رأي.. بشار جرار يكتب عن حدود الإمارات الجديدة: مسبار الأمل.. بوصلة مسيرة

أسارع فأقول الحدود هنا بمعنى الواجهة “فرونتييرز” لا “البوردرز”. المريخ ما هو إلا بداية نهاية المستحيل على واجهة الفضاء. الهدف المقبل كما أعلن قادة الإمارات محمد بن زايد ومحمد بن راشد هو القمر وعطارد والمشتري. رحم الله الشيخ زايد مؤسس وباني هذا البنيان الذي أحسن توظيف مقدرات بلاده واستثمر في الإنسان عماد كل عمران. 

حتى الحلم بحاجة إلى قرار. هذا كون محكم الخلق وناموسه مطلق الحكمة وقوانينه واضعها “ضابط الكل” سبحانه. ما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق كخامس دولة في العالم، بالأموال وحدها فهناك الكثير -من الداني والقاصي- الذي يملك مقومات مادية أكبر، لكن العبرة في البوصلة التي استرشد بها صناع القرار. لا تصل مسيرة إلى مبتغاها دون بوصلة تشير بوضوح إلى الوجهة “ديستينيشين” التي ستحدد فيما ستكون الواجهة “فرونتيير”.

من لطيف ما خرجت به الصحافة العالمية حول ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة، ما تصدر صحيفة الليبراسيون الفرنسية بالإشارة إلى أسماء ثلاث دول وجهتها مدار المريخ الشهر الجاري: مسبار الأمل الإماراتي، مسبار “بيرسيفيرانس” الأمريكي (يصل في ١٨، ومسبار “تيان وين ١” الصيني (وصل في العاشر من فبراير/شباط). بالعربية، اختار الصينيون لمسبارهم الأول اسم “القصر الفضائي أو قصر الجنة!”. وكالة ناسا الأمريكية للفضاء (ناسا) اختارت اسما يعلي قيمة أخلاقية سلوكية وهي المثابرة. أما الإمارات التي وصلت أولا في التاسع من الشهر الجاري، فاختارت معنى “الأمل” واجهة لا حدود لها.

وكأي إنجاز، من الطبيعي أن يكون أول المحتفلين به أصحابه. لكن الختم الأحمر الذي وضعته مطارات الإمارات على جوازات سفر الزائرين من مختلف دول العالم حمل عبارة: وصلت إلى الإمارات والإمارات وصلت إلى المريخ. فخر مستحق رافقه الكثير من التصريحات الرسمية المرحبة من الدول الصديقة، من بينها الخارجية الأمريكية وناسا التي استخدم فيها موقعها عبر التواصل الاجتماعي بيت شعر للمتنبي: إذا غامرت في شرف مروم، فلا تقنع بما دون النجوم.

في المقابل، شكّل الإنجاز فرصة للتسييس، وتلك مسألة لا مناص منها على وقع التناقض الصارخ بين حال دول تربطها روابط الأخوة والجيرة، لكن شتان بين أوضاعها السياسية والاقتصادية لأسباب عدة لا مجال للخوض فيها الآن وهي لا تخفى على أحد. أتوقف فقط عند تغريدات صدرت عن حسابات لمواطنين لبنانيين فُجعوا باغتيال الصحفي والناشط اللبناني الشيعي المناهض لحزب الله، لقمان سليم. لبنان التي لديها جالية كبيرة في الإمارات عاشت فرح الإنجاز كبارقة أمل بأن لا مستحيل ما دامت البوصلة مصانة.

كمتابع لحساب مدير شرطة دبي السابق ضاحي خلفان تميم عبر تويتر، استوقفتني إشارته إلى الاعتزاز بأن “٣٥-٤٠٪ من صناع مشروع مسبار الأمل كانوا تأسيس شرطة دبي”. حقا لا تنمية دون أمن، ولا أمن دون عدل وسلام ومحبة، وتلك لا ريب قصة النجاح في فضائنا الداخلي قبل أن يكون عبر الفضاء الرحب من حولنا.

عن sherin

شاهد أيضاً

من “بطل منتصر” إلى سلسلة من النتائج السيئة.. إليك كيف انحدر مانشستر سيتي

 قبل 7 أشهر، لم تظهر أي علامات على تراجع هيمنة مانشستر سيتي، فقد كان لاعبو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *