في الوقت الحالي، تشتهر المملكة المتحدة بحرق الجسور أكثر من بنائها. لكن خططها لبناء رابط بحري ثابت بين اسكتلندا وأيرلندا قد تكون أحد أكثر المشاريع الهندسية تحديًا في التاريخ.
وعلى الحافة الغربية لأوروبا تقع جزيرتان صغيرتان لهما ماض معقد.
تبعد أيرلندا وبريطانيا مسافة 12 ميلاً فقط في أضيق نقطة في البحر الأيرلندي، ولكن المياه عميقة جدًا.
وفي محاولة لتحسين روابط النقل المحلي، تجري حكومة المملكة المتحدة اليوم دراسة لمعرفة ما إذا كان يمكن ربط أيرلندا الشمالية بجسر أو نفق إلى اسكتلندا.
من المقرر صدور النتائج في وقت لاحق من هذا الصيف.
الفكرة ليست جديدة، لكنها تكتسب اهتمامًا منذ 2018، عندما قدم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دعمه لمفهوم الجسر، وكشف المهندس المعماري الاسكتلندي، آلان دنلوب، عن اقتراحه لبناء جسر للسكك الحديدية والطرق بين بورتباتريك في اسكتلندا ولارن في أيرلندا الشمالية.
وهناك نقاشات تظهر مؤخرًا بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حول الروابط التجارية التي تعطلت بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما شجع على إيجاد طريقة لإنشاء طريق خالٍ من الاحتكاك عبر الماء.
ولكن، هناك تحديات جيولوجية وبيئية هائلة، لذا سيكون هذا أحد أكثر المشاريع طموحًا من الناحية الفنية في تاريخ الهندسة. وهناك أيضًا أسئلة تتعلق بالاقتصاد والبنية التحتية والسياسات المحلية الراسخة.
وأوضح بول كويجلي، مهندس الجيوتقنية ومدير شركة Gavin & Doherty Geosolutions في أيرلندا، أن بناء جسر أو نفق هو ليس مجرد مسألة رسم خط بين أقرب كتلتين أرضيتين، حيث إن البحر ليس القماش الفارغ الذي نتخيله.
ويقول كويجلي: هناك “بنية تحتية قائمة، لديك كبلات، لديك ممرات شحن”.
وعندما تكون على الأرض، يجب أن تفكر في جودة الطرق والسكك الحديدية والمسافات إلى المراكز السكانية الكبيرة.
وتعد “تور هيد” في أيرلندا الشمالية و”مال أوف كينتاير” في إسكتلندا هي أقرب نقطتين، لكنهما موقعان بعيدان عن المدن الرئيسية في بلفاست وديري في أيرلندا الشمالية، وغلازغو وإدنبرة في إسكتلندا.
ويقول كويجلي: “ما أظهره خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو أن هناك حجمًا كبيرًا من التجارة التي تأتي إلى دبلن من (بريطانيا) ومتجهة إلى أيرلندا الشمالية”.
يعتقد أنه سيكون من الصعب إقناع أصحاب المصلحة بالاستثمار في طريق يوجه حركة المرور حتى أقصى الشمال، أو أن يكون أكثر جاذبية من معابر العبارات.
ويقول: “من الجيد أن تحلم ومن الجيد أن تتخيل هذه الأشياء”، لكن يجب أن يكون هناك “حاجة لمشروع”.
وقال المهندس المعماري آلان دنلوب : “لا يوجد مشروع كبير للبنية التحتية لم يتلق أي انتقادات”.
درس دنلوب مشاريع الجسور والأنفاق والطرق السريعة وحفارات النفط الأخيرة حول العالم في “ظروف جيولوجية صعبة” بالمثل، وبينما يعترف بأنه “لا يوجد أي منها يمثل تحديًا مثل هذا”، فإن اعتقاده الراسخ أنه “داخل المملكة المتحدة، لدينا بالتأكيد الموهبة الهندسية والمعمارية لمعالجة هذا الأمر”.
وبدوره، قدم مقترحات لبناء جسر “سلتيك كروسينغ” بتكلفة تقديرية 28 مليار دولار، وكذلك نفق بحري.
وسيكون جسرًا عائمًا بطول 45 كيلومترًا، حيث يتم تثبيته في قاع البحر بواسطة الكابلات. ويذكر أنه استوحى إلهامه من الحفارات النفطية في خليج المكسيك التي ترتبط بقاع البحر على عمق يصل إلى ألف متر أدناه.
وتشمل الخطط الرائدة جسورًا عائمة مدعومة بطوافات، وهي طريقة للتعامل مع الأعماق القصوى التي تتجنب ملامسة العمود مع قاع البحر، وأول “نفق عائم” في العالم.
وتحتل الصين حاليًا المرتبة الأولى في العالم عندما يتعلق الأمر بالجسور التي تحطم الأرقام القياسية.
ويعد جسر هونغ كونغ تشوهاي ماكاو، الذي يبلغ طوله 48.3 كيلومترًا، هو أطول جسر فوق الماء في العالم. وتم تصميمه لتحمل الأعاصير، كما يتألف من جسور مثبتة بالكابلات ونفق تحت البحر، ويتم تقسيم طوله بواسطة أربع جزر اصطناعية، رغم أن المياه هناك ضحلة أكثر من البحر الأيرلندي.
وصرح غرانت شابس، وزير النقل البريطاني، لـBBC في مارس/ أذار أنه إذا تم بناء وصلة بحرية ثابتة، فإن عوامل الطقس تعني أنه من المرجح أن يكون نفقًا وليس جسرًا.
واقترحت مجموعة High Speed Rail Group، وهي هيئة صناعة السكك الحديدية، نفقًا بحريًا بين لارن وسترانرير، بحيث يعتمد على الخطط التي وضعها المهندس الفيكتوري جيمس بارتون قبل 120 عامًا.
وأوصت المجموعة بضرورة تحسين البنية التحتية الحالية للسكك الحديدية في كلا البلدين لدعم وصلة النفق.