هل ترغب برؤية الجنة على الأرض؟ لا تخف الرحلة ليست بطويلة، أو شاقة، أو محفوفة بالمخاطر. وفي الواقع، المناظر الطبيعية البكر التي تذكرنا بالقصص الخيالية تبعد بالكاد خمس ساعات عن مدينة بوسطن الأمريكية، وما يقرب من أربع ساعات عن المملكة المتحدة.
وفي هذه البقعة تتدفق الشلالات أسفل المنحدرات الخضراء المتلألئة، بينما تزين زهور الأرطاسيا الطرق، وتتمتع السواحل الوعرة بشواطئ رمالها سوداء.
وتظهر أهمية جزر الأزور المنسية في الوقت المناسب، من خلال قرية صغيرة مساكنها حجرية تربط بينها مسارات مرصوفة بالحصى، أو إخلاص السكان المحليين للدروب القديمة من أجل زراعة المحاصيل في السهول الخصبة عند أسفل المنحدرات الصخرية، أو ركوب العربات التي تجرها الخيول لإيصال الحليب إلى مصنع الجبن.
وترحب بكم جزر الأزور بتسع جزر ساحرة على شكل حبيبات عقد تلتف على بعضها البعض وسط المحيط الأطلسي، وهي تابعة للبرتغال. ويبعد هذا الأرخبيل الذي يخضع لحكم ذاتي حوالي ألف ميل عن البر الرئيسي البرتغالي. وتشهد البرك الحرارية للجزر على القوى البركانية العنيفة التي ولدتها.
ما الذي يمكنك توقّع اختباره في كل جزيرة؟ إليك جولة سريعة على كل منها:
الجزر الغربية
فلوريس
وتقع جزيرة فلوريس في أقصى غرب جزر الأزور. ورغم أن اسمها يُترجم إلى “زهور”، إلا أنّ المسطحات المائية الوفيرة هي التي تميّز هذه الجزيرة الخضراء الزمردية المذهلة التي يكتنفها الضباب في غالبية الأحيان.
وتضم سبع فوهات بركان صارت بحيرات تتوزع في المناطق الداخلية المتعرّجة، وصولًا إلى غابة “Lagoa Negra” الخضراء التي تقع بجوار بحيرة “Lagoa Comprida”.
كورفو
ويبلغ عدد سكانها أقل من 500 نسمة. وتُعد كورفو مدينة منعزلة واحدة تقع على قطعة يابسة وحيدة بمستوى سطح البحر. وتُعتبر جزيرة كورفو أصغر جزر الأزور والأبعد بينها، حيث يبلغ طولها أربعة أميال فقط ولا يتجاوز عرضها ثلاثة أميال.
ورغم ذلك، فإن هذه الجزيرة الصغيرة، القائمة على بقايا بركان قديم، تبعد حوالي 10 أميال شمال فلوريس، وهي جنة مشهورة بين مراقبي الطيور، الذين يقصدونها في الخريف.
الجزر الوسطى
فايال
ولمئات السنوات، جعلت السفن الشراعية من ميناء هورتا العاصمة، الذي اشتهر بسوره البحري المطلي بألوان فاقعة، محطة توقف، ضمنًا تلك التي كانت تبحر بين العالمين الجديد والقديم في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
ولا يزال العديد من الربابنة وأطعم العمل الحاليين يرسون يخوتهم في مكان قريب من مؤسسة “بيتر كافيه سبورت” التي يفوق عمرها أكثر من 100 عام، حيث تُلصق التذكارات البحرية بفضائها الداخلي الحميم. ويحتوي متحف سكريمشو الخاص بها، والمخصص لنحت ونقش أسنان وعظام الحوت، على عناصر تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر.
بيكو
وتُعتبر أعلى قمة في البرتغال تتواجد على هذه الجزيرة. ويبلغ ارتفاع جبل بيكو حوالي 8 آلاف قدم، ويطل على المناظر الطبيعية في هذه الجزيرة.
