تبيع عشرات البلدات في إيطاليا مساكن مهجورة بأسعار زهيدة، مما يثير نوعاً جديداً من الاندفاع نحو الفرصة الذهبية، حيث يحاول المشترون من جميع أنحاء العالم الحصول على صفقة في قرى جميلة ونائية.
ويُنظر إلى الصفقة على أنها مربحة للجانبين، حيث تحصل المجتمعات المتحضرة على حياة جديدة، وفرصة جذب الاستثمارات مع عودة العقارات المتداعية إلى الحياة.
ولكن، لا يزال يتواجد خاسرون.
والآن، بدأت عائلات المالكين الأصليين لبعض المنازل المهجورة في التقدم للمطالبة بهذه الهياكل الحجرية القديمة، إذ قالوا إنه كان يجب التواصل معهم لإعلامهم بالمبيعات.
ومن بين أولئك الذين يتنازعون الآن على البيع المحتمل لمنزل عائلاتهم، إيطالية تُدعى جوزي فاكيني مقيمة في كندا.
وهاجرت كونسيليا سكابيلاتي، جدة فاكيني، إلى كندا في الخمسينيات من القرن الماضي، تاركةً خلفها منزلًا حجرياً صغيراً لطيفاً في المركز التاريخي لكاستروبينيانو في منطقة موليز الجنوبية بإيطاليا، وكانت العائلة تزوره بانتظام على مدار السنوات الماضية.
وبعد أن قرأت عن خطة كاستروبينيانو لتفريغ مخزونها السكني القديم، بدأت فاكيني تشعر بالقلق بشأن “الاستيلاء على الممتلكات” وقضت شهوراً تحاول، من بعيد، إعادة تأكيد مطالبتها بالمنزل الذي تركته جدتها منذ عقود.
وهي ليست الوحيدة، على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات المحلية للاتصال بأسر المالكين الأصليين، بينما يقول آخرون إنهم يخشون أيضاً فقدان منازل أجدادهم لأنهم يكافحون لتأكيد مطالبهم بسبب المسافة، والوقت، والمضاعفات القانونية.
غاضبة ومحبطة
وأوضحت فاكيني أنها سمعت عن خطط البيع، وتواصلت مع السلطات في أغسطس/ آب العام الماضي، ثم قرأت المقال الذي يفيد بأن رئيس البلدية أرسل إخطارات إلى الخارج، ولكن لم يتم إخطار أي أحد من عائلتها بذلك.
وأكدت فاكيني أنها أرسلت عدة رسائل بالبريد الإلكتروني، ورسالة مسجلة إلى نيكولا سكابيلاتي، عمدة قرية كاستروبينيانو، ولكنها لم تتلق أي رد.
وقالت فاكيني إنها غاضبة ومحبطة للغاية، مضيفة: “أود أن أرى المدينة تزدهر، وأن أساعد بأن أكون جزءاً من ذلك، ولكن من فضلك لا تسرق منزلنا منا”.
وبعد أن تلقت أخيراً رداً من رئيس البلدية بعد ثمانية أشهر من الانتظار، اتضح أنها بحاجة إلى تقديم سند ملكية، ومعلومات للتحقق من مطالبتها.
وعندما طلب منه التعليق على ادعاء فاكيني، أشار سكابيلاتي إلى أنه على مر السنين، كان من الممكن أن ينتقل المنزل إلى ملاك جدد خارج الأسرة، أو إلى ورثة آخرين، أو أقارب بعيدين.
ولدى فاكيني بعض أبناء العم في إيطاليا، الذين لم تلتق بهم من قبل.
كما أنه ليس من الغريب أن تتم المبيعات أو نقل الملكية بشكل غير رسمي في إيطاليا، وخاصة في المناطق الريفية، لتجنب دفع الضرائب، وفقاً لما ذكره سكابيلاتي.
وتقوم قرية كاستروبينيانو بإجراءات مختلفة، مقارنة بالأماكن الأخرى التي تبيع منازلها بقيمة يورو واحد.
ويُوجد في القرية نحو 100 مبنى مهجور، ولكن رئيس البلدية يقول إنه يريد التوفيق بين الأطراف المهتمة والمنزل المناسب لهم.
ويقول إنه يتحرك على مسارين متوازيين، حيث يتواصل مع المشترين المحتملين والمالكين القدامى في نفس الوقت، خطوة بخطوة، لضمان تلبية الطلب للعرض.
وبمجرد أن يتصل المشترون المهتمون بخطة مفصلة حول نوع المنزل الذي يرغبون فيه، يقول العمدة إنه يحاول الوصول إلى المالكين الأصليين بناءً على بيانات تسجيل الأراضي.
وبعد تلقي آلاف الرسائل عبر البريد الإلكتروني من المشترين المهتمين، يقول سكابيلاتي إنه حدد الشريحة الأولى من المنازل، وأرسل نحو 20 رسالة إلى المالكين الأصليين المنتشرين في جميع أنحاء العالم.
وأكد العمدة أنه سيصادر العقارات ويبيعها إلى مشترين جدد إذا لم يرد الملاك الأصليون في غضون إطار زمني معقول يوضح نواياهم لاستعادة المبنى أو تسليمه إلى السلطات.
كما أن الممتلكات متداعية وتشكل خطراً، بحسب ما ذكره سكابيلاتي.
ويجب على أي شخص يمتلك عقاراً في إيطاليا الحفاظ على صيانته، حتى لا تسبب حالته بضرر لأي شخص. وقد يؤدي عدم القيام بذلك إلى فرض غرامات والمصادرة، وإن كان ذلك في ظروف قصوى.
ومن جانبه أوضح إميليانو روسو، محامي العقارات والأستاذ المساعد في العقارات في كلية لويس للأعمال في روما: “بموجب القانون الإيطالي، يلتزم المالك أو الوريث بضمان الصيانة الواجبة للأصل في أي وقت من أجل منع أي ضرر يلحق بأطراف ثالثة”.
وأضاف روسو: “في حالة تعرضه لخطر الأضرار، فقد يخضع (المالك) لعقوبات إدارية من 154 يورو إلى 929 يورو (186 دولاراً إلى 1،122 دولاراً) ، وفي حالة وقوع أضرار حقيقية، فقد يخضع لعقوبة جنائية بالاعتقال”.
ونظراً لأن هذه القواعد تهدف إلى ضمان السلامة العامة، يمكن لرؤساء البلديات إصدار أمر قضائي يطلب من المالكين إجراء الإصلاحات، بحسب ما ذكره روسو.
ويضيف روسو أنه يمكن للسلطات المحلية ملاحقة المالكين من خلال المحاكم أو استخدام سلطاتها الخاصة لاسترداد تكلفة الصيانة أو حتى الاستيلاء على الممتلكات.
وأكد عمدة كاستروبينانو إنه أرسل إخطارات بشأن المشروع إلى البعثات الدبلوماسية الإيطالية في الخارج، بينما قالت فاكيني إن أيا من أفراد عائلتها لم يروا أي معلومات منشورة من قبل السفارة الإيطالية في كندا.
وتقول فاكيني إنها تريد معرفة ما يجب القيام به لاستعادة المنزل وهي على استعداد لدفع جميع الضرائب المستردة، ونفقات التجديد.
وتعتقد فاكيني أن الإستيلاء على الممتلكات، حتى لو تم التخلي عنها، دون إخطار أفراد العائلة بشكل صحيح بخطوات استعادتها، والسماح لعائلة أخرى بالحصول عليها، هو أمر غير مقبول.
ويضيف سكابيلاتي أن ورثة عائلتين مهاجرتين أخريين في كندا والأرجنتين على اتصال أيضاً لمعرفة مصير منزل أجدادهم.
وأنشأت بلدة موسوميلي في صقلية وكالة للتنسيق بين المشترين القدامى والجدد، وقد نجحت حتى الآن في بيع مئات المنازل الرخيصة، وفقاً لنائب رئيس البلدية توتي نيجريلي.
ويقول نيجريلي إن عائلة واحدة على الأقل من الأرجنتين، حيث هاجر العديد من السكان المحليين في العقود الماضية، تواصلت للاستفسار عن منزل عائلي قديم محتمل والمطالبة به.