يسافر بعض الأشخاص إلى إيران من أجل التعرف على تاريخها ومواقعها المدرجة ضمن لائحة التراث العالمي في منظمة “اليونيسكو”، والتي يبلغ عددها 24 موقعًا في البلاد. ويحرص آخرون على زيارة المواقع الثقافية، التي تعطيك نظرة على الطعام الرائع في البلاد والضيافة الأسطورية.
ولكن، تختلف اهتمامات توماس ويغمان قليلاً عن غيره، إذ أن أكثر ما يلفت انتباهه هو فنادق البلاد.
ويقول: “في إيران، ستجد مشهدًا رائعًا للفنادق، التي تجمع بين التصميم المعاصر والتراث الفارسي المميز، وهي تتزايد”.
وانبهر أخصائي التأمين السويسري جدًا بمشهد الفنادق، خلال زيارته الأولى للبلاد في عام 2019، إلى درجة أنه قرر تأليف كتاب عنها رغم قلة خبرته في مجال النشر.
ويُوضح ويغمان: “في رحلة العودة من طهران إلى زيورخ، كنت أبحث في غوغل عما إذا كان هناك كتاب مخصص للفنادق في إيران، وأدركت أنه لا يتوفر كتاب واحد”، مضيفاً: “فوجئت جدًا بالبلاد، وخاصة بفنادقها”.
ويشير ويغمان إلى أنها ليست فنادق من فئة 7 نجوم، بل عقارات صغيرة تديرها عائلات.
ويعرض كتاب “ليالي الفارسية” 16 من أفضل فنادق البوتيك بالبلاد، في مدن مثل طهران وشيراز.
ويُعد هذا الكتاب الأول باللغة الإنجليزية، والذي تم تخصيصه لمشهد الفنادق في البلاد، ما يعطي القراء لمحة عن مشهد التصميم المزدهر.
ويُذكر أن ويغمان قد عمل مع فريق إيراني، يتألف من المصور حامد فرهنجي والمصممين بوليت قهرمانيان ومهرداد مزاده، لإصدار هذا الكتاب.
التقاء القديم بالجديد
ويتألف فندق “جويبار”، في مدينة أصفهان، من سبع غرف تملكها المهندسة المعمارية طاهرة مختاربور وشريكها، مانوشهر بيفاند حيدري، الذي يدير استوديو “Pishan Architects” في طهران.
وجُدّد الفندق بعد أن كان مبنى يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، في أواخر عهد أسرة القاجار، حيث أصبح اليوم فندقاً أنيقًا وعصريًا.
وتُعد هذه الملكية خالية من البلاستيك، كما تستخدم الصابون العضوي المصنوع يدويًا وأحذية مصنوعة من القش بشكل يدوي في جنوب البلاد، بالإضافة إلى تقديم الأطعمة النباتية.
ويقول ويغمان: “هناك تراث قوي من المباني القديمة، لماذا يجب أن يشيدوا مبانٍ جديدة”، موضحاً أنها طريقة للاحتفاظ بهذه المباني.
وهناك أيضًا فندق “Hanna Boutique Hotel” في طهران، حيث يجذب متجره ومطعمه السكان المحليين، ما يجعله بحسب ما ذكره ويغمان بمثابة مكان ممتع للغاية للذهاب إليه.
ويُعد فندق “Darb-e Shazdeh” المكون من سبع غرف في شيراز، والذي تديره فارانك أسكري، من بين المعالم البارزة الأخرى. وأعيد هذا المنزل، الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، للحياة بجدرانه المطلية ومراياه الفخمة.
ويشير ويغمان إلى أن السينما الوحيدة في الهواء الطلق بإيران افتُتحت بجانبه، وهي مصنوعة من حاويات السفن.
وإلى جانب فنادق البلاد، يحتوي الكتاب على قسم خاص ببيوت الضيافة.
ويُعد “Howzak House” بمثابة أول نزل بيئي في أصفهان، ويقع بالقرب من مسجد الجامع المدرج ضمن قائمة “اليونيسكو”. ويدير هذا النزل اثنان من الشياب، وهما باباك ونسيم.
ويدير الثنائي ورش عمل لطباعة المنسوجات ولديهما دراجات للضيوف.
السفر وحيدًا
ولا تُعد الفنادق هي السبب الوحيد وراء زيارتك إلى إيران.
ويقول ويغمان إن إيران يجب أن تكون ضمن قائمة البلاد التي يجب على جميع الأشخاص زيارتها، موضحاً: “لقد كانت واحدة من عدد قليل من البلدان التي كنت مهتمًا بها حقًا لفترة طويلة”.
ويُذكر أن ويغمان قام بأول زيارة له بعد انفصاله عن زوجته، قائلًا: “كانت رحلتي الأولى بعد ذلك، وأردت أن أفعل شيئًا بنفسي”.
واستطاع ويغمان أن يتعرف على 8 فنادق في رحلته الأولى التي استغرقت 9 أيام. وكشخص باحث في تاريخ إيران، كانت حداثة البلاد بمثابة عنصر مفاجئ لويغمان.
ويقول: “كنت أتوقع بلدًا تقليدياً بشكل أكبر، لكنني كنت في حانات تقدم قهوة إسبريسو ومتاجر مثل أوروبا أو الولايات المتحدة، فاجأني ذلك.. لم أكن أتوقع رؤية ماكينة قهوة مارزوكو إيطالية أو محمصة قهوة بروبات الألمانية. وهناك صناعة إبداعية قوية”.
ويضيف ويغمان: “اكتشفت أن هناك الكثير من الحقائق، وأردت أن أستعرض ما عشته. هذا ما رأيته واستمتعت به”.
الحرية كسائح
وبالطبع، لا تُعد جميع القصص الصادرة عن إيران وردية. وينوه ويغمان إلى أن هذا الكتاب مخصص للفنادق، ولا يتناول المواضيع السياسية.
ويقول: “بالتأكيد، إنها ليست دولة حرة، فهناك حقائق مختلفة جدًا وقوة مختلفة”، لافتاً إلى أنها ليست كوريا الشمالية، لكنها أيضًا ليست الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.
وبصفته سائحًا، يُوضح ويغمان أنه شعر بالحرية الشديدة، قائلاً: “شعرت أنني أستطيع الذهاب إلى كل مكان، وكان مرحبًا بي في كل مكان وفي أي وقت. كنت أعود إلى المنزل في وقت متأخر من الليل باستخدام تطبيق خرائط غوغل، وكنت أشعر دائمًا بالأمان”، مضيفاً: “لديهم يخنات رائعة مطبوخة ببطء، والكثير من الأطباق النباتية، إنها ثقافة غنية جدًا من حيث تناول الطعام”.
ويقول ويغمان: “لقد عشت عامًا في البرازيل، لذلك فأنا معتاد جدًا على الانفتاح والثقافات الودية، لكنني أعتقد أن الإيرانيين يتمتعون بالود بشكل خاص”، مضيفًا أنه “لم يكن هناك أي ضغط عليه كسائح أيضًا”.
ويلفت إلى أن غالبية الزوار الآخرين كانوا من خلفيات أوروبية ويابانية، وبعضهم كان من السكان المحليين.
ويُذكر أن هناك حوالي ثلاثة ملايين حالة إصابة بـ”كوفيد-19″ في إيران، مع أكثر من 80 ألف حالة وفاة، كما تم تطعيم 0.49 ٪ فقط من السكان، وفقًا لجامعة جونز هوبكنز.
ويخطط ويغمان للعودة، عندما تُصبح الأمور أكثر إشراقًا، طامحاً إلى تنظيم حفل لإطلاق كتابه عن فنادق ايران.