لم يحمل المصور فايزان أحمد آلة تصوير في حياته قبل أن ينتقل إلى لاهور، إحدى أكبر مدن باكستان، في عام 2013.
ولكن الطالب البالغ من العمر 25 عاماً جعل من مهمته البحث عن أكبر عدد ممكن من كتب الفن وممارسة التصوير الفوتوغرافي إلى جانب محاضراته في جامعة بالمدينة، والعمل بإحدى مراكز الاتصال.
ومن قبيل الصدفة، أُطلق نظام “متروباص” في مدينة لاهور، الذي يعد أول نظام حافلات سريع في باكستان، وذلك في العام الذي وصل فيه أحمد، مما أتاح له فرصة السفر في جميع أنحاء المدينة بسهولة وبتكلفة معقولة.
وبعد أن أمضى ساعات طويلة في التنقل داخل وخارج الحافلات، بدأ أحمد يتحدث مع الركاب عن حياتهم.
وسرعان ما أصبح أحمد مفتوناً بقصصهم لدرجة أنه قرر توثيقها، وهي فكرة استوحاها من كتاب براندون ستانتون 2010، بعنوان “ناس نيويورك”.
وعندما جمع ما يكفي من المال لشراء كاميرته الأولى، شرع أحمد في تصوير الركاب الذين قابلهم، بالإضافة إلى تدوين القصص التي شاركوها معه.
ويعرض كتابه المصور المكون من 160 صفحة، والذي يحمل عنوان “لاهور بالمترو” تفاعلاته العديدة مع ركاب الحافلة. والذي تم إطلاقه في وقت سابق من هذا العام.
وقال أحمد لـ CNN: “كنت أستمع إلى قصص الناس وبدأت في التقاط الصور”.
وأوضح أحمد أن معظم هؤلاء الأشخاص ليسوا من لاهور، وكانوا كحاله يأتون إلى هنا بهدف التعليم أو لأهداف أخرى مختلفة.
ويلتقي أحمد بأشخاص من أماكن مختلفة من البلاد في كل مرة، كما أنه في بعض الأيام يلتقي بالسياح.
مشروع طموح
وعادة ما تبدأ رحلات أحمد في السادسة صباحاً، عندما يصل إلى محطة المترو المحلية الخاصة به في مستشفى “إتفاق”، ويشق طريقه إلى جامعة “University of Education”.
وفي الكتاب، يروي أحمد روتينه الصباحي بتفصيل كبير، ويصف الأنواع المختلفة من الأشخاص الذين التقى بهم، مثل عمال المصانع، وأطفال المدارس “مع صناديق الغداء الخاصة بهم معلقة على أكتافهم” والمحامين في طريقهم إلى محكمة لاهور العليا.
وبعد محاضراته، كان أحمد يتنقل على متن المتروباص الذي يغطي مساراً واحداً بطول 27 كيلومترا ويخدم 27 محطة مترو، في أوقات مختلفة من اليوم، ما جعله قادراً على الحصول على إحساس حقيقي بالعدد الهائل من الركاب من كل الأعمار الذين يستخدمون الحافلة كل يوم.
وبدأ المشروع كسلسلة من المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بعد التقاط مئات الصور والقصص، أدرك أحمد أن لديه ما يكفي من المواد لإنتاج كتاب مصور خاص به، وبدأ في تجميع “لاهور بالمترو”.
وبينما رفض بعض الركاب التقاط أي صور لهم، وبعضهم كان غير مرتاح للانفتاح أمام شخص غريب، يقول أحمد إن الغالبية العظمى كانوا يشعرون بالسعادة للتحدث معه.
وأشار أحمد إلى أنه غالباً ما يتفاجأ بمدى استعداد الناس وصدقهم عند سرد قصصهم، مضيفاً: “أحياناً كانت القصص طويلة جداً ومثيرة للاهتمام لدرجة أنني أفوت وجهتي وينتهي بي الأمر بالسفر معهم إلى أي مكان ينزلون فيه”.
وشعر أحمد أن من واجبه مشاركة قصص أشخاص “عاديين” مثله سافروا إلى لاهور بحثاً عن فرص أكبر، إذ شعر أن أصواتهم كانت مفقودة من التغطية السائدة للمدينة، على حد تعبيره.
وأوضح قائلاً: “يتعلق الأمر بقول الناس الحقيقة عن أنفسهم وحقيقة باكستان”، مضيفاً “أنا أستخدم كلماتهم فقط بدلاً من كلماتي”.
قصص مؤثرة
ويحتوي كتاب “لاهور بالمترو” على عدد من القصص المؤثرة بما في ذلك قصة عاملة في محطة مترو انتقلت إلى لاهور بعد أن طلقها زوجها، وعملت في مناوبات عمل طويلة لكسب ما يكفي من المال للحصول على حضانة أبنائها الثلاثة.
ويعيش أطفال المرأة المجهولة الهوية معها الآن في المدينة، وتستخدم أجرها من العمل في المحطة لإعالتهم، وسداد مصاريف تعليمهم.
ويشارك أحمد أيضاً قصة سائق عربة “ريكشا” وهو مسلم في الأربعينيات من عمره، يتذكر الرفض الذي واجهه بعد أن وقع في حب امرأة مسيحية.
وكافح الزوجان لإنجاح علاقتهما، وهما يعيشان بسعادة الآن، ويسافران معاً على متن المتروباص.
وقال أحمد: “قد لا تجد هذه القصص على شاشات التلفاز خلال أوقات الذروة، ولكنها ذات مغزى وجميلة”.
ومثل العديد من أولئك الذين ظهروا في مترو لاهور، الذي يحتوي على أقل من 250 طابقًا، لم يسافر أحمد مطلقًا في حافلة حديثة قبل وصوله إلى لاهور.
كما التقط أحمد صوراً للمعالم السياحية بالقرب من محطات المترو، بما في ذلك زينة عيد الميلاد في يوهان آباد، إحدى المناطق المسيحية في لاهور واحتفالات بمناسبة ذكرى وفاة القديس الصوفي داتا غانج باكش.