تحقيق استقصائي .. كيف تحوّل احتفال ديني إلى مذبحة دموية في إثيوبيا؟

اتهم زعيم إقليم تيغراي المخلوع الحكومة الفيدرالية وحلفائها الإريتريين بارتكاب “إبادة جماعية” وجرائم أخرى ضد الإنسانية في الإقليم، داعيًا الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى تصعيد الضغط على “القوات الغازية”.

وفي مقابلة نادرة وحصرية مع شبكة CNN، دعا رئيس جبهة تحرير شعب تيغراي، ديبريتسيون جبريميكل، إلى إجراء تحقيق مستقل في عمليات القتل والاغتصاب والعنف المزعومة، بما في ذلك تلك التي تم الكشف عنها في تحقيق أجرته شبكتنا، الجمعة، الأسبوع الماضي.

وقال شهود عيان لشبكة CNN إن مجموعة من الجنود الإريتريين فتحت النار في نوفمبر الماضي على كنيسة مريام دينغيلات في قرية دينغيلات شرقي تيغراي، بينما كان المئات من الأشخاص يحتفلون بالقداس. وأضاف شهود العيان إن العشرات لقوا حتفهم على مدى 3 أيام من الفوضى، حيث قتل الجنود السكان المحليين والنازحين والحجاج.

تمكنت CNN من التحقق من هوية أكثر من 50 شخصاً ممن لقوا حتفهم هناك في غضون 3 أيام. لكن قد يكون هناك أكثر من ضعفي ذلك العدد. هذه قصة قرية واحدة، لكن العائلات في تيغراي شاركوا صور أحبائهم مع CNN ممن قالوا إنهم قُتلوا في العنف عبر الإقليم. لكن قبل أن نتمكن من إخباركم بما حدث، يجب أن نشرح ما كان يحدث منذ بداية نوفمبر العام الماضي.

لقد كانت سنوات عصيبة لإثيوبيا، إذ أن حزب “جبهة تحرير شعب تيغراي” حكم لقرابة 30 عاماً، إلى أن دفعت المظاهرات بأبي أحمد إلى السلطة في عام 2018. بعد تقديمه كإصلاحي، فاز أبي أحمد بجائزة نوبل للسلام لإنهائه عقوداً من العنف مع الجارة إريتريا. لكن الآن، فإن أبي وشريكه في السلام يوماً، رئيس إريتريا أسياس أفورغي، متهمان بالعمل سوياً مرة أخرى.

وقال شهود عيان لـCNN إن القوات الإريترية تدعم نظيرتها الإثيوبية في معركتهم في تيغراي. قالوا إنهم تعرفوا على زيهم ولهجتهم. نفت أثيوبيا عبور القوات الإريترية إلى الإقليم. لكن في يناير، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها استلمت تقارير موثوقة بتدخل القوات الإريترية في الصراع في تيغراي، وفي بيان لـCNN قالت: “يجب أن يتم سحب القوات الإريترية من تيغراي على الفور”. من جانبه، نفى أبي أحمد مقتل أي مدني خلال العمليات العسكرية.

وعبر روايات العشرات من شهود العيان، تمكنت CNN من إعادة خلق كيفية تكشف المذبحة في مريام دينغيلات. اخترنا 3 شهود عيان من مواقع مراقبة مختلفة، لتوضيح الرعب الكامل لما حدث في ذلك اليوم، العام الماضي.

بدأ اليوم سعيداً، كان ديستا يساعد في التحضير لقدوم مئات الحجاج الذين يأتون كل عام للاحتفال بعيد القديسة ماري. فجأة سمع دوي إطلاق نار، ورأى قواتاً إريترية تسد نقاط الدخول والخروج إلى ومن القرية. قام بالهروب. قال ديستا “انتقلت إلى المنطقة الجبلية، من بعيد، رأيتهم يأخذون الناس ويطلقون النار عليهم”.

أما مارتا وعائلتها، فكانوا عائدين من القداس عندما رأت أناساً يركضون. سارعت إلى المنزل، حيث واجهتها قوات إريترية. قالت مارتا “أتوا إلى منزلنا، بعدها طالبونا بالخروج. كان هناك الكثير من الجنود في الخارج، وكانوا يقولون: اخرجن، اخرجن يا عاهرات. قلنا: نحن مدنيات، وأظهرنا هوياتنا. لم يطرحوا علينا أي أسئلة، أطلقوا النار فقط”. إساياس وشقيقته وطفله سقطوا على الأرض، تعرضوا لإطلاق نار. زوج مارتا كان بجانبها، تعرض لإطلاق نار أيضاً. وفارق الحياة بعدها.

استمر القتل، وقال أناس لـCNN إن بعض الجثث بقت ملقاة لمدة 5 أيام. رفضت القوات السماح لهم بدفن القتلى رغم افتراس الضباع والنسور لها.

أبراهام، حافظ الذاكرة، لجأ إلى دينغيلات هربآً من الحرب والكوارث في مسقط رأسه، وكان يومها يساعد في تنظيف الكنيسة قبل الاحتفالات. بدلاً من ذلك، أصبح جزءاً من الفريق الذي ساعد في دفن القتلى، من بينهم 20 طالب مدرسة في قبر جماعي. وثق أبراهام وغيره أسماء الأطفال بأفضل ما يمكنهم، وواحداً تلواً الآخر، تم كشف القبور الضحلة، وأتت العائلات للتعرف على أطفالهم، بعضهم تعرض لتشويه كبير لدرجة أن هويتهم تم تحديدها فقط عبر ملابسهم.

استجابة لتقرير CNN، قالت وزارة الخارجية الأمريكية لـCNN إن تقارير حدوث مذبحة في مريام دينغيلات مقلقة للغاية وتستوجب تحقيقاً مستقلاً.

يذكر أن CNN قدمت هذه الاستنتاجات إلى حكومتي إثيوبيا وإريتريا، بجانب جبهة تحرير شعب تيغراي. ردت حكومة إثيوبيا ببيان عام قالت فيه “إنها ستستمر في جلب كل المتورطين إلى العدالة بعد تحقيق شامل في الجرائم المزعومة في الإقليم”. نفت جبهة تحرير شعب تيغراي وجود أياً من قوات تيغراي في دينغيلات في ذلك الوقت، بينما لم يقدم مسؤولو إريتريا أي رد.

عن sherin

شاهد أيضاً

“ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام”.. صورة ودوافع متوقعة للمشتبه به بهجوم الدهس بسوق عيد الميلاد بألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية أن السائق الذي صدم بسيارته سوقاً مزدحماً لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ الألمانية، مما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *