توصل باحثون إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات عصبية، بما فيها السكتات الدماغية والنوبات واضطرابات الحركة.
وفقاً لدراسة نُشرت في “Neurology: Clinical Practice”، قد تحدث المضاعفات التي تتجاوز ضعف الإدراك حتى في الحالات المتوسطة.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة بريا أناند، أستاذة مساعدة في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة بوسطن: “تتعلق هذه المضاعفات الخاصة لكورونا، والاضطرابات العصبية بشكل عام، بقدرتك على التفاعل مع العالم بشكل هادف. أعتقد أن ذلك أحد الأشياء الفريدة والمدمرة في هذا (الفيروس)”.
مجموعة الخلل الوظيفي
وجدت الدراسة أنه بينما يمكن أن يسبب “كوفيد-19” الصداع وتغير الحالة النفسية لعدد كبير من المرضى، إلا أن هناك أيضاً مضاعفات أكثر خطورة قد تتطلب إدارة متخصصة من قبل أطباء الأعصاب.
نظرت الدراسة الحالية في بيانات 921 بالغاً تم نقلهم إلى المستشفى في مركز بوسطن الطبي بسبب “كوفيد-19″ في الفترة من 15 أبريل إلى 1 يوليو، وكان 74 منهم بحاجة لفحص من قبل طبيب أعصاب. كان متوسط عمر المرضى المشاركين في الدراسة 64 عاماً، وكان لدى 47 منهم بالفعل تاريخ في الأمراض العصبية.
بالتركيز على المرضى الذين يعانون من مظاهر عصبية موجودة، وجد الباحثون أن 18 منهم تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب السكتات الدماغية بعد الإصابة بـ”كوفيد-19″، و15 أصيبوا بنوبات صرع و26 لديهم شكل من أشكال ضعف الدماغ مما تسبب في الارتباك والهذيان. وكان 7 آخرين يعانون من اضطرابات في الحركة، و3 مرضى يعانون من إصابات في الدماغ مرتبطة بالسقوط في المنزل بعد إصابتهم بـ”كوفيد-19”.
توفي 10 مرضى في مجموعة الدراسة لأسباب تشمل فشل أعضاء متعددة. ووجدت الدراسة أن العديد من الناجين الذين دخلوا المستشفى بإعاقة عصبية متوسطة خرجوا من المستشفى بإعاقة متوسطة الشدة.
الدراسة في مجتمع منخفض الدخل
قالت أناند، وهي عضو في الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، إن أحد الجوانب المهمة للدراسة كان في تصوير كيفية تأثير “كوفيد-19” وعواقبه على المناطق ذات الدخل المنخفض والمجتمعات الملونة.
يخدم مركز بوسطن الطبي حياً يعيش فيه أكثر من نصف المرضى في أسر ذات دخل أقل من 25 ألف دولار، وثلثيهم من الأقليات العرقية و72 ٪ من المرضى الذين يزورزن المركز من ذوي الدخل المنخفض أو كبار السن الذين يعتمدون على التغطية التأمينية المقدمة من الحكومة.
وقالت أناند: “كنا في وضع فريد لرعاية المرضى الذين تأثروا بشكل غير متناسب بـ “كوفيد-19″ وأردنا فقط رسم صورة كاملة عن المضاعفات العصبية لدى هذه المجموعة الحرجة من المرضى.”
كان لدى المستشفى ثاني أعلى عدد حالات “كوفيد-19” بين المستشفيات في ولاية ماساتشوستس خلال فترة الدراسة، وهي الولاية نفسها التي احتلت المرتبة الثالثة في البلاد من حيث إجمالي الحالات.
قالت الدكتورة أورلي أفيتزور، الرئيسة المنتخبة للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب ورئيسة تحرير مجلة Brain & Life، وهي غير مشاركة في الدراسة: “قد تنشأ المضاعفات العصبية لـ “كوفيد-19″ من التأثيرات المباشرة للفيروس، ولكنها عادةً ما تكون انعكاساً لاستجابة الجهاز العصبي للعدوى.”
وأوضحت على سبيل المثال، أن انخفاض مستويات الأكسجين، وهو أمر شائع لدى مرضى “كوفيد-19″، يمكن أن يتسبب في اعتلال أو تلف في الدماغ قد يصبح دائما. أما أولئك الذين يعانون من حالات “كوفيد-19” الشديدة فقد يكون لديهم ارتفاع في بروتينات الإشارات المناعية المسماة السيتوكينات، والتي يمكن أن تسبب تغيراً في الوعي مع آثار تستمر لأشهر، إن لم يكن أطول، بعد الإصابة الأولية.
أشارت أفيتزور بأن الدراسة في مركز بوسطن الطبي قد قامت بتحليل مرضى الأعصاب أثناء دخولهم المستشفى أو قبل 30 يوماً من دخولهم، لذلك يلزم إجراء بحث مستقبلي لتقييم العواقب طويلة المدى لهذه الآثار على الناجين من “كوفيد-19”.
الاضطرابات التي تغيرك كشخص
من بين 64 ناجياً يعانون من مضاعفات عصبية وخرجوا من المستشفى في دراسة بوسطن، عاد 27 إلى منازلهم، احتاج حوالي 20 مريضاً إلى رعاية مستمرة في مرافق التمريض المتخصصة من بينهم 11 مريضاً كانوا يعيشون في المنزل قبل دخول المستشفى، تم إرسال 9 آخرين إلى مراكز إعادة التأهيل، احتاج 3 إلى الرعاية الدقيقة في المستشفيات لمدة طويلة، ودخل 5 مرضى دور رعاية المسنين.
قالت أناند: “عانى الكثير من المرضى من مضاعفات مرضية خطيرة بسبب كوفيد بشكل منهجي. رحلة الناس لا تنتهي عندما يغادرون المستشفى.”
ومن غير الواضح إلى متى قد تستمر هذه التغييرات في حياتهم.
أضافت: “بخلاف مسألة البقاء أو عدم البقاء على قيد الحياة، هناك هذا النوع من المنطقة الرمادية الشاسعة حول متى يمكنك أن تكون الشخص الذي كنت عليه قبل أن تمرض؟.”
من غير الواضح ما إذا كان البعض سيستعيدون حياتهم كما عرفوها مرة أخرى.