تزخر مدينة الإسكندرية في مصر بالعديد من الآثار الباقية، والتي تحمل بين ثناياها عبق التاريخ عند زيارتها ومشاهدتها، ومن بين أهمها مقابر كوم الشقافة من العصر الروماني.
وتقع هذه المقابر الأثرية بمنطقة “كوم الشقافة” في حي “كرموز” غرب الإسكندرية، وسُميت المنطقة بهذا الإسم بسبب كثرة البقايا الفخارية التي كانت تتراكم في هذا المكان، بحسب ما ذُكر على الموقع الرسمي لوزارة الآثار المصرية.
ويعود تاريخ مقابر كوم الشقافة إلى الفترة ما بين القرنين الأول والثاني الميلادي، وفقاً لموقع وزارة الآثار المصرية.
واكتُشفت مقابر كوم الشقافة بمحض الصدفة في سبتمبر/ أيلول عام 1900، عندما وقع حمار في حفرة تحت الأرض، لتصبح أكبر مواقع الدفن الرومانية المعروفة في مصر، وفقاً لموقع “اكتشف مصر”.
وتضم المقابر الأثرية سلم حلزوني يؤدي إلى ثلاث مستويات منحوتة في الصخر، بعمق حوالي 20 متراً، تحت سطح الأرض، بحسب موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.
وتحتوي هذه المقابر الأثرية على توابيت مزينة بأكاليل من أوراق العنب، وعناقيد العنب، ورؤوس الميدوسا، بالإضافة إلى اللوكلي، أي نيشات صغيرة الدفن مستطيلة ومنحوتة في الجدران المستخدمة في الدفنات، وكذلك نيشات أخرى مربعة صغيرة منفذة في الجدران، حيث تم وضع الأواني التي تحتوي على بقايا آدمية.
ويوضح المصور المصري عمر الديابي، أنه قرر زيارة مقابر كوم الشقافة بالإسكندرية، لتوثيق تلك الحقبة الزمنية المهمة من التاريخ الروماني في مصر، واكتشاف حقيقة تفكير الأشخاص في هذه الفترة عن الموت والحياة الأخرى، وكذلك مدى التداخل بين حضارتين قديمتين في مكان واحد.
ويرى الديابي أن أهمية هذا الموقع الأثري تتمثل في أنه نموذج لمقابر “الكتا كومب”، وهو اسم يطلق على المقابر المحفورة تحت سطح الأرض، وانتشر هذا النوع من المقابر في القرون الثلاثة الأولى الميلادية.
ويشير الديابي إلى أن هذه المقابر الأثرية، التي تشبه في طرازها مقابر “الكتا كومب” المسيحية في روما، تضم الفنون والعمارة الفرعونية، واليونانية، والرومانية، والعديد من تفاصيل الطقوس الدينية.
ويصف الديابي المشاعر التي تملكته لحظة نزوله إلى المقابر الأثرية بالدهشة والخوف النسبي لما شاهده من نقوش تصور المناظر المصرية القديمة بين ممرات مقابر كوم الشقافة، وهو مشهد مثير للفضول والتساؤلات لمعرفة كل ما يخص هذه المقابر، وكيف تم دفن الموتى بها.
وخلال الجولة، استطاع الديابي التعرف إلى العادات الجنائزية مثل تجمع أهل المتوفي في يوم من كل أسبوع، وقضاء يوم بالمقبرة، وزيادة المتوفي خوفا من الإحساس بالوحدة، وأيضاً الإيمان بأن الروح تعود مرة أخرى من العالم الآخر لتلتقي بأحبائها.
وينصح الديابي من يرغب في زيارتها بمرافقة أحد المتخصصين للحصول على استفادة حول تاريخ هذا النموذج الفريد من المقابر الأثرية.