يفترض بعض الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أنهم هم فقط، يجب أن يقلقوا بشأن تأثير تراكم الشحوم على القلب، ولكن الحقيقة هي أن الأشخاص النحيفين قد يعانون أيضاً من هذه الحالة التي قد تهدد حياتهم في بعض الأحيان.
وتزيد الدهون الزائدة والتي تتكون في الغشاء الشبيه بالجيب المحيط بالقلب (التأمور)، من خطر الإصابة بفشل القلب، عند النساء أكثر منها عند الرجال، بغض النظر عن وزن الشخص، وفقاً لبحث جديد نُشر في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب.
وقال مؤلف الدراسة الدكتور ساتيش كنشايا، الأستاذ المشارك في الطب وأمراض القلب في كلية إيكان للطب في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك: “نعلم أن السمنة تضاعف من خطر الإصابة بفشل القلب، ولكننا وجدنا أن زيادة الدهون في التأمور تزيد من هذا الخطر، بالإضافة إلى مخاطر الإصابة بقصور القلب المرتبطة بمؤشرات السمنة المعروفة، مثل مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر”.
وقال الدكتور جريج سي فونارو، أستاذ طب القلب والأوعية الدموية في جامعة كاليفورنيا، الذي لم يشارك في الدراسة: “هذه النتائج تسلط الضوء على أن الأنسجة الدهنية حول القلب قد تكون خطيرة بشكل خاص على صحة القلب”.
النحافة لا تعني صحة القلب
وذكرت الدراسة أن الحصول على وزن صحي للجسم لا يحمي بالضرورة الناس من تراكم الدهون حول القلب أو الضرر المرتبط به.
وضمت الدراسة 6،785 مشاركاً، موزعين بالتساوي تقريباً بين النساء والرجال.
وعانى المشاركون الذين يتمتعون بالنحافة والذين حددتهم الدراسة على أنهم يمتلكون مؤشر كتلة جسم أقل من 25، 10%، من كمية عالية من دهون التأمور.
وقفز هذا الرقم إلى نسبة 29% للأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن، أي أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم بين 25 وأقل من 30، ونسبة 55% للمجموعة المصنفة بالسمنة، أو المشاركين الذين لديهم مؤشر كتلة جسم يساوي أو يزيد عن 30.
ووجدت الدراسة أنه بغض النظر عن وزن الجسم، فكلما زادت كمية الدهون الموجودة في التأمور، زاد خطر الإصابة بفشل القلب.
وقال كنشايا: “لا يقتصر الأمر على الكمية الإجمالية للدهون في الجسم، بل الدهون المركزة والمخزنة حول القلب (المرتبط بفشل القلب)”.
ومن جانبها، قالت كريستين سميث، اختصاصية تغذية مسجلة ومنسقة برنامج جراحة السمنة في بيدمونت للرعاية الصحية في أتلانتا: “هناك الكثير لتقييم الصحة أكثر من معرفة وزن الجسم”.
وأضافت: “قد يكون لدى أي فرد مؤشر كتلة جسم طبيعي وفي الوقت ذاته لديه دهون مخزنة في أماكن في الجسم قد تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة وفشل القلب”.
وأشارت جولي ستيفانسكي، اختصاصية تغذية مسجلة ومتحدثة باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية إلى أن “هذه الدراسة هي مثال جيد عن سبب حاجة مقدمي الرعاية الصحية إلى التركيز على الحديث عن السلوكيات الصحية، وليس فقط وزن الجسم”.
كيف تقلل من فرص إصابتك بـ”القلب المتشحّم”؟
ويقول الخبراء إن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام هما أمران أساسيان لإدارة الدهون الزائدة في التأمور، ويمكن أن تساعد هذه العادات في منعها من التطور في المقام الأول.
وأوضح سميث، وهو أيضاً المتحدث باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية، “من المهم اتباع نظام غذائي صحي للقلب يركز على تناول الفاكهة، والخضار، والحبوب الكاملة الغنية بالألياف، والمأكولات البحرية، والمكسرات، والبقوليات والبذور، بالإضافة إلى تناول عدد قليل من الوجبات الخالية من اللحوم أسبوعياً، ودمج المأكولات البحرية الغنية بأوميجا 3 في وجبتين على الأقل أسبوعياً”.
وتقلّل التمارين الرياضية من إجمالي كمية الدهون في الجسم، بما في ذلك كمية الدهون حول القلب.
وأشار كنشايا إلى أن المقدار الكافي من الحركة يمكن أن يشمل المشي السريع لمدة تتراوح بين 30 دقيقة و45 دقيقة يومياً/ أو السير 10،000 خطوة يومياً لأكبر عدد ممكن من أيام الأسبوع.
