عبّرت الحكومات الغربية عن غضبها بعد أن قررت أوبك+ الأسبوع الماضي خفض إنتاج النفط بأكبر كمية منذ بدء الوباء. لديهم سبب وجيه للقلق: فقد حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن تصرفات “الكارتيل” قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى الحافة.
وقالت الوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها يوم الخميس في تقريرها الشهري عن سوق النفط: “في ظل الضغوط التضخمية المتواصلة ورفع أسعار الفائدة، قد تمثل أسعار النفط المرتفعة نقطة التحول الفاصلة لاقتصاد عالمي هو بالفعل على شفا الركود.”
خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط العام المقبل بأكثر من 20٪، مشيرة إلى مزيد من التخفيضات لتوقعات النمو العالمي من المؤسسات الكبرى. قال صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع أنه في العام 2023 سيشعر العديد من الأشخاص “بالركود”، حيث خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7٪ من توقع سابق عند 3.2٪.
رغم الضعف المتزايد في النمو على الطلب، من المتوقع أن تؤدي تخفيضات العرض من قبل المملكة العربية السعودية ومنتجي النفط الرئيسيين الآخرين إلى انخفاض حاد في مخزونات النفط العالمية والحفاظ على ارتفاع الأسعار.
وقالت وكالة الطاقة الدولية: “يزيد الخفض الهائل في إمدادات نفط أوبك+ من مخاطر أمن الطاقة في جميع أنحاء العالم.”
أدى قرار المنظمة بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، أي ما يعادل حوالي 2٪ من الطلب العالمي على النفط، إلى وضع المملكة العربية السعودية في مسار تصادمي مع البيت الأبيض، والذي اتهم المملكة بالانحياز إلى روسيا العضو في أوبك+.
أخبر الرئيس الأمريكي جو بايدن جيك تابر هذا الأسبوع بأنه يجب على واشنطن الآن “إعادة التفكير” في علاقتها مع الرياض بعد الخفض، الأمر الذي يهدد برفع أسعار البنزين في أمريكا قبل انتخابات التجديد النصفي.
وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير قال إن الخفض يهدف إلى استقرار الأسواق. وأضاف الجبير، أحد كبار الدبلوماسيين في المملكة العربية السعودية، لبيكي أندرسون : “نحاول التأكد من عدم وجود تقلبات غير منتظمة في الأسعار.”
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، سيكون الخفض الفعلي للإنتاج أقرب إلى مليون برميل يوميًا، نظرًا لأن معظم أعضاء أوبك+ -بما فيهم روسيا- لا يفون بأهداف الإنتاج السابقة. مع ذلك، أدى قرار تقليص المعروض إلى ارتفاع سعر خام برنت، ليغازل الـ 100 دولار للبرميل مرة أخرى.
عادةً ما تدفع أسعار النفط المرتفعة المنتجين من خارج أوبك إلى العمل، وخاصة شركات النفط الصخري الأمريكية. لكنها كانت تعاني من اضطرابات في سلسلة التوريد وتضخم في التكلفة ولم تعلن بعد عن استثمارات كبيرة في الإنتاج، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
عامل آخر يلعب دورًا في نقص الاستثمار: أزمة النفط في العام 2020. لقد دفعت الأيام الأولى للوباء سعر خام برنت إلى مستوى منخفض يصل إلى 20 دولارًا للبرميل – بينما تحولت أسعار النفط الأمريكي إلى سلبية لفترة وجيزة – مما أدى إلى موجة من حالات الإفلاس في صناعة النفط والغاز.
وأضافت الوكالة أن “هذا يلقي بظلال من الشك على الاقتراحات القائلة بأن الأسعار المرتفعة ستؤدي بالضرورة إلى موازنة السوق من خلال زيادة المعروض.” من المتوقع أن يتباطأ نمو العرض “بشكل ملحوظ” في العام 2023، على الرغم من أنه لا يزال يصل إلى مستوى قياسي يبلغ 100.6 مليون برميل يوميًا. وقالت وكالة الطاقة الدولية بأنه من المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط 101.3 مليون برميل يوميا العام المقبل.