سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج أعلى مستوى في تاريخها خلال العام المالي 2021/2022. وبلغت 31.9 مليار دولار بنسبة نمو سنوي 1.6%، حسب بيانات البنك المركزي. وأرجع خبراء أسباب هذا النمو القياسي في التحويلات إلى طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد وانخفاض الجنيه أمام الدولار مما جذب مدخرات العاملين بالخارج.
حسب بيانات البنك المركزي، سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في يونيو/ حزيران 2022 نحو 2.8 مليار دولار مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي.
أرجع هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، أسباب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج لمستويات قياسية جديدة، إلى عاملين؛ الأول استحواذ دول الخليج على الحصة الأكبر من المصريين العاملين بالخارج، حيث تشهد اقتصاديات هذه الدول انتعاشًا كبيرًا منذ عام نتيجة ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية مما ساهم في استقرار أعداد العمالة المصرية بهذه الدول وتحسن مستويات دخولها. ثانيًا، تجاوز سعر صرف الجنيه أمام الدولار 19 جنيهًا، مما جذب أصحاب الدخل الدولاري للاستثمار في مصر، خاصة في شراء الأراضي والعقارات.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار منذ مارس/ آذار الماضي، ليسجل 19.12 جنيه للشراء، و19.22 جنيه للبيع، في البنك المركزي بجلسة الأربعاء.
وأشار “جنينة”، في تصريحات خاصة ، إلى دور شهادات الادخار مرتفعة العائد التي طرحتها البنوك المحلية تزامنًا مع رفع سعر الفائدة، واجتذبت هذه الشهادات قيمة ضخمة خلال الفترة من مارس/ آذار حتى مايو/ أيار، وهي الفترة التي طرحت فيها هذه الشهادات.
وسبق أن طرح بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار بعائد 18% لمدة عام واحد، وجمعت هذه الشهادات 750 مليار جنيه (39.2 مليار دولار) خلال 10 أسابيع.
ولفت جنينة إلى الدور الكبير لتحويلات المصريين العاملين بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، موضحًا أن هذه التحويلات ساهمت في خفض عجز ميزان المعاملات الجارية لمصر إلى 15 مليار دولار، قائلا إنه لولا هذه التحويلات لسجل ميزان المعاملات الجارية عجزًا يقارب 40-45 مليار دولار، ما يجعل تحويلات العاملين بالخارج مصدرًا هامًا للنقد الأجنبي في البلاد يصعب تعويضه من أي مصادر أخرى للدولار.
وهناك 5 مصادر للنقد الأجنبي في مصر، هي: تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، والسياحة، والتصدير، والاستثمار الأجنبي المباشر.
وتوقع الخبير الاقتصادي استمرار نمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج نتيجة لعوامل عدة، أبرزها استمرار ارتفاع أسعار النفط مما يحسن من دخل العاملين بدول الخليج، وهم النسبة الأكبر، إضافة إلى التوقعات بحدوث مزيد من انخفاض سعر صرف الجنيه، وزيادة سعر الفائدة في البنك المركزي المصري، وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية مما يسهم في جذب مزيد من مدخرات العاملين بالخارج لاستغلال انخفاض الجنيه والاستثمار في الشهادات البنكية أو البورصة لتحقيق عائد مجزي، منوهًا بدور فروع البنوك المصرية في دول الخليج لتسويق الفرص الاستثمارية للعاملين هناك.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم مصطفى، الخبير الاقتصادي، إنه منذ تحرير سعر صرف الجنيه مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وتحويلات العاملين بالخارج في مسار تصاعدي.
وحققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج مستوى قياسي للعام الثاني على التوالي، حيث سجّلت 31.3 مليار دولار خلال السنة المالية 2020/2021، لترتفع بنسبة 1.6% لتصل إلى 31.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021/2022.
أوضح “مصطفى”، في تصريحات خاصة أن تحويلات المصريين بالخارج هي ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي بعد التصدير.
وسجّلت الصادرات المصرية أعلى قيمة في تاريخها خلال عام 2021، وبلغت 45.2 مليار دولار مقسمة بين 32.340 مليار دولار صادرات غير سلعية، والباقي صادرات بترولية.
وأضاف “مصطفى” أن تحويلات العاملين بالخارج تساهم في استقرار مخزون النقد الأجنبي بالبلاد، وتنشيط الاقتصاد الوطني من خلال تحويلات العاملين لأسرهم لتلبية احتياجاتهم من السوق المحلي، متوقعًا أن يواصل معدل نمو تحويلات العاملين بالخارج ليتراوح بين 3-5% خلال العام المقبل، لزيادة سعر الدولار أمام الجنيه مما يجذب العاملين بالخارج لتحويل الأموال للاستثمار في شراء عقارات والأراضي.