“التكنولوجيا الخضراء تعطي الفرصة لتحويل القوة والخبرة في مجال التكنولوجيا الأحفورية إلى اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي”..هذا ما قاله الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “KAUST”، ماني ساراثي في مقابلة، حول قدرة التكنولوجيا الخضراء على تغيير قواعد اللعبة في دول الخليج.
وبلغت الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة قيمة 288.9 مليار دولار في عام 2018، وفقاً لبيان صحفي نُشر على الموقع الرسمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في يونيو/حزيران 2019.
وبدأت الحكومات تستثمر في مشاريع تسعى لمستقبل أنظف، وقد يكون أحد أبرزها مشروع “نيوم” في المملكة العربية السعودية، والذي تبلغ كلفته 500 مليار دولار.
تقنية رائدة لتحلية المياه في “نيوم” بالسعودية
وبتاريخ 29 يناير/كانون الثاني من عام 2020، أعلنت شركة “نيوم” أنها ستعتمد على تقنية رائدة للطاقة الشمسية لإنتاج مياه عذبة نظيفة، ومنخفضة التكلفة، وصديقة للبيئة، عن طريق توقيع اتفاقية مع شركة “سولار واتر المحدودة” التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، وذلك وفقاً للموقع الرسمي لوكالة الأنباء السعودية “واس”.
وتبني الشركة حالياً “أول محطة لتحلية المياه بتقنية القبة الشمسية في شمال غرب البلاد”، ومن المتوقع اكتمالها في منتصف عام 2021.
وفي مقابلة، قال الرئيس التنفيذي لشركة “سولار واتر”، ديفيد ريفلي، إن المشروع عبارة عن “قدر فولاذي مدفون تحت الأرض، ومغطى بقبة. ولذلك، هو يبدو مثل كرة”.
وتعمل عاكسات “هيلوستات” والتي تُحيط بالقبة الزجاجية، على تركيز الإشعاع الشمسي حول القبة، وتنتقل السخونة إلى مياه البحر بعد تدفقها إلى الداخل لتتبخر وتتكثف كمياه عذبة.
ومقارنةً بتقنية التناضح العكسي التي تُستخدم لتحلية المياه، قال ريفلي إن تقنية القبة الشمسية تُعد أفضل بيئياً، لأنها لا تحتاج إلى استخدام أليافاً ملوِّثة تستغرق 400 عام لتتحلل.
وأوضح ريفلي أن هذه التقنية تتميز بإمكانية بنائها بشكل أسرع وأرخص، بالإضافة إلى كونها محايدة كربونياً.
وفيما يخص توفير المياه العذبة، أشار ريفلي إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء يُعد أمراً مهماً في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط بسبب محدودية كمية هطول الأمطار، وانعدام مصادر المياه العذبة، مثل البحيرات والأنهار.
ومن جانب آخر، تتمتع هذه المناطق أيضاَ بوفرة المصادر الطبيعية، بفضل المسطحات المائية التي تُحيط بها، وضوء الشمس الذي يتوفر لحوالي 10 ساعات يومياً، وكلها عناصر يمكن استغلالها لتوفير حلول أفضل بيئياً.
“بيئة مثالية” لتطوير حلول التكنولوجيا الخضراء
وتمتلك التكنولوجيا الخضراء القدرة على حل التحديات الرئيسية التي نواجهها حالياً لدى الاستخدام المستدام للطاقة، والمياه العذبة، والموارد الغذائية.
وقال ساراثي والذي تشمل اهتماماته البحثية تطوير تقنيات الطاقة المستدامة مع الحد من مجمل تأثيرها على البيئة إن أنظمة التكنولوجيا الخضراء “تنتج المياه العذبة باستخدام الطاقة المتجددة، وبدون إطلاق النفايات إلى البيئة”.
وأوضح ساراثي أن أحد الأسباب وراء زيادة الاهتمام بالتكنولوجيا الخضراء في دول مجلس التعاون الخليجي، يرتبط باعتماد المنطقة “بشكل كبير” على المياه العذبة الناتجة عن تحلية المياه، وهي عملية “تستهلك حالياً الكثير من الطاقة”.
وأشار ساراثي، الذي يشغل أيضاً منصب المدير الأول للتكنولوجيا والابتكار في “نيوم” للهيدروجين والوقود الأخضر إلى إن المنطقة تستطيع أن تقود الابتكار العالمي في مجال التكنولوجيا الخضراء، مضيفاً: “يوفر وصولنا إلى الموارد الطبيعية، والأمن المالي، والشركات، والمعاهد البحثية الرائدة، بيئة مثالية لتطوير حلول التكنولوجيا الخضراء”.