أعطت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الثلاثاء، تصريحًا بالاستخدام الطارئ، يُسمح بموجبه لمقدمي الرعاية الصحية تغيير طريقة إعطاء لقاح جدري القردة “جينوس”، بهدف توفير المزيد من إمدادات جرعات اللقاح، وسط ارتفاع الطلب عليها.
ويعني ذلك، أنه يمكن الآن إعطاء اللقاح للبالغين المعرضين لخطر كبير من طريق الحقن داخل الأدمة، أي بين طبقات الجلد، وليس تحت الجلد، وفق الطريقة المعتمدة حاليًا.
وستسمح طريقة الحقن هذه لمقدمي الرعاية الصحية بالحصول على خمس جرعات من قارورة قياسية لجرعة واحدة.
كما يسمح تصريح الاستخدام الطارئ الجديد أيضًا بتطعيم من تقل أعمارهم عن 18 عامًا المعرّضين لخطر الإصابة بالعدوى، تحت الجلد.
وصرح مسؤولون، الثلاثاء، أنّ هذه الخطوة قد تزيد عدد جرعات اللقاح في المخزون الوطني من 441 ألف جرعة إلى أكثر من 2.2 مليون جرعة.
مع ذلك، فإن تصريح الاستخدام الطارئ لن يشكّل حلًّا سحريًا مع استمرار انتشار المرض وارتفاع الطلب على اللقاح.
وقدّرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أنّ قرابة 1.5 مليون شخص في الولايات المتحدة مؤهلون للحصول على لقاح “جينوس” من جرعتين.
وسجلت مراكز مكافحة الأمراض 9،492 حالة إصابة محتملة أو مؤكدة من جدري القردة في 49 ولاية، إضافة إلى إقليم بورتوريكو ومقاطعة كولومبيا، بحلول مساء الثلاثاء.
التحرّك “بأسرع ما يمكن”
وقال مفوض إدارة الغذاء والدواء، الدكتور روبرت كاليف، في بيان: “خلال الأسابيع الأخيرة، استمر فيروس جدري القردة بالانتشار بمعدلٍ كشف أنُّ إمداداتنا الحالية من اللقاحات لن تلبي الطلب الحالي”.
وتابع كاليف: “بحثت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بسرعة عن خيارات أخرى مناسبة علميًا لتسهيل الوصول إلى اللقاح لجميع الأفراد المتأثرين. من خلال زيادة كمية الجرعات المتاحة، سيتمكن عدد أكبر من الأفراد الراغبين بتلقي اللقاح المضاد لجدري القردة من الإقدام على ذلك”.
وأضاف:”نحن نشجع السلطات القضائية على استخدام طريقة الحقن البديلة بأسرع وقت ممكن”.
وتأتي هذه الخطوة بعد أقل من أسبوع على إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أنّ جدري القردة يمثّل حالة طوارئ صحية عامة، ما يمنح إدارة الغذاء والدواء والوكالات الصحية الحكومية الأخرى مزيدًا من المرونة لمكافحة انتشار الفيروس.
في وقت سابق الثلاثاء، أصدر كزافييه بيسيرا، وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، مخططًا لتمهيد الطريق أمام استجابة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
وأفاد بيسيرا في بيان أنه “في الأسبوع الماضي، أعلن أنّ جدري القردة يمثل حالة طوارئ صحية عامة، بغية إطلاق أدوات إضافية ستساعدنا على احتواء هذا الفاشية وإنهائها ولإبلاغ الشعب الأمريكي بأننا نرتقي باستجابتنا إلى المستوى التالي”.
وتابع: “سيسمح إجراء اليوم لإدارة الغذاء والدواء بممارسة سلطات إضافية قد تزيد من توافر اللقاحات للوقاية من جدري القردة مع المحافظة على أنّ يكون اللقاح يلبي معايير عالية للسلامة والفعالية وجودة التصنيع”.
الوقاية لا تزال مهمة
من جهتها، تطلق مراكز مكافحة الأمراض برنامجًا للتوعية لتسهيل الانتقال إلى الاستراتيجية الجديدة، من خلال توسيع جهودها التعليمية كي تطال مسؤولي الصحة العامة ومقدمي الرعاية الصحية.
وسيكون التكافؤ في إعطاء اللقاحات جزءًا أساسيًا من هذه الرسالة، وكذلك التدريب والتوعية على كيفية استخدام الإبرة الخاصة بالحقن داخل الأدمة.
وشدّد المسؤولون أيضًا على أنّه يجب على الأشخاص الاستمرار باتخاذ خطوات لحماية أنفسهم من فيروس جدري القردة حتى بعد تلقيهم اللقاح، خاصةً من يعانون من إصابة شديدة من الرجال المثليين، وثنائيي الجنس، والرجال الآخرين الذين يمارسون الجنس مع الرجال.
وهذا يشمل تجنب ملامسة الجلد للجلد مع شخص قد يكون مصابًا، والحد من عدد الشركاء الجنسيين.
أشار ديميتر دسكالاكيس، وهو مساعد منسق الاستجابة الوطنية لجدري القردة في البيت الأبيض، إلى أنّ الوقاية من جدري القردة متعددة المجالات، مضيفًا أنّه “بينما يسعى الأشخاص للحصول على التطعيم، نريد حقًا منحهم خيارات وتوجيهات واضحة بشأن ما يجب القيام به بين الجرعة الأولى والثانية، وأنّ الأمر يستغرق وقتًا لتحقيق الحماية الكافية”.
ويعطى لقاح “جينوس” كجرعتين بفاصل أربعة أسابيع في الحد الأدنى.
وأوضح المسؤولون، الثلاثاء، أنّ الأشخاص الذين حصلوا على الجرعة الأولى عن طريق الحقن تحت الجلد يمكنهم الحصول على الجرعة الثانية داخل الأدمة.
البحث مستمر
وأوضح الدكتور جاي فارما، عالم الأوبئة، ، أنّ استخدام جرعة أصغر، من خلال الحقن في الأدمة، قد جُرّب مع لقاحَي الأنفلونزا وداء الكلب.
وكتب فارما: “يحتوي الجلد على خلايا خاصة جيدة جدًا تساعد اللقاح على تحفيز جهاز المناعة في الجسم”.
وأشار الدكتور دانيال غريفين، اختصاصي الأمراض المعدية في جامعة كولومبيا، إلى أن هذه الخلايا، المعروفة بالخلايا التغصنية، أو الخلايا العارضة، أكثر قدرة على إنتاج استجابة مناعية.
ووجدت دراسة أجريت عام 2015، استجابة مناعية مماثلة عندما أعطي اللقاح داخل الأدمة بجرعات تبلغ خمس حجم تلك التي تُعطى تحت الجلد.
وكانت الآثار الجانبية مثل الاحمرار، والحكة، والتورم أكثر شيوعًا مع طريقة الحقن داخل الأدمة، ولكن كان الألم أقل.
ووجد البحث أنّ لقاح “جينوس” آمن وفعال لدى الأشخاص الذين يعانون من ظروف تضعف جهاز المناعة لديهم، وفق ما ذكره كاليف، الثلاثاء.
ومع ذلك، فإن البحث الحالي حول اللقاح يركز على الاستجابة المناعية للمتلقي، وليس على إذا كان يمنع بالفعل حالات الإصابة بجدري القردة.
أوضح الدكتور بيتر ماركس، مدير مراكز إدارة الغذاء والدواء لتقييم البيولوجيا والأبحاث، الثلاثاء، أنّه “لا يوجد تقييم تقليدي لهذا اللقاح، لأنه لم تكن هناك حالات إصابة بالجدري، ولم يكن تفشي مرض جدري القردة السابق كبيرًا بما يكفي لإجراء تجربة سررية فعلية”.
وأضاف ماركس: “نريد جمع بيانات النتائج، كما نفعل مع جميع اللقاحات. وأود الإشارة أيضًا إلى أنّ المعاهد الوطنية للصحة ستجري تجربة سريرية وتعمل على ذلك الآن”.
لا تسمح إدارة الغذاء والدواء بالتطعيم داخل الأدمة لدى الأطفال لسببين، أولاً، لعدم توفر بيانات خاصة بالأطفال بالبالغين، وفق ما ذكره ماركس.
وتابع ماركس: “ثانيًا، كطبيب ممارس – أعلم أنني لست طبيب أطفال؛ لقد عالجت مرضى من الأطفال في بعض الأحيان – وكان علينا إعطاء هذا اللقاح لأطفال أصغر، و.. في الواقع، يعتبر حقن داخل الأدمة للطفل أكثر صعوبة أحيانًا”.