك، ومزاجه، وعمره، ومرحلة نموه، وحالته العاطفية للمساعدة في توجيهك ليس في كيفية عدم قول الحقيقة، ولكن في كيفية إيصال الحقيقة بطريقة لطيفة ومناسبة.