بعد نحو قرن من الزمن على فقدان شعبيتها، يستعد جيل جديد من المناطيد للتحليق في السماء.
ويسعى الناس من خلال هذه المناطيد إلى تحقيق طموحات كبيرة، إذ تُوصف بأنها بديل شحن أكثر استدامة مقارنة بالشاحنات أو السفن، حيث تنقل أطنانًا من البضائع في وقت واحد.
ورغم حجمها الكبير، إلا أن شركة واحدة تحلم بأن تجعل حجمها أصغر بكثير.
وتلقت شركة “Cloudline” الناشئة في جنوب إفريقيا استثمارات بملايين الدولارات لمناطيدها الصغيرة، التي يبلغ طولها ما يزيد قليلاً عن 18 مترًا، ويبلغ وزنها الصافي الصغير ما بين 2 إلى 3 كيلوغرامات.
وتقوم الشركة بطرحها كبديل لطائرات الهليكوبتر وغيرها من الطائرات ذات الإقلاع والهبوط العمودي، ومع قدرات حمولة تفوق تلك التي تتمتع بها الطائرات من دون طيار.
وقد حصلت “Cloudline” بالفعل على موافقة من السلطات المحلية لبدء تشغيل مناطيدها في جنوب إفريقيا، وتجري محادثات مع شركاء في ناميبيا وموزمبيق وكينيا لبدء العمليات، حسبما ذكره الرئيس التنفيذي سبنسر هورن.
وقد تم تجهيز المناطيد المملوءة بالهيليوم بألواح شمسية وبطاريات احتياطية لتشغيل محركاتها، وتتمتع بزمن طيران يصل إلى 12 ساعة ومدى يصل إلى 400 كيلومتر، وتطير على ارتفاع يصل إلى 1220 مترًا فوق مستوى الإقلاع.
هذه المناطيد تُعد ذاتية التحليق تمامًا، إذ يتبع كل منطاد نقاط طريق محددة مسبقًا. وفي حالة مواجهة المنطاد لخلل ما، فإنه سيعيد توجيهه إلى نقطة محددة مسبقًا وينتظر تعليمات من مسؤول بشري لديه إمكانية الوصول إلى بيانات القياس عن بعد الخاصة بالمنطاد.
ويقول هورن، الذي يشير إلى الافتقار للبنية التحتية الموثوقة للنقل التي لا تزال موجودة في أجزاء من القارة: “كان الإلهام هو تمكين المجتمعات الريفية وربطها”، مضيفًا أن المروحيات والطائرات خدمت منذ فترة طويلة مجتمعات ضعيفة الاتصال، لكن متطلبات إقلاعها وهبوطها تفرض قيودا، كما أن طرق تسليمها ليست دقيقة دائما.
وكانت صناعة الطائرات من دون طيار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قد أدت إلى خفض حواجز التكلفة أمام الطيران، وبدأت في توصيل الأدوية إلى المناطق النائية في شرق إفريقيا. لكن الطائرات من دون طيار الحالية لها أيضًا قيود، بما في ذلك سعة الحمولة، إذ يؤدي المزيد من الحمولة إلى طائرة من دون طيار أكبر.
ونظرًا لرغبته في الحصول على حمولة كبيرة وطيران نظيف وإقلاع وهبوط عمودي، لجأ خريج جامعة هارفارد إلى المناطيد.
وحصلت شركة “Cloudline” على دعم رأس المال الاستثماري لأول مرة في عام 2019، وبعد سنوات من البحث والتطوير والنماذج الأولية، تستعد الشركة لإطلاق عمليات تجارية.
وفي كينيا، أبرمت شركة “Cloudline” اتفاقًا لتسهيل عمليات تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية، وفي ناميبيا تتعاون مع منطمة “اليونيسف” لتوصيل المستلزمات الطبية والتشخيص الطبي، وربط العيادات النائية بالمستشفى المركزي في المنطقة.
ومع تزايد وتيرة مشاريعها التجارية، تواصل الشركة تطوير منطادها، مع خطط لمزيد من الاستقلالية والتكيف مع الظروف الجوية، بحسب ما ذكره هورن.
وصرحت شركة “Cloudline” بأنها تستكشف أيضًا استخدام الهيدروجين لتضخيم المناطيد المستقبلية، وهو غاز يمكن توليده بشكل متجدد وبقدرة رفع أكبر قليلاً من الهيليوم.
أما الجانب السلبي، فيتمثل في كون الهيدروجين غازا قابلا للاشتعال. كما يتمتع الهيليوم بعيوبه، بما في ذلك الأسعار المتقلبة خلال السنوات الأخيرة وعلامات الاستفهام حول إمداداته على المدى الطويل.
وبصرف النظر عن الطريقة التي ستشغل بها مناطيدها، تأمل شركة “Cloudline” أن تتمكن من تحقيق اختراق في قطاع النقل.
ويقول هورن إن “القيام بمثل هذه الخطوة في إفريقيا… أمر صعب، سيستغرق بعض الوقت وعددًا من الأشخاص قبل أن تتمكن من إقناع الناس بالاستثمار في قطاع الطيران في إفريقيا”.
ويؤكد الرئيس التنفيذي أنه على عكس شركات المناطيد الأخرى المنخرطة في مراحل طويلة من النماذج الأولية لطائراتها الأكبر حجمًا، فإنه مستعد لطرح منتجه في السوق، مؤكدًا: “نعتقد أن الخروج وتقديم الخدمة أكثر أهمية بكثير من بناء شيء سيظهر لأول مرة في عام 2035 أو 2040”.