مصر.. جدل جديد في البرلمان بسبب منع المحكوم عليه غيابيًا من التصرف في أمواله

 

 أثار مشروع قانون الإجراءات الجنائية جدلًا جديدًا بين أعضاء مجلس النواب في مصر، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاء الخلاف هذا المرة بسبب المادة 368 المتعلقة بحرمان المحكوم عليه غيابيًا من التصرف في أمواله، بسبب اعتراضات حول شبهة عدم دستورية لهذه المادة بسبب حق التقاضي، مستندين إلى المادة 35 من الدستور المصري التي تنص على صيانة الملكية الخاصة.

ويناقش البرلمان المصري، يومي الأحد والاثنين من كل أسبوع، مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وارتبطت آخر المناقشات بالمادة 368 المتعلقة بحرمان المحكوم عليه غيابيًا من التصرف في أمواله، بسبب اعتراضات بشأن دستورية هذه المادة.

ورد وزير العدل، المستشار عدنان فنجري، بأن حدود ونطاق تطبيق المادة 368 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية تتعلق بالأحكام الغيابية الصادرة في جناية من محاكم الجنايات، وبالتالي لا وجه للقول باستصحاب أحكام هذه المادة على الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح، حسب قوله.

وبرّر الوزير سبب حرمان المتهم من التصرف في أمواله أو إدارتها أو رفع دعوى باسمه، بأنها “مجرد إجراءات تهديدية لحمل المتهم في جناية على المثول أمام المحكمة؛ لتحقيق دفاعه في محاكمة عادلة ومنصفة، وأن هذه الإجراءات تسقط جميعها بمجرد القبض عليه أو حضوره وطلب إعادة محاكمته”.

أما ما يتعلق بدستورية المادة، أكد وزير العدل أن المادة متفقة مع ما تضمنته المادة 35 من الدستور بناءً على قانون وبحكم قضائي، فالحكم الغيابي الصادر في جناية وإن صدر في غيبة المتهم، إلا أنه يظل حكمًا قضائيًّا إلى أن تتم إعادة الإجراءات، وبالتالي يحدث أثره في الحرمان من التصرف في الأموال أو إدارتها دون حاجة للاعتداء على الملكية الخاصة.

وأكد رئيس مجلس النواب، حنفي الجبالي، أن هذه المادة موجودة في القانون الحالي منذ عام 1950، وأن اللجنة المشتركة لإعداد القانون، أضافت عبارة “مع عدم الإخلال بحقوق حسني النية من الغير” لتأكيد حماية كل التصرفات أو الالتزامات التي أبرمت من حسني النية من أن يشوبها أي بطلان.

وبعد مناقشات، وافق البرلمان على نص المادة 368، وجاءت كالتالي: “كل حكم يصدر بالإدانة في غيبة المتهم يستلزم حتمًا حرمانه من أن يتصرف في أمواله أو أن يديرها أو أن يرفع أية دعوى باسمه، وكل تصرف أو التزام يتعهد به المحكوم عليه يكون باطلاً من نفسه، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية، وتحدد المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها أموال المحكوم عليه حارسًا لإدارتها بناء على طلب النيابة العامة أو كل ذي مصلحة في ذلك، وللمحكمة أن تلزم الحارس الذي تنصبه بتقديم كفالة، ويكون تابعًا لها في جميع ما يتعلق بالحراسة وتقديم الحساب.

 

وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع بمجلس النواب، عاطف المغاوري، إنه طالب بإلغاء المادة 368 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بمنع المحكوم عليه غيابيًا من التصرف في أمواله، خلال مناقشتها في البرلمان، مبررًا وجهة نظره بعدم جواز إصدار عقوبة أخرى على المحكوم غير التي أصدرتها المحكمة، خاصة أن الحكم غيابيًا، كما أن عقوبة التحفظ على الأموال تشترط صدور حكم قضائي، وفقًا لما هو وارد في مادة سابقة من مشروع القانون.

وحول شبهة عدم دستورية المادة المذكورة، قال المغاوري، في تصريحات خاصة ، إن الرقابة الدستورية على القوانين المصرية لاحقة بعد موافقة البرلمان، وليس مسبقة، كما أن ذات المادة موجودة بالقانون الحالي رقم 390، ولم يطعن عليها أحد بعدم الدستورية؛ لعدم تفعليها طوال السنوات الماضية.

وأضاف المغاوري أن هناك مشاورات بين عدد من النواب على التقدم بطلب لإعادة مناقشة المادة 368 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية وكذلك مواد أخرى؛ لأنه لا يجوز أن يعاقب المحكوم عليه بعقوبتين الأولى التي تصدر من المحكمة، والثانية بمنع التصرف في أمواله وإدارتها، كما أن التحفظ على الأموال عقوبة تطال الأسرة.

وفي بيان صحفي، أوضح رئيس مجلس النواب إجراءات الحفاظ على حقوق المتهم المالية، مشيرًا إلى المادة 373 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية والتي أقرت سقوط كل الإجراءات بمجرد إعادة المحاكمة برد المبالغ المتحصلة من المحكوم عليه كلها أو بعضها إذا كان الحكم الغيابي الصادر بالتعويضات قد نفذ، فإذا ما توفي مَن حكم عليه في غيبته يعاد الحكم بالتعويضات في مواجهة الورثة، بما يمكنهم من الدفاع عن حقوقهم، وكلها ضمانات وحقوق تضمنها مشروع القانون.

من جانبه، يرى أستاذ القانون الدستوري، الدكتور طارق خضر، أن المادة 368 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية تتفق مع المادة 35 من الدستور المصري، التي اشترطت التحفظ على أموال المواطنين إلا بصدور حكم قضائي، ويعد الحكم الغيابي على المتهم قرار قضائي يستوجب تنفيذه، لافتًا أن قانون الإجراءات الجنائية المطبقة حاليًا يتضمن نفس المادة، ولم يطعن أحد بعدم دستوريتها.

وتنص المادة 35 من الدستور المصري على أن “الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا وفقًا للقانون”.

وأضاف خضر، في تصريحات خاصة ، أن قرار منع المحكوم عليه غيابيًا من التصرف في أمواله، يستهدف دفع المتهم إلى طلب إعادة محاكمته أو إصلاح التهمة حتى لا يصبح الحكم نهائي بات، كما أن هذه الإجراءات تسقط جميعها بمجرد القبض عليه أو حضوره وطلب إعادة محاكمته.

عن sherin

شاهد أيضاً

الأمين العام للناتو: يجب أن ندعم أوكرانيا لتتفاوض من موقع قوة

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الخميس إن على الحلفاء مساعدة أوكرانيا على …