تتناثر هياكل حجرية ضخمة تُدعى “مستطيلات” قد يصل طولها إلى مئات الأمتار في مناطق المملكة العربية السعودية. ورغم القيام بالمزيد من الأبحاث عنها، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الأسرار التي تنتظر من يكشفها.
ويعود تاريخ المستطيلات الغامضة إلى العصر الحجري الحديث، وهي فترة مهمة جداً في تاريخ البشرية.
وعند شرحها عن سبب افتتان الأشخاص العاديين والباحثين على حدٍ سواء بهذه الهياكل الغامضة، أشارت المديرة المساعدة لعلم الآثار الجوية في المملكة العربية السعودية “AAKSA”، الدكتورة ميليسا كينيدي، في مقابلة إلى أنه لا يوجد أي مكان في العالم يحتضن العديد من الهياكل الأثرية الكبيرة التي تعود إلى العصر الحجري الحديث كهذه، ولذلك، فهي “أمر فريد للغاية”.
وشاركت كينيدي، وهي زميلة بحث في جامعة غرب أستراليا، في مقال بحثي عن المستطيلات يُدعى “The mustatils: cult and monumentality in Neolithic north-western Arabia” نُشر في موقع مطبعة جامعة كامبريدج عبر الإنترنت في نهاية أبريل/نيسان.
مشروع بدأ منذ عام 2018
وأجرى الفريق بحثاً باستخدام تقنية الاستشعار عن بعد لمعظم مناطق المملكة، ولكن معظم عملهم على الأرض ركز على المستطيلات الموجودة في محافظتي العلا، وخيبر.
ورغم مصادفة الأشخاص في السعودية لهذه الهياكل منذ آلاف الأعوام، إلا أنها لم تُذكر كثيراً في الأدب الأثري، وأوضحت كينيدي: “لا يتوفر سوى القليل من الكتابات عنها”.
ولذلك، تضمنت الأهداف الرئيسية لهذا البحث المدعوم من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا، تحديد أعداد المستطيلات الموجودة، إضافةً إلى تحديد كيفية وصفها.
وحتى الآن، عُثر على حوالي 1،100 من هذه الهياكل في المملكة، ولكن يتغير هذا الرقم بشكل مستمر مع اكتشاف المزيد، وفقاً لكينيدي.
وكشف البحث عن أن الهياكل تتمتع بمداخل، وصخور واقفة، وأنها أكثر تعقيداً من الناحية المعمارية مما كان يُعتقد سابقاً.
هل بُنيت لغرض جنائزي حقاً؟
ولا يبدو أن المستطيلات استُخدمت لغرض جنائزي.
وعثر الفريق على الكثير من القرابين الحيوانية في الهيكل الذي قاموا بالتنقيب فيه.
وقالت كينيدي: “وجدنا الكثير من قرون المواشي. وتم إيداع هذه القرون في المستطيلات كقربان لإله”.
ولا يعني ذلك بالضرورة أن جميع هذه الهياكل في المملكة تركز على الماشية، ويجب إجراء المزيد من التنقيبات لمعرفة المزيد.
استغرقت عملية البناء عدة أشهر
ولا تزال هناك الكثير من الأسئلة التي تُحيط بالمستطيلات، ومن أهمها السبب وراء بناء القدماء لهذه الهياكل الضخمة التي تطلبت الكثير من الجهد.
ويبلغ طول أكبر المستطيلات التي عُثر عليها أكثر من 600 متر، وهو أمر مثير للإعجاب عند مقارنته بطول برج خليفة الأطول في العالم، والذي يتجاوز 800 متر.
وأشارت كينيدي إلى أن بناء هذه الهياكل “تطلب قدراً هائلاً من العمل، والموارد”.
ومن المحتمل أن تشييدها استغرق بضعة أشهر على الأقل.
ومع إجراء المزيد من الأبحاث في المنطقة، ترى كينيدي أن المستطيلات ستغير نظرتنا لشبه الجزيرة العربية في العصر الحجري الحديث بشكل جذري.