قررت لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي المصري ، الإبقاء على سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، على عكس كل التوقعات التي رجحت الزيادة نظرًا لارتفاع التضخم وزيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة.
وأرجع خبراء أسباب قرار البنك المركزي المصري إلى أن زيادة سعر الفائدة لم تكن ستنجح في جذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة التي تتحفظ على دخول الأسواق الناشئة ومنها مصر، كما أنها لن تحد من معدل التضخم المحلي المتأثر سلبيًا بزيادة أسعار السلع عالميًا، وبالتالي فضل البنك المركزي الإبقاء على الفائدة دون تغيير.
وأبقى البنك المركزي على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 11.25%، 12.25%، 11.75%، على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 11.75%.
قالت آية زهير، نائب رئيس قسم البحوث بشركة “زيلا كابيتال” للاستشارات المالية، إن البنك المركزي المصري اتجه لتثبيت سعر الفائدة نتيجة عدة أسباب أهمها أولًا استقرار ارتفاع معدل التضخم، حيث يتوقع أن يواصل هذا المعدل نموه خلال الشهور القليلة المقبلة نتيجة عوامل خارجية أهمها زيادة أسعار السلع الأساسية والنفط عالميًا، وبالتالي لن تنجح السياسة النقدية بزيادة الفائدة في السيطرة على معدلات التضخم محليًا في ظل استمرار الأسعار عالميًا.
وسبق أن أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع معدل التضخم السنوي الأساسي خلال شهر أغسطس الماضي إلى مستوى قياسي جديد عند 16.7%، ليتخطى مستهدف التضخم السنوي للبنك المركزي عند 7% بزيادة أو نقصان 2% في نهاية الربع الرابع 2022.
أضافت آية زهير، في تصريحات خاصة، أن العامل الثاني هو التأثير المحدود لزيادة سعر الفائدة على الاستثمار الأجنبي في محفظة الأوراق المالية الحكومية، حيث لا يزال المستثمر الأجنبي متحفظ على دخول الأسواق الناشئة ومنها مصر للاستثمار في أدوات الدين.
وأرجعت آية زهير، أسباب تحفظ الاستثمار الأجنبي غير المباشر للأوراق المالية الحكومية، بسبب عاملين أولًا عدم وضوح الرؤية في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وحتى يتم الاستقرار في سعر الصرف سيحجم المستثمر الأجنبي عن الاستثمار في أدوات الدين، ثانيًا أن عائد الاستثمار في السندات الدورية مختلفة الآجال يصل إلى 15% في حين يصل عائد الاستثمار في سندات الخزينة بالجنيه المصري حوالي 12%، وبالتالي لن ينجذب المستثمرين الأجانب لشراء الجنيه المصري ومن ثم دعم الاحتياطي النقدي.
وتراجع الاحتياطي النقدي المصري للشهر الرابع على التوالي، ليسجل 33.141 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي، وذلك بقيمة 1.3 مليون دولار عن الشهر السابق له.
وأشارت نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال للاستشارات المالية، إلى أن مصر خالفت موجة رفع الفائدة التي تشهدها المنطقة بعد زيادة الفيدرالي الأمريكي للفائدة؛ لأنها ترغب في الحد من معدل التضخم، وفي الوقت نفسه غير مجبرة على زيادة الفائدة لجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة التي تحجم في الوقت الحالي عن كل الأسواق الناشئة وليس مصر وحدها.
وبحسب بيان البنك المركزي، فإن لجنة السياسة النقدية ترى أن أسعار العائد الأساسية الحالية مع زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي تتسق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وتوقعت آية زهير، أن يستقر معدل التضخم بين مستوى 15-16% خلال الشهور القليلة المقبلة، نتيجة الإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ، وتثبيت سعر الفائدة، إضافة إلى التحريك التدريجي لسعر الدولار أمام الجنيه حتى يصل إلى قيمته العادلة.
من جانبها، أشادت رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، ورئيس مجلس إدارة شركة “ثري واي” لتداول الأوراق المالية، بقرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة في ظل المخاوف التي يواجها العالم من موجة التضخم العالمية، مضيفةً أن رفع سعر الفائدة في مصر لم يكن سيؤتي بثماره في جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة والتي هجرت الأسواق الناشئة ومنها مصر، في المقابل كان سيؤثر سلبيًا على مناخ الاستثمار وسيؤدي إلى زيادة حالة الركود.
كما أشادت بقرارات الحكومة والبنك المركزي لتخفيف بعض قيود الاستيراد لتشجيع حركة البيع والشراء في الأسواق، وجاء قرار تثبيت سعر الفائدة ليتماشى مع هذه السياسة بما يشجع الاقتصاد الوطني.
وأشارت، في تصريحات خاصة إلى أن البنك المركزي المصري استخدم آلية الاحتياطي الإلزامي للتحكم في السيولة النقدية في البنوك مما يقلل من معدل التضخم، لافتةً في هذا الصدد إلى أن البنك المركزي أجرى خلال الأسابيع الماضية عمليات سحب سيولة من البنوك للسيطرة على معدلات التضخم.
وبحسب بيان رسمي، قرر البنك المركزي المصري زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري لتصبح 18% بدلا من 14%، وسيساعد هذا القرار في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي.