هل تتمكن من التركيز؟ قد تكون إجابتك كلا. ومنذ أكثر من عقد، اكتشف علماء من جامعة هارفارد أننا نقضي حوالي نصف حياتنا اليقظة بعقول شاردة.
وقالت أستاذة علم النفس في جامعة ميامي، أميشي جها: “إذا لم ننتبه إلى اللحظة الحالية عند محاولة إنجاز شيء ما، فذلك مشكلة، سواءً كان الهدف هو قراءة كتاب، أو التحدث إلى شريك”.
وهنا يأتي دور اليقظة الذهنية، والتي تعود جذورها إلى التقاليد الروحية الشرقية.
وتحولت اليقظة الذهنية إلى ممارسة علمانية في الغرب، ويشمل المصطلح مجموعة من الممارسات التي تتضمن تمارين التنفس، والتأملات المُوَجَّهة، والمزيد من التدريبات الرسمية.
وأكدت جها قائلةً أنها “ترياق لشرود الذهن”.
وإليك 5 أسباب رائعة لبدء ممارسة اليقظة الذهنية اليوم:
1. الرغبة في صقل تركيزك
ويُعد التشتت المستمر أمراً مزعجاً. وعندما لا تهتم بما هو أمامك في تلك اللحظة، “ستكون هناك أخطاء، وسترتكب الأخطاء، ومن المحتمل أن يكون لديك ثغرات في الحكم”، وفقاً لما ذكرته جها، وهي مؤلفة الكتاب القادم “Peak Mind: Find Your Focus, Own Your Attention, Invest 12 Minutes a Day”، والذي يستكشف كيف يمكن لليقظة الذهنية تحسين التركيز والانتباه.
وتعمل جها مع العسكريين، والمستجيبين الأوائل، والذين تتطلب وظائفهم التركيز الشديد في المواقف العصيبة.
وقالت جها: “إذا كان لديك تشتت في الانتباه، فقد يشكل ذلك الفرق بين الحياة والموت”.
ويُشبه قضاء الوقت من أجل تحقيق اليقظة الذهنية بتقوية العضلات العقلية، وقد وجد مختبر جها نتائج إيجابية بعد 12 دقيقة فقط من الممارسة اليومية.
2. العيش مع ألم مزمن
ويعاني أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة من آلام مزمنة، وفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في عام 2019، وهي حالات تساهم في انتشار وباء المواد الأفيونية في البلاد.
وتُعد اليقظة الذهنية تقنية واعدة للتحكم بالأعراض، مع التقليل من استخدام العقاقير الموصوفة، وفقاً لما ذكره الأستاذ والعميد المشارك في كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة يوتا، إريك جارلاند.
وقال جارلاند: “يبدو أن ممارسة اليقظة الذهنية تساعد الأشخاص على التعامل مع الألم المزمن، وتقليل اعتمادهم المفرط على المواد الأفيونية”، ثم أضاف: “يمكن للتنفس اليقظ أن يقلل الألم على الفور بنسبة 23%”.
3. الرغبة بالنوم بشكل جيد
وإذا كنت تتقلب على فراشك طوال الليل، فقد تفيدك ممارسة اليقظة الذهنية، وذلك فقاً لتحليل من عام 2019 لـ18 دراسة.
وتتوفر مجموعة كبيرة من تأملات اليقظة الذهنية الخاصة بالنوم مجاناً عبر الإنترنت.
ويُعد “فحص الجسم”(body scan) أحد الأساليب الشائعة التي تفوقت على العلاج السلوكي المعرفي في تجربة من عام 2020 للمراهقين المصابين بالأرق.
4. الشعور بآثار الإجهاد
وهناك أدلة تدعم تقليل اليقظة الذهنية للتوتر، بحسب ما ذكرته مديرة تعليم اليقظة الذهنية في مركز أبحاث الوعي الذهني في جامعة كاليفورنيا، ديانا وينستون.
وتدعم أعوام من الأبحاث ذلك الادعاء، ولكن، أشارت ونستون إلى أن تعريفات تلك الدراسات لمعنى للإجهاد يمكن أن تختلف بشكل كبير.
وقد تخفف أساليب اليقظة الذهنية من المشاكل الصحية التي ترتبط عادةً بالتوتر.
وقالت ونستون: “إنها مفيدة للحالات الجسدية المرتبطة بالتوتر”، موضحة: “يمكنها أن تؤثر على ضغط الدم، ويمكنها أن تعزز جهاز المناعة، وتحسين استجابة عملية الشفاء”.
5. التعامل مع القلق الناجم من جائحة فيروس كورونا
وفي دراسات اليقظة الذهنية، يُعد تقليل القلق من أسهل الآثار التي يمكن ملاحظتها، وفقاً لأستاذة العلوم النفسية بجامعة نورث كارولينا في شارلوت، سوزان جونسون، التي لاحظت التأثير المهدئ للجلوس، وأخذ أنفاس عميقة، وبطيئة.
وثبت أن اليقظة الذهنية تخفف من القلق، وتعزز الحالة المزاجية، وهو أمر مُشجِّع وسط جائحة تسببت في أزمة صحية نفسية عالمية.
قيود علم اليقظة الذهنية
وليست اليقظة علاجاً لكل شيء رغم العدد المتزايد من الدراسات، والعناوين.
ولا تستوفي بعض أبحاث اليقظة الذهنية المعايير الأكثر صرامة لتصميم الدراسات، وفقاً لجونسون، إذ قالت: “لدى حوالي 10% فقط من الدراسات مجموعات تحكم نشطة”.
وفي دراسة مع مجموعة تحكم نشطة، يلجأ بعض المشاركين إلى اليقظة الذهنية، بينما يعتمد البعض الآخر على نشاط مختلف تماماً.
ويساعد ذلك في التخلص من تأثير الدواء الوهمي.
وأشار تحليل من عام 2021 في النشرة الطبية البريطانية “British Medical Bulletin” إلى الحاجة للمزيد من الدراسات عالية الجودة، مع عينات بحجم أكبر، ومتابعة طويلة الأجل.