عند التخطيط للعمل على منحوتة فنية، سيجهز المرء المواد التي قد يحتاج إليها، مثل الخشب، أو الرخام، ومختلف الأدوات المطلوبة. ولكن، لم ينطبق ذلك على هذا الفنان الذي تلقى مساعدة من 60 ألف نحلة لصنع منحوتة ساحرة.
وكان توماس ليبرتيني، مهتماً بالعمل مع شمع العسل لأن فكرة الزوال، والطبيعة المؤقتة للأشياء كانت جذابة جداً بالنسبة له.
ونتج من اهتمامه منحوتة ساحرة مصنوعة من شمع العسل الطبيعي للملكة المصرية الشهيرة نفرتيتي.
جيش من 60 ألف نحلة
وفي مقابلة قال ليبرتيني: “أردت توسيع نطاق ما هو ممكن عندما يأتي الأمر لصنع الفن عن طريق إبعاد نفسي عن المطرقة والإزميل”.
ونتج عن ميوله تجاه الطبيعة منحوتة مُبهرة للملكة المصرية نفرتيتي تُدعى “Eternity”، أي “الخلود”.
وصنع هذا العمل الفني بالتعاون مع 60 ألف نحلة قامت بتشكيل المنحوتة باستخدام أقراص شمع العسل حول إطار معقد.
لم اختار نفرتيتي؟
واختار ليبرتيني صنع منحوتة للملكة المصرية نفرتيتي لأنه أراد تجسيد ملكة رمزية لمستعمرة النحل، وقال: “لا توجد الكثير من النساء في التاريخ ترتبط شهرتهن ووجوههن بأسمائهن”.
وكانت نفرتيتي من أقوى النساء في مصر القديمة، وتمتعت بمنزلة رفيعة أثناء فترة حكم زوجها الفرعون أمنوفيس الرابع، المعروف باسم إخناتون، وفقاً لما ذكره الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات في مصر عبر الإنترنت.
وساندت نفرتيتي زوجها أثناء ثورته الدينية، والإجتماعية، بحسب الموقع، وتمتعت بسلطة واسعة ليس لها مثيل فى قيادة البلاد.
ويُعتبر شمع العسل الطبيعي من أكثر المواد الطبيعية متانة، ولذلك، “ستدوم هذه المنحوتة لألف عام بسهولة إذا احتُفظ بها في بيئة مناسبة. ومن هنا، جاء اسمها، أي الخلود”، بحسب ما قاله الفنان.
عملية معقدة
واستغرق ليبرتيني، الذي يعيش ويعمل حالياً في روتردام بهولندا، عامين لإكمال المنحوتة، وذلك عبر مرحلتين.
وفي البداية، عُرض العمل في متحف “Kunsthal” في روتردام صيف عام 2019 كتركيب فني حي، إذ أُتيحت للزوار فرصة مراقبة عملية بناء النحل لهذا العمل الفني.
واكتُمل العمل في المرحلة الثانية في عام 2020، وسط هدوء البرية في الريف السلوفاكي، ليتم عرضه وأخيراً في معرض “Rademakers Gallery” في أمستردام من ديسمبر/كانون الأول في 2020، حتى يناير/كانون الثاني من 2021.
وكان صنع المنحوتة أمراً معقداً للغاية، فلا يعمل النحل دائماً وفقاً للخطة الموجودة.
وأوضح ليبرتيني قائلاً: “كان علي التدخل بشكل منتظم في عملية البناء، والنمو، تماماً كما تفعل مع أشجار البونساي اليابانية المُصغرة”، مؤكداً أن “الصبر هو المفتاح”.
وتطلب العمل الفني الإهتمام بتوقعات الطقس، ومراقبتها، إذ تتمتع أنماط الطقس غير المنتظمة بنتائج عكسية جداً على صحة النحل بشكل عام.
ويتمنى الفنان أن يرى المزيد من الأشخاص المنحوتة بشكل شخصي، إذ لن توفر رؤيتها عبر الإنترنت فرصة شم الرائحة القوية للعسل الطازج، والشمع.
وستُشعرك الرائحة أنك تقف بجوار خلية نحل، وحديقة مليئة بالزهور.