وتوصي إرشادات النشاط البدني الحالية الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية بالحصول على 150 دقيقة على الأقل أسبوعياً من الأنشطة الهوائية معتدلة الشدة، مثل المشي السريع أو الرقص، أو ممارسة 75 دقيقة من الأنشطة الهوائية القوية مثل الركض، أو ركوب الدراجات.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن فقدان الوزن قد يقلل الدهون في التأمور، وقد تساعد هذه التخفيضات في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام.
وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة، والذين يجدون صعوبة في إنقاص الوزن من خلال تغيير النظام الغذائي وممارسة الرياضة، قد تساعد جراحة إنقاص الوزن على تقليل الدهون الكلية في الجسم وكذلك الدهون التأمور، وفقاً لما ذكره كنشايا.
كيف يصاب الناس بـ “القلب المتشحّم”؟
ويتمدد قلب الإنسان ليملأ حجراته بالدم وينقبض ليضخ الدم إلى باقي أجزاء الجسم.
وأوضح كنشايا أن دهون التأمور قد تنتشر في خلايا عضلة القلب، تلك التي تنقبض وتضغط على الدم أو تدخل الدهون بين هذه الخلايا، وتسبب تصلّب القلب واختلال المضخة.
وأضاف كنشايا أن دهون التأمور مرتبطة أيضاً باللويحات (الرواسب الدهنية) في الشرايين التاجية، مما قد يؤدي إلى نوبات قلبية، وبالتالي إلى قصور القلب.
واستبعدت الدراسة، التي تضمنت عينة تمثيلية على المستوى الوطني من حوالي 7،000 شخص تتراوح أعمارهم بين 45 و84 عاماً، أولئك المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية الموجودة مسبقاً والتحكم في عوامل الخطر غير القابلة للتعديل مثل العمر والعرق، بالإضافة إلى عوامل الخطر القابلة للتعديل مثل التدخين، والإفراط في استهلاك الكحول، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول، ومرض السكري.
ووجدت الدراسة أن دهون التأمور بشكل مستقل تزيد من خطر الإصابة بفشل القلب لدى النساء والرجال.
وقال فونارو: “الأهم من ذلك أن الدراسة تظهر أنه حتى لو تم حساب إجمالي دهون الجسم والسكري وعوامل أخرى لخطر الإصابة بفشل القلب، فلا يزال هناك خطر متزايد مرتبط بزيادة دهون التأمور”.
النساء أكثر عرضة لخطر الإصابة بفشل القلب
تميل النساء إلى أن يكون لديهن دهون غشاء أقل من الرجال، وفقاً للدراسة. ولكن النساء أكثر عرضة للإصابة بفشل القلب بسبب دهون التأمور مقارنة بالرجال، وكل 1.4 أونصة سائلة من الدهون حول الجزء العلوي إلى الجزء الأوسط من القلب تزيد من خطر الإصابة بقصور القلب بنسبة 44% لدى النساء و13% لدى الرجال، وفقاً لما وجده الباحثون.
أما النساء اللواتي لديهن كميات كبيرة من دهون التأمور، فيتعرضون لخطر الإصابة بقصور القلب بنسبة مضاعفة، بينما أن الرجال لديهم مخاطر أعلى بنسبة 50%.
وستحتاج الدراسات المستقبلية إلى توضيح تفسير الفروقات بين الجنسين، بحسب ما قاله كنشايا.
واستناداً إلى معايير التسجيل ونتائج الدراسة، يجب فحص جميع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و84 عاماً دون وجود أمراض قلبية وعائية سابقة للكشف عن حجم دهون التأمور الزائدة.
ولم يتم تحديد عدد المرات التي يجب فيها فحص الشخص، وفقاً لما ذكره كنشايا.
ويمكن تحديد مستوى الدهون في التأمور من خلال فحص التصوير المقطعي المحوسب، على غرار العملية المستخدمة في الدراسة.
وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من كمية عالية من الدهون، فمن المهم أن يقوموا بإجراء الفحوصات للأعراض التالية: ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، ومستوى الكوليسترول غير الطبيعي، وأي دليل على النوبات القلبية أو أمراض القلب التاجية.
وقال كنشايا: “في حالة وجود أي من هذه الأعراض، (يجب على مقدم الرعاية الصحية الخاص بك) التدخل فوراً”.
وأضاف فونارو أن “الحفاظ على ضغط الدم بالقرب من المعدل الطبيعي هو أمر فعال للغاية في الحد من مخاطر الإصابة بقصور القلب”.
ويُعد التحكم في نسبة السكر في الدم، وكذلك الحفاظ على مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية الطبيعية، أمراً أساسياً أيضاً، كما يُعد تجنب استخدام التبغ أمراً مهماً، وفقاً لما قاله ستيفانسكي.
وأضاف كنشايا: “ليست لدينا البيانات بعد، ولكننا نفترض أن تناول الطعام بشكل صحيح، والحفاظ على لياقتك، ووزنك الصحي، وتعديل عوامل الخطر عند وجودها، يمكن أن يمنع تراكم الدهون الزائدة حول القلب”.