دير سوميلا هو من بين أحد أكثر المواقع إثارة للإعجاب في تركيا.. وينبهر الناس عند رؤية صوره بسبب هيكله وموقعه، بحسب ما ذكره كاتب الرحلات، سيمين بوزسلان، أثناء حديثه
وعلى منحدر صخري مرتفع، يتربع دير”سوميلا” الذي سيجعلك تسأل نفسك ألف سؤال وسؤال عن أسطورته ومكانته التاريخية.
وبذلك، قرر بوزسلان أن يوثق الدير، الذي يقع على حدود منطقة ماتشكا بمدينة طرابزون شمال تركيا، بعدسة كاميرته.
الأسطورة وراء كنيسة “سوميلا”
ويتحدث أوزكان كارت، وهو مرشد سياحي من تركيا يعمل لدى شركة “ToursByLocals”، عن الأسطورة التي تقف وراء هذا الدير، حيث راود اثنان من الرهبان برنابا وسوفرونيوس، وهما من أثينا، الحلم نفسه.
ورأى الراهبان موقع “سوميلا” على أنه المكان الذي تتواجد فيه “الأيقونة السوداء”، والتي يعتقد أنها من صنع القديس لوقا، وهو أحد رسل المسيح. وسافر كليهما إلى مدينة طرابزون، عن طريق البحر، دون أن يعرفا بعضهما البعض.
وتحدث الراهبان عن حُلمهما بمجرد رؤية بعضهما البعض، واستنتجا أنها معجزة.
وبعد وصولهما إلى المكان الذي تتطابق أوصافه مع الحلم، بدأ كلاً من برنابا وسوفرونيوس في عملية البناء لتوسيع الكهف الذي وجداه، ثم قاما ببناء كنيسة الصخرة التابعة للدير، حيث أمضيا كل حياتهما فيها.
وبحسب الأسطورة، توفي الراهبان بعد مرور سنوات في اليوم نفسه. واستمر طلابهما في تطوير الدير لأجيال عديدة.
وفي القرن السادس، تم ترميم الدير بطلب من الإمبراطور جستنيان، الذي أقام كنيسة آيا صوفيا في مدينة اسطنبول.
ومن المعروف أن دير “سوميلا” قد وصل إلى حالته الحالية منذ القرن الثالث عشر.
وفي عهد مملكة طرابزون كومنينوس، التي حكمت المنطقة بين عامي 1204 و 1461، ازدادت أهمية الدير، وتم تقديم المساعدة الأساسية.
وبعد أن أصبحت سواحل البحر الأسود الشرقية تحت الحكم التركي، قام السلاطين العثمانيون بحماية حقوق سوميلا، كما فعلوا مع العديد من الأديرة.
داخل كنيسة “سوميلا”
ولا يُعد دير “سوميلا” مجمعاً ضخماً بُني في فترة واحدة.
ويُذكر أنه تم اتباع طريقة البناء نفسها للعديد من الأديرة في “سوميلا”، حيث بُنيت أجزاء جديدة، ورُبطت بمجمع الدير بحسب الحاجة.
وبذلك، استمرت أعمال البناء والتشييد في دير “سوميلا” لأكثر من 1,600 عام، أي منذ يوم تأسيسه حتى عام 1923، عندما تم هجره.
وتشمل “سوميلا” كلاً من كنيسة الصخرة الرئيسية، وكنيسة صغيرة، وغرف الطلاب، وغرف الرهبان، وغرف الضيوف، والمطبخ، والمكتبة، والينابيع المقدسة.
ويُعتقد أن الماء المتساقط بانتظام من أحد الصخور فوق مجمع الدير هو دموع مريم العذراء، حيث تم جمع الماء في بركة صغيرة. وهكذا، زار العديد من المسيحيين الدير ليجدوا الشفاء في هذا الربيع المقدس.
ويتم الوصول إلى المدخل الرئيسي للدير عن طريق درج ضيق وطويل، بينما يتم الوصول إلى الفناء الداخلي من خلال درج آخر يمر عبر المدخل الواقع بجوار غرف الحراسة.
وتتميز الكنيسة باحتضانها لوحات ثمينة مصنوعة بحرفية رائعة، وهي معلقة على جدرانها، حيث تحظى بتقدير كبير من قبل الزوار.
وتشير التقديرات إلى أن اللوحات الجدارية المرسومة على الطراز الأرثوذكسي قد صنعت في القرنين التاسع والثالث عشر والثامن عشر.
وهناك أكثر من 100 لوحة جدارية في الدير تحتوي على مشاهد من الكتاب المقدس وتاريخ المسيحية.
إعادة فتح الدير مجدداً أمام الزوار في صيف 2021
وقامت وزارة السياحة بتحويل دير “سوميلا” إلى متحف في عام 1986، بعد إجراء العديد من أعمال الترميم والتنظيف، وفتحه أمام الزوار.
وأوضح كارت أنه تم إغلاق دير “سوميلا”، وهو أحد أكثر المتاحف زيارة في البلاد منذ سنوات، أمام الزوار في 22 سبتمبر/ أيلول 2015 بسبب مخاوف تتعلق بالترميم وسلامة الحياة.
وكان هناك خطر سقوط كتل صخرية ضخمة فوق الدير مباشرة. وتم تثبيت بعض الكتل الصخرية العملاقة في الجبل، وأُسقط بعضها بطريقة خاضعة للرقابة.
وبعد افتتاحه للزيارات في 29 يوليو/ تموز 2020، أغلق مؤخراً بسبب انخفاض عدد الزائرين جراء تفشي الوباء.
ولكن، يتم بذل جهود كبيرة لاستكمال الأعمال اللازمة. ومن المتوقع أن تبدأ زيارات الدير مرة أخرى في موسم صيف 2021.
ويقول بوزسلان: “السؤال الأول الذي تطرحه على نفسك هو كيف تأسست هذه الكنيسة على منحدر صخري مرتفع، كونه مكان تصل إليه عن طريق درج ضيق”.
ومن جهة واحدة، ستجد الجانب الصخري للدير، بينما يواجه جانبه الآخر وادياً خصباً.
ويهدف بوزسلان إلى شرح القيمة السياحية للدير للعالم كله لأنه يعتقد أن المنطقة ستتطور بسبب الاعتراف بالدير وزيادة الأنشطة السياحية.
ويُذكر أنه سافر إلى 81 مقاطعة في تركيا و56 دولة حول العالم. ويشارك ذكرياته عبر حسابه الرسمي على موقع “إنستغرام”.
واليوم، ينتظر بوزسلان انتهاء فيروس كورونا المستجد حتى يتمكن من كتابة كتب جديدة وزيارة دول مختلفة حول العالم.