تتطلع منظمات الأعمال في مصر، إلى اتخاذ الحكومة قرارات جديدة لتوفير النقد الأجنبي وتيسير إجراءات استيراد مستلزمات الإنتاج التي أثرت سلبًا على الصناعة والتجارة، وتعول قيادات بهذه المنظمات على وزير الصناعة الجديد أحمد سمير، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله أن يتخذا سياسيات جديدة من شأنها تنشيط القطاع الصناعي.
وعقد حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري الجديد، لقاءً أمس الأربعاء، مع رؤساء البنوك العاملة في السوق المحلي، وعدد من الشخصيات المصرفية البارزة، وتناول اللقاء التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الوقت الحالي وأبرز المقترحات لحلها، وقرر عبد الله تعيين هشام عز العرب رئيسا لمجلس إدارة البنك التجاري الدولي السابق، ومحمد نجيب رئيس لمجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية السابق، مستشارين له، بحسب ما تناقلت وسائل إعلام محلية.
وقال الدكتور محرم هلال رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن توفير الدولار وتيسير إجراءات الاستيراد على رأس أولويات المناقشة بين الاتحاد مع وزير الصناعة ومحافظ البنك المركزي، لتنشيط القطاع الصناعي، الذي يواجه انخفاضًا في الإنتاج وتوقف عدد كبير من الخطوط بسبب صعوبة توفير مستلزمات الإنتاج.
وتراجع الاحتياطي النقدي المصري للشهر الثالث على التوالي، ليسجل 33.143 مليار دولار بنهاية يوليو/تموز الماضي، وذلك بقيمة 232 مليون دولار عن الشهر السابق له، وأرجع البنك المركزي أسباب هذا التراجع إلى سداد الديون الخارجية.
وأضاف هلال، في تصريحات خاصة ، أن الاتحاد عقد لقاءات مع مسؤولين من الحكومة خلال الأيام الماضية، وتم عرض أزمة نقص الدولار في السوق وتداعياتها على الإنتاج الصناعي، وأعرب عن تطلعه لأن ينجح محافظ البنك المركزي الجديد في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد يسهم في حل أزمة النقد الأجنبي في مصر.
وتتفاوض مصر للحصول على قرض ثالث من صندوق النقد الدولي، لسد الفجوة في النقد الأجنبي التي تراكمت نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال محرم هلال، إن استمرار نقص الدولار في الأسواق سيؤثر سلبًا على القطاع الصناعي، وكذلك على سعره أمام الجنيه المصري، إذ سيؤدي هذا النقص إلى زيادة كبيرة في سعر الدولار في الأسواق، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الاقتصاد المصري يحقق أداءً إيجابيًا ويستطيع أن يعبر الأزمة الحالية.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، منذ شهر مارس/أذار الماضي بنسبة وصلت إلى 20%، وسجل 19.13 جنيه للشراء، و19.23 جنيه للبيع، في البنك المركزي المصري، بختام الأسبوع.
وقال محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إن الاتحاد سيتقدم بعدة مطالب لمحافظ البنك المركزي الجديد حسن عبد الله لدعم تنشيط القطاع الصناعي خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسها إلغاء قرار التعامل بالاعتمادات المستندية في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، موضحًا سلبيات هذا الآلية، حيث يتطلب إصدار الاعتمادات المستندية فترة أطول وتكلفة أعلى مقارنة بمستندات التحصيل، كما يتخوف بعض موردي مستلزمات الإنتاج من قدرة البنوك المصرفية على الوفاء بالتزاماتها.
وأصدر البنك المركزي المصري خلال شهر فبراير/شباط الماضي، قرارًا بوقف التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، والعمل بالاعتمادات المستندية فقط، بدءًا من شهر مارس/أذار، وهو ما تسبب في تحجيم استيراد السلع من الخارج.
وحدد البهي، في تصريحات خاصة تداعيات سلبية لتطبيق قرار التعامل بالاعتمادات المستندية، وهي: أولًا عدم توافر مستلزمات الإنتاج للمصانع، نتيجة تخوف الموردين من قدرة البنوك المصرية على الوفاء بالتزاماتها، خاصة في ظل النقص الكبير الذي تعاني منه سلاسل الإمداد العالمية، ثانيًا خروج العديد من الشركات المصدرة المصرية من الأسواق العالمية نتيجة عجزها عن الوفاء بالتزاماتها في المواعيد المحددة، ثالثًا زيادة الأسعار محليًا نتيجة انخفاض حجم المعروض مقارنة بالطلب.
وارتفع معدل التضخم في مصر خلال شهر يوليو/تموز، ليسجل 14.6%، كما سجل التضخم الأساسي السنوي- الذي يستبعد أسعار المواد غير المستقرة- نسبة 15.6% خلال الشهر ذاته، وهو أعلى مستوى له منذ 4 أعوام ونصف.
غير أن محمد البهي، يرى أن هناك عددًا كبيرًا من القرارات الإيجابية التي اتخذها طارق عامر محافظ البنك المركزي السابق خلال فترة إداراته بدعم من القيادة السياسية، وأبرزها تحرير سعر صرف الجنيه مطلع شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 2016 مما أدى إلى توافر النقد الأجنبي في السوق ومنح ميزة تنافسية لتصدير المنتجات المصرية، وكذلك إصدار مبادرات لدعم القطاعين الصناعي والعقاري بتخفيض سعر الفائدة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 5% والتمويل العقاري بنسبة 8%، مما ساهم في توفير تمويل ميسر للمصانع، إضافة إلى إنهاء ملف حالات النزاع مع بعض المستثمرين، ولكن قراره الأخير بتطبيق الاعتمادات المسندية للاستيراد أثر سلبًا على الصناعة.
وسبق أن أطلق البنك المركزي المصري، في ديسمبر عام 2019، مبادرة لدعم القطاع الخاص الصناعي في مصر بعائد 10% متناقص، قبل أن يخفضها إلى 8% فقط، وذلك للشركات التي يزيد حجم أعمالها أو إيراداتها السنوية عن 50 مليون جنيه (2.6 مليون دولار)، وبلغ رصيد التمويلات لهذه المبادرة ما يقرب من 450 مليار جنيه (23.4 مليار دولار)، بحسب أخبار محلية.
وأشار عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إلى لقاء عقد جمع مسؤولي إدارة الاتحاد مع وزير الصناعة الجديد أحمد سمير الأسبوع الماضي، وتم عرض تداعيات قرار تطبيق الاعتمادات المستندية، ووعد الوزير بعرض الأمر على محافظ البنك المركزي الجديد ووزير المالية الدكتور محمد معيط، لحل المشكلة بشكل جذري، مضيفًا أن الحكومة بدأت في حصر مشاكل القطاع الصناعي، وبحث تسهيل الإفراج عن البضائع العالقة في المنافذ الجمركية بسبب قيود الاستيراد، وهناك آمال أن تنجح الحكومة في حل هذه المشاكل.
وبحسب بيان رسمي لوزارة التجارة والصناعة، فأن أحمد سمير الوزير الجديد قد عقد اجتماعات مع كافة منظمات الأعمال، لاستعراض التحديات التي تواجه مجتمع الأعمال وبحث إيجاد حلول عاجلة لها، الأمر الذي يسهم في تحقيق مستهدفات الدولة المصرية نحو تنمية وتطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية.