لدى لقاحات فيروس كورونا المختلفة التي يتم توزيعها حالياً حول العالم القدرة على إنهاء أسوأ جائحة شهدتها البشرية منذ قرن.. ولكن، في المقابل تعني أيضاً مبيعات بمئات المليارات من الدولارات لشركات الأدوية التي تصنعها.
ورغم تسعيرها عند أقل من 20 دولاراً للجرعة الواحدة، تتوقع شركة “فايزر” أن تصل مبيعات اللقاح الذي طورته بالتعاون مع شركة “بيو إن تيك” إلى حوالي 15 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، بهامش ربح يقارب 30٪.
ولا تعد اللقاحات عادة أكثر المنتجات ربحية لشركات الأدوية الكبرى، خاصة عند مقارنتها بالأدوية المستخدمة لعلاج الحالات المزمنة.
يقول سيموس فيرنانديز، المدير الإداري الأول في “غوغنهايم للأوراق المالية” إن “لقاحات الإنفلونزا تعد تجارة ذات هامش أقل”، مضيفاً أنه هناك بالطبع استثناءات، بما في ذلك لقاح “بريفنار” الذي يحمي كبار السن من التهاب المكورات الرئوية، والذي يصفه فيرنانديز بأنه “مربح للغاية” لشركة “فايزر”، ومن المرجح أن يكون لقاح “كوفيد” الذي تنتجه الشركة المصنعة للأدوية مصدر دخل أكبر حتى.
وكان تطوير اللقاحات أشبه بمقامرة لجميع الشركات التي خاضت التجربة، حتى مع قبول معظم صانعي الأدوية المنح الحكومية.
يقول فرنانديز إنه “كان من الممكن أن تكون تجارة مروعة لو فشل اللقاح. من الواضح أنه بالنسبة لشركة فايزر وموديرنا وجونسون أند جونسون، فإنه نجح بشكل مذهل”.
ورغم أن شركة “جونسون أند جونسون” قالت إنها ستوفر اللقاح على أساس غير هادف للربح طالما استمر العالم في المعاناة من الوباء، فإن هذا لا يعني أن الشركة لن تجني المال من ذلك. ويعود ذلك إلى وجود افتراض بين الخبراء والمديرين التنفيذيين في شركات الأدوية أنه حتى بعد مرور الوباء، سيحتاج الناس إلى تلقي جرعات معززة لحماية أنفسهم من المتغيرات الجديدة.
يقول ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذي لشركة “فايزر” في أحدث مكالمة له مع المحللين: “تحدث الطفرات الجينية بشكل طبيعي أثناء تكاثر الفيروس وانتشاره. هناك سيناريو محتمل بشكل متزايد عندما يصبح من الضروري في غضون السنوات القليلة المقبلة تعزيز المرضى الذين تم تطعيمهم ضد كوفيد 19 بلقاح يشفر المتغير”.
وسيعني ذلك المزيد من المبيعات، والمزيد من الأرباح، من اللقاح.
ودافع بورلا يوم الخميس عن أرباح شركة “فايزر” من اللقاح، حيث أشار إلى أنه في الدول الفقيرة التي لا تستطيع تحمل التكلفة البالغة أقل من 20 دولاراً للجرعة، يتم توفير اللقاح بسعر التكلفة. كما قال بورلا أيضاً إنه على عكس بعض الشركات الأخرى، لم تأخذ شركة “فايزر” أي من أموال دافعي الضرائب لتطوير لقاحها وتحمّلت جميع المخاطر باستثمار يتراوح بين مليار دولار وملياري دولار في البحث والتطوير.
في مقابلة يوم الخميس على قناة CNBC، قال بورلا إن “القيمة التي يجلبها اللقاح إلى العالم أعلى بكثير من سعره، ليس فقط من ناحية القيمة الصحية، بل القيمة الاقتصادية هائلة. الثمن لجميع الأمريكيين مجاني في الوقت الحالي، وثمن الحكومة هو جزء ضئيل مما يكتسبه الاقتصاد”.
ولكن، رغم المبالغ المالية الكبيرة التي من المحتمل أن تجلبها لقاحات “كوفيد”، إلّا أنها ببساطة لا تغير قواعد اللعبة بالنسبة للعديد من شركات الأدوية الكبرى.
على سبيل المثال تتوقع شركة “فايزر”، أن تتراوح عائداتها للعام 2021 بين 44 مليار دولار و46 مليار دولار، بأرباح لا تقل عن 14 مليار دولار، دون احتساب أي ارتفاع في الإيرادات من لقاح “كوفيد” الخاص بها، مقارنة مع إيرادات بلغت 41.9 مليار دولار في 2020.
وقد قدمت الحكومات في جميع أنحاء العالم طلبات للحصول على 18 مليار جرعة من اللقاحات المختلفة منذ أواخر العام الماضي وحتى الآن هذا العام، وفقاً لتقديرات شركة “إيرفينيتي”، وهي شركة أبحاث مقرها لندن، أي ما يكفي لتطعيم كل فرد من حوالي الـ8 مليارات شخص على هذا الكوكب مرتين على الأقل.
ولكن سواء أضافت المليارات أو لا شيء إلى صافي أرباح الشركات الفردية، هناك شيء واحد واضح: اللقاحات تعد نعمة لم يسبق أن شهدت الصناعة مثلها من قبل.