رغم المحاولات المتكررة للفت انتباه الدبّ “لوز” في محمية المأوى للطبيعة والبرية في الأردن، إلا أن تلك المحاولات لم تفلح أمام جاذبية حبّات الكستناء التي قام بتذوقها للمرة الأولى ضمن برنامج غذائي شامل، ورعاية أفضل وأكثر استدامة له ولـ 34 حيواناً برياً ومفترسا غيره.
“لوز” وشقيقته “سكّر” من الدببة السوداء ذات الأصول الآسيوية، التي ألحقت بمحمية المأوى في عام 2017، بعد إنقاذهما مع مجموعة حيوانات برية وصلت إلى المحمية، أنهكتها ظروف الحرب في حديقة حيوانات”ماجيك وورلد” بمدينة حلب السورية، وهما بعمر 8 سنوات، بحسب ما ذكره أحمد أبو مصبّح، أحد العاملين في المحمية.
وتأسست محمية المأوى عام 2011 في منطقة الحمّر في العاصمة عمّان كشراكة بين مؤسسة الأميرة عالية الحسين ومنظمة “Four Paws” النمساوية، قبل اعتماد منطقة المنارة في جرش رسمياً، وفتحت أبوابها للجمهور أواخر 2018، بحسب ما قاله مدير الموقع المهندس مصطفى خريسات،
المحمية التي تعتبر الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لخريسات، مخصصة لإيواء الحيوانات البرية، التي يتم إنقاذها من مناطق الحروب أو المهرّبة عبر الحدود، أو المعرّضة لسوء المعاملة في حدائق الحيوان، إذ تخضع للعلاج وإعادة التأهيل في بيئة تحاكي البيئة الطبيعية الأم في المحمية التي تبلغ مساحتها 1.1 كيلومتر مربع.
ويقول خريسات “المحمية تأسست لحماية الموقع الحيوي الطبيعي بالأصل، وهي من آخر الغابات المتبقية بهذه الكثافة في البلاد، وتم اعتمادها لاحقا كمأوى للحيوانات المحلية المصادرة في تجارة غير شرعية، والمعرضة للجوع وسوء المعاملة في حدائق الحيوان أو الحيوانات الأصيلة المحلية التي يمنع عرضها في حدائق الحيوانات”.
وتحمل كل قصة إيواء حكاية مؤثرة بحسب خريسات، لـ34 حيوانا بينها “23 أسدا و2 من النمور البنغالية و2 من الضّباع و2 من الدببة الآسيوية و5 دببة بنية “، بينما استقبلت المحمية آخر 13 حيواناً من أصل 230 كانت في حديقة حلب، بعد أن مكثت 45 يوماً دون طعام ورعاية.
وتمر عملية إعادة التأهيل للحيوانات المفترسة قبل إطلاقها في المحمية، بمراحل صعبة وطويلة، كما حصل مع الأسد “سلطان” برفقة زوجته اللبؤة صابرين، إذ أُنقذا من مدينة غزّة في عام 2014 بعد معاناتهما من حالة سيئة جدا، تخللها تمزيق “سلطان” أسلاك السياح المكهرب عدة مرات، قبل أن تستقر حالته.
وكانت الدبّة “لولا” القادمة من حديقة حيوانات الموصل، وتبدو عليها الألفة رغم الخمول في وضح النهار، من الحيوانات التي أعيد تأهيلها ودمجها في 2018 ، فيما حاولنا مشاهدة الدب “”بالو” الذي كان من أول الحيوانات في المحمية في عام 2011، إلا أنه كان في قيلولة، بعد معاناة من العزلة والانطواء والإهمال. كما بدت الدببة الإخوة “أيسو وهادي وشجاع” في حالة تآلف مع المأوى واندماج مع المكان.
وتخضع حيوانات المحمية إلى بروتوكولات خاصة، إذ يتم دمج بعضها لتعيش ضمن قبيلة كالأسود حسب اختلافات العمر، والجنس، والوضع الصحي، والسلوك، كما لا يسمح لزوار المحمية بالتجول دون مرافقة المرشدين لمنع أي محاولات لاستفزاز الحيوانات أو إطعامها.
ولا يمكن للزائر أن يغادر المأوى، قبل أن يتّعرف إلى اثنين من النمور البنغالية “سكاي وشقيقتها تاش” وأنقذتا في 2013 خلال عملية تهريب عبر الحدود الأردنية السعودية، وعمرهما 3 أشهر، بعد أن ضبطتا بصندوق السيارة بحالة مأساوية، وتعيشان اليوم بسلام.
ويجري رفد المحمية بعدة مرافق جديدة وبرامج، لتكون وجهة للسياحة البيئية في شمال الأردن، وتخصيص غرف فندقية بمواصفات بيئية ومشاريع إنتاجية من المجتمع المحلي في جرش، مثل “بيت خيرات سوف”.