في الوقت الذي تشدد فيه حركة طالبان قبضتها على أفغانستان، هناك منطقة واحدة نائية تعود مقاومتها للجماعة المسلحة إلى عقود. الآن، آخر معقل رئيسي مهدد.
تحشد طالبان قواتها حول وفي إقليم بنجشير، وهو الوحيد الذي لم يقع حتى الآن تحت سيطرة الحركة. وقالت طالبان، الاثنين، إنها استولت على ثلاث مناطق في وادي بنجشير.
إليك كل ما تحتاج لمعرفته عن حركة المقاومة في بنجشير.
أين يقع وادي بنجشير؟
يعد وادي بنجشير، الذي يقع على بعد حوالي 150 كيلومترا شمال كابول، مركزا لحرب العصابات الأفغانية.
لطالما صمد الوادي في وجه الاحتلال الأجنبي. عجز جيش الإمبراطورية البريطانية عن اختراق المنطقة أثناء محاولته السيطرة على أفغانستان في القرن التاسع عشر.
في الثمانينيات، تمكن المقاتلون الذين يدافعون عن الوادي تحت قيادة أحمد شاه مسعود من كبح جماح القوات السوفيتية، حتى مع سيطرة الاتحاد السوفيتي على كابول ومساحات كبيرة من بقية البلاد.
تلعب تضاريس وادي بنجشير دورًا في نجاحها الدفاعي. ويقع وسط سلسلة جبال هندو كوش ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال ممر ضيق، ولطالما استغلت القوات المحلية موقعها البعيد كميزة على الغزاة المحتملين.
قبل سيطرة طالبان على أفغانستان، دعا قادة إقليم بنجشير الحكومة الأفغانية في كابول إلى منحهم مزيدًا من الحكم الذاتي.
معظم سكان الوادي هم من الطاجيك، في حين أن طالبان من البشتون إلى حد كبير.
من هم تحالف الشمال؟
بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان في عام 1989، انقسمت فصائل مختلفة من “المجاهدين”، إلى مجموعات تقاتل من أجل السيطرة على البلاد.
من هذه الفوضى، شكل مسعود تحالف الشمال، ائتلافا من القوات الأوزبكية والطاجيكية. واحتلت قواته كابول لبعض الوقت، لكنها اتُهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
سقطت معظم البلاد في أيدي طالبان في عام 1996. لكن تحالف الشمال، تحت قيادة مسعود، تمكن من الحفاظ على وادي بنجشير خاليًا من قبضة الجماعة المسلحة طوال فترة حكمها التي استمرت 5 سنوات.
قاد مسعود، المعروف باسم “أسد بنجشير”، القتال ضد طالبان، حتى اُغتيل على يد عناصر تنظيم “القاعدة” قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر 2001. ووصف محلل الأمن القومي في بيتر بيرغن، الحادث بأنه “يرفع الستار عن الهجمات على مدينة نيويورك وواشنطن العاصمة التي أعقبت ذلك”.
ويقود تحالف الشمال الآن أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، الذي تعهد بمواصلة القتال ضد طالبان في أعقاب سيطرتهم الوشيكة على أفغانستان.
وفي مقال افتتاحي في صحيفة “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي، ناشد مسعود (32 عامًا) القوات الغربية للمساعدة في تلك المعركة، قائلاً إن أفرادًا من الجيش الأفغاني، بمن فيهم بعض من وحدات النخبة من القوات الخاصة، قد احتشدوا من أجل القضية.
وكتب: “لدينا مخازن ذخيرة وأسلحة جمعناها بصبر منذ عهد والدي، لأننا علمنا أن هذا اليوم قد يأتي”. وقال: “إذا شن أمراء الحرب من طالبان هجومًا، فسيواجهون بالطبع مقاومة شديدة منا”.
فر نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، الذي ولد في بنجشير وتدرب هناك قبل أن يقود في نهاية المطاف وكالة المخابرات الأفغانية، إلى بنجشير بعد سقوط كابول في أيدي طالبان.
لكن ساحة اللعب تغيرت بسرعة، حيث تسللت الآن قوات طالبان إلى المنطقة الجبلية شمال العاصمة، التي أغلقت خطوط الإمداد الحيوية إلى المنطقة.
وقال وزير أكبر مهمند، الرائد السابق في الجيش الأفغاني الذي انضم إلى معارضة بنجشير، في تغريدة يوم الإثنين: “قناصة، مدفعية على حواجز الطرق، و20 ألف جندي على استعداد للقتال”.
يوم السبت، غرد الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، الذي كان من أنصار تحالف الشمال منذ فترة طويلة: “لقد تحدثت للتو مع أحمد مسعود على الهاتف. قال لي: أنا ابن أحمد شاه مسعود. الاستسلام ليس جزءًا من مفرداتي”.
هل ستسقط بانجشير في يد طالبان؟
يوم الاثنين، زعمت حركة طالبان أنها استولت على ثلاث مناطق في وادي بنجشير من تحالف الشمال، حيث غرد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قائلا إن “أقاليم بني وبلي حصار ودي صلاح تم تطهيرها تمامًا من الشر”.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، نقلت طالبان تعزيزات إلى المنطقة، ودعت تحالف الشمال وزعيمه إلى الاستسلام.
وقال ذبيح الله: “مجاهدو ولايات بدخشان وتخار وبغلان يتمركزون الآن عند بوابة بنجشير”.
ونفى ادعاء صالح بأن ممر سالانج الاستراتيجي قد تم سده، قائلا إنه مفتوح وأن “العدو محاصر في الولاية”.
وقال المتحدث باسم طالبان إن “الإمارة الإسلامية تسعى لحل الأزمة سلميا”.
وقال متحدث آخر باسم طالبان سهيل شاهين إن “فتح بنجشير بالقوة سيكون الخيار الأخير لأن هذا مخالف لسياساتنا. سنبذل قصارى جهدنا لعدم السير على هذا النحو”.
وفي مقابلة مع وكالة “رويترز” يوم الأحد، قال مسعود إنه منفتح على المفاوضات طالما وعدت طالبان بحكومة شاملة لكنه أكد أن أنصاره مستعدون للقتال إذا حاولت طالبان غزو الوادي.
وقال مسعود: “يريدون الدفاع ويريدون القتال ويريدون المقاومة ضد أي نظام استبدادي”.
كان شيوخ بنجشير في كابول في الأيام الأخيرة لاستكشاف الحلول الوسط الممكنة. لكن جهودهم حتى الآن لم تنجح.
وقال علي نزاري المتحدث باسم جبهة المقاومة الوطنية التي يتزعمها مسعود، الأحد، إنهم يعتقدون أن الحكومة اللامركزية هي “الحل الوحيد”.
وأضاف، في تصريحات : “نحن نؤيد السلام، لكن السلام لا يعني الاستسلام لمطالب الأعداء وقوة واحدة للسيطرة على سياسات البلاد. شروطنا من أجل السلام الدائم في أفغانستان هي اللامركزية في السلطة والثروة، والديمقراطية، والتعددية السياسية والثقافية، والإسلام المعتدل، والمساواة في الحقوق والحريات لجميع المواطنين”.
وتابع بالقول إن جبهة المقاومة الوطنية تعتقد أن “تهديد الإرهاب الدولي آخذ في الازدياد، وسوف يهدد مرة أخرى مصالح الولايات المتحدة وأراضيها”. ودعا الغرب إلى “التعاون مع جبهة المقاومة الوطنية لمنع وقوع أحداث 11 سبتمبر أخرى”.