إزدواجية الرواتب ، ومسؤولية التشريع

إزدواجية الرواتب، ومسؤولية التشريع

مقال للصحفي : وسام رشيد الغزي

لم يعرف، منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية العقد الثاني من القرن العشرين، تمايزاً طبقياً مشرعناً بموجب قوانين دستورية متفق عليها بين الكُتل السياسية، ولم يكن متعارف بالأوساط الاجتماعية أن الدولة تفضل فئة أو مجموعة على أخرى بالاستحقاق المالي، وتستثني شريحة ما لدرجة الإثراء وترسخ الفارق الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد.

عندما نستثني النظام الإقطاعي بكل ما يحمله من جدل، ضمن حكم التأريخ الذي يطلقه بشكل نهائي على تلك الحقبة (المؤسسة)، فإنها ومع كل النقد والاتهام، ظلت مُقتصرة على الجانب الاجتماعي، ولن تتحول إلى قانوني وتشريعي، ولم يُشار إلى ذلك التمييز و(العزل) بقانون، أو تشريع، أو بقرار من الأنظمة التي تعاقب على حكم البلاد، باختلاف فلسفاتها فهمها، وتقارب هواجسها إزاء مجتمعها وشعبها.

تنمية القدرة على بناء البلد تعتمد القانون الذي يقوم على العدل أولاً، ولا أريد أن أذكِّر بتطور مفاهيم العدالة الاجتماعية في العالم ومدى قدرتها على التعاطي مع أمزجة، وطموحات، ومتبنيات شعوبها، فذاك شأن آخر سيقودنا بالضرورة لثوابت ومبادئ تقود العالم الآن، العالم الذي يعتمد على المساواة بين الافراد، وبموازنة علمية للحقوق والواجبات، التي تفضي لترسيخ مبادئ العدل المفقود بمجتمعاتنا، كنتيجة لسلوكيات الطبقة السياسية غير المسؤولة في عراق بعد عام 2003.

الاستئثار واضح فيما يتعلق بالامتيازات بالنسبة لشريحة من شرائح المجتمع العراقي، وهي شريحة معروفة وواسعة، وبغض النظر عن شرعية ومظلومية الطبقة المستفيدة، فإن نتيجة هذه التشريعات ولّدت شقاَ عظيماً في صف التعايش، والتماسك المجتمعي، وعززت شعوراً بـ(الفصل)، نعم؛ إنه ذات الشعور الذي يجعل بعضاً من المواطنين يشنون حملات استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنصات التفاعل المجتمعي على أرض الواقع، وهي حملات تتفق جميعها على مطلبٍ واحد وهو: التوزيع العادل للثروة.

الرواتب الشهرية المزدوجة التي تُخصَّصَ للشخص الواحد من عدة جهات، وربما لجميع أفراد عائلة هذا الشخص، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وظروف صحية استثنائية، وأزمات سياسية متلاحقة، أدّت إلى الشعور بالاضطهاد والظلم والطبقية من قبل جمهور واسع من الشعب العراقي غير المُستفيد من سلسلة قوانين التي تستثني وتفضل شخص دون آخر أو شريحة دون غيرها.

هناك معادلة عكسية مؤداها: كلما زادت رواتب، ومستحقات، ومخصصات، طبقةٍ ما بموجب تشريع محدد، كلما سحقت في مقابل تنفيذه طبقةٍ أخرى، وهذا ما أطلقت له مجسات رئاسة مجلس النواب صفارة إنذار، تجلى عبر تصريح السيد الحلبوسي رئيس المجلس، بضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات فورية لوقف هذا الازدواج، موجهاً بضرورة اتخاذ البرلمان تشريعاً يمنع الهدر الحاصل جراء ذلك، كونه مطلباً شعبياً.

مسؤولية مجلس النواب تجاه جميع أفراد الشعب، بموجب العقد الاجتماعي بين الشعب والمؤسسات الحاكمة (الدستور)، والشراكة، والتفويض، يُحتِم عليه أن يكون الجهة المبادرة، التي تحفظ كرامة وحقوق، العراقيين، وأن يكون الفيصل بين كل عناوين الدولة هو مبادئ العدل. والدستور هو الضامن لذلك.

عن جاسم العامري

شاهد أيضاً

تحليل محرر شؤون التكنولوجيا حول الذكاء الاصطناعي بهواتف ايفون 16 و”16 برو”

  أصبح هاتف ايفون 16 و”16 برو” متوفرين رسميًا، وتستمر مجموعة الهواتف الذكية من ابل لعام 2024 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *