رفعت بنوك كبرى في مصر حدود الإنفاق الدولية لبطاقات الائتمان وخفضت عمولة تدبير العملة بنسبة 50%.
ويأتي هذا بعد أكثر من 80 يوما من قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية مما انعكس على زيادة تدفقات البلاد من النقد الأجنبي سواء من تنازلات الحائزين على الدولار، وتحويلات العاملين بالخارج، وزيادة قرض صندوق النقد الدولي، وكذلك زيادة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية، علاوة على تلقي 35 مليار دولار من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة.
وضمت قائمة البنوك التي رفعت حدود بطاقات الائتمان بالعملات الأجنبية كل من بنكي الأهلي ومصر، وهما أكبر البنوك العاملة بالسوق المصرية، ويستحوذان على أكبر حصة سوقية، والبنك التجاري الدولي، وكذلك بنك القاهرة، إلا أن الأخير أبقى على عمولة تدبير العملة الأجنبية عند 10% دون تخفيض.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك العربي الإفريقي سابقا محمد بدرة، إن عدد من البنوك اتخذت قرارات بخفض الحدود الدولية لبطاقات الائتمان، وزيادة عمولة تدبير العملة الأجنبية خلال يناير/ كانون الثاني بسبب نقص في العملات الأجنبية بالسوق وقتها، واستمرت هذه القرارات لمدة أكثر من 5 شهور إلا أنه مع زيادة تدفقات النقد الأجنبي بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، تخلت بعض البنوك عن هذه القرارات وأعادت زيادة الحدود الدولية لبطاقات الائتمان وخفضت عمولة تدبير العملة إلى 5%.
ورفع البنك الأهلي حدود الإنفاق الدولية لبطاقات الائتمان من لتتراوح بين 37.5 ألف جنيه إلى 240 ألف جنيه، فيما رفع البنك التجاري الدولي حدود الإنفاق الدولية لبطاقات الائتمان لتتراوح بين 100 ألف إلى 250 ألف جنيه شهريًا حسب القطاع التابع له حساب العميل.
وأضاف بدرة، في تصريحات ، أن زيادة حدود الإنفاق لبطاقات الائتمان دلالة على توافر العملة الأجنبية لدى البنوك، مذكرا بتكرار نفس السيناريو خلال تعويم الجنيه في 2016، إذ اتخذت البنوك نفس قرارات خفض حدود الإنفاق لبطاقات الائتمان، ثم عادت ورفعتها مرة ثانية بعد زيادة تدفقات النقد الأجنبي.
وبعد شهرين من تحرير سعر الصرف، سجل الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر أعلى مستوياته على الإطلاق خلال مايو/ أيار ليتجاوز 46 مليار دولار بزيادة 11.465 مليار دولار خلال عام، وذلك وفق بيانات البنك المركزي.
وذكر الخبير المصرفي أن عجز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بلغ مستويات قياسية وسجل 24 مليار دولار قبل تحرير سعر الصرف، وبعدها تحول إلى فائض وفق آخر تقرير للبنك المركزي مما يشير إلى تحسن المراكز المالية للبنوك، واستعادة تدفقات النقد الأجنبي لدى القطاع المصرفي المصري، متوقعا أن تتجه البنوك لرفع كل القيود على النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة مع توافر الدولار من زيادة تحويلات المصريين المقيمين بالخارج، وتلقي مصر تمويلات جديدة من مؤسسات دولية.
ومن المنتظر أن تتلقى مصر تمويلات ميسرة بقيمة ملياري دولار تقريبا، بواقع 700 مليون دولار من البنك الدولي بالإضافة إلى مليار يورو ما يعادل (1.69 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي، وتمويل تنموي ميسر من بنك التنمية الأفريقي بقيمة 131 مليون دولار، فضلًا عن تمويل بقيمة 100 مليون دولار من صندوق التعاون الاقتصادي للتنمية، وفق بيان رسمي لوزارة التعاون الدولي.
وتوقع بدرة أن ينعكس قرار رفع حدود الإنفاق الدولية لبطاقات الائتمان على ارتفاع سعر الجنيه أمام الدولار، مفسرا ذلك بأن زيادة حدود بطاقات الائتمان سيدفع العملاء إلى الاعتماد على القطاع المصرفي لتغطية احتياجاتهم ويقلل من التعاملات بالسوق الموازية، كما يسهم في زيادة تدفقات النقد الأجنبي في القنوات الرسمية.
ومن جانبه، قال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس سابقًا، طارق حلمي، في تصريحات ، إن البنوك المصرية خففت قيود الإنفاق الدولي لبطاقات الائتمان داخل وخارج مصر بعد تحسن تدفقات النقد الأجنبي في القطاع المصرفي؛ لتيسير على المتعاملين مع البنوك خاصة ممن يسافرون للعمل أو العلاج خارج البلاد، متوقعا تخفيف المزيد من القيود على بطاقات الائتمان وغيرها من التعاملات بالدولار مع التوقعات باستمرار تلقي مزيد من تدفقات النقد الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
غير أنه يرى أن البنوك لن تتجه لإلغاء كل القيود على الإنفاق بالدولار مرة واحدة خلال الفترة القريبة المقبلة، في ظل الالتزامات الدولية الضخمة المرتقب أن تسددها مصر خلال العام الحالي، إضافة إلى تخصيص 1.18 مليار دولار لاستيراد غاز ومازوت لتشغيل محطات الطاقة لسد احتياجات البلاد من الكهرباء مما يضغط على موارد البلاد الدورية، هذا بخلاف تلبية احتياجات السوق من السلع الاستراتيجية مما يضغط على البنوك لإلغاء كل القيود على بطاقات الائتمان مرة واحدة.