وهنا، يبدو أن كل شيء تقريبًا مبني من حجر الحمم البازلتية السوداء، ضمنًا فسيفساء الحظائر المحيطة بكروم العنب المحلية التي قامت بتدفئتها وحمايتها من النسيم المالح بالجزيرة لقرون عدة.
إنها التربة البركانية الخصبة والغنية بالمعادن التي وضعت بيكو ضمن قائمة كل عشاق الفن.
ساو خورخي
تجول في هذه الجزيرة محاطًا بالمناظر الطبيعية الخلابة البرية، وأشجار الأرز اليابانية، التي تشكل دروب مشاة آسرة تنتهي عند وصولك إلى فاخاس، أو سهولًا خصبة أسفل الجرف تشكلت من الانهيارات الأرضية وتدفقات الحمم البركانية القديمة.
وتُعد بحيرة “Fajã de Santo Cristo” أحد المعالم الخادعة، تصل إليها عبر السير على درب للحمير بطول ستة أميال يفضي إلى قمة “Serra de Topo” المغطاة بالغيوم. ويتعرج الطريق أمام طواحين المياه القديمة المؤدية إلى قرية فاخا دي سانتو كريستو المنعزلة على الواجهة البحرية. هنا يهتم السكان يحدائق المدرجات لزراعة البطاطا، والكرنب، والسبانخ، والطماطم.
غراسيوزا
تجد آثارًا دامغة ومثيرة حول الأصول البركانية لجزيرة غراسيوزا لدى زيارتك معالمها السياحية المميزة.
ويمكنك نزول قرابة 200 خطوة إلى أسفل فورنا دو إنكسوفري، وهو كهف من الحمم البركانية لبركان نشط. وما تجدر معرفته أنه قبل بناء هذا الدرج، أنزل السكان المحليون أنفسهم بالحبال للوصول إلى مياه الشرب لتأمينها لماشيتهم.
تيرسيرا
وبينما يشكّل البازلت الأسود جزيرة بيكو بضربات فرشاة باللونين الأبيض والأسود، تستخدم جزيرة تيرسيرا بجوانب عدة لوحة “Crayola” للتلوين.
وتلّون واجهات شوارع العاصمة، Angra do Heroismo، بشكل مذهل، حتى أنّ اللون البنفسجي يزيّن الكنائس الصغيرة، ما يضفي توهّجًا على المناظر الطبيعية الخضراء.
الجزر الشرقية
ساو ميغيل
وتُعتبر ساو ميغيل هي أكبر جزر الأزور حيث تقع بونتا ديلغادا، عاصمة منطقة جزر الأزور التي تتمتع بالحكم الذاتي. ويبلغ طول الجزيرة حوالي 40 ميلاً (65 كيلومترًا) وعرضها 9 أميال (15 كيلومترًا).
وتُعتبر موطنًا لما يُقال إنه أقدم البيوت الزراعية التجارية في العالم حيث تُزرع فاكهة الأناناس، وأقدم مزرعة شاي تعمل في أوروبا.
وقبالة سواحل فيلا فرانكا دو كامبو، العاصمة الأصلية، يوجد بركان مغمور يتضمن بحيرة نقية يستقطب زوارق الكاياك وهواة السباحة.
سانتا ماريا
أما سانتا ماريا، الواقعة أقصى جنوب جزر الأزور، فهي ليست فقط أكثر الجزر إشراقًا، لكنها أيضًا الجزيرة الوحيدة التي تتمتع بشواطئ رمالها ذهبية.
وتختلط الألوان الخضراء والزرقاء للبحر والسماء والوديان في Miradouro da Pedra Rija، وهي إحد المشاهد الطبيعية التي تجعلها مقصدًا رائعًا للنزهة. وتغطي غابات أشجار الأرز الياباني الطرق المتعرجة، وأحيانًا بجانب مسارات تسيجها أشجار التوت الأزرق الأزوري، وأزهار الأوركيديا، وبساتين الفاكهة الصغيرة.