يُؤدي تساقط الأمطار إلى تلطيف الأجواء الحارة، ولكنه قد يعني أيضًا مواجهة ضائقة بسيطة مثل الاضطرار للمشي عبر الأراضي الموحلة في اليوم التالي، أو التسبّب بخسائر فادحة في البنى التحتيّة. ولكن تأمل شركة مقرّها في دبي بتغيير ذلك عبر تشييد “مُدُن إسفنجيّة”.
وخلال مقابلة ، قال الرئيس التنفيذي لشركة “Chandra Dake”، ورائد الأعمال الهندي تشاندرا داكي إن “مفهوم المدينة الإسفنجية، كما يوحي الاسم، يهدف إلى التعامل مع المياه بشكلٍ أكثر مسؤولية، واستخدامها لاحقًا”.
وتتخصّص شركة “Chandra Dake” في تقديم الحلول المستدامة بمختلف المجالات، ومنها تجميع مياه الأمطار، وإدارتها.
وبعد تطبيق حلولها الخاصة بالمدن الإسفنجيّة بمختلف المشاريع في الصين، تسعى الشركة لزيادة الوعي بشأن إمكانيات المُدُن الإسفنجية في الشرق الأوسط.
وشاركت الشركة مؤخرًا في النسخة الـ24 من معرض تكنولوجيا المياه، والطاقة، والبيئة “ويتيكس” الذي أُقيم في دبي بنهاية سبتمبر/أيلول من هذا العام.
مواد تمتص الماء
واستُلهمت فكرة المدن الاسفنجية من الحاجة لإيجاد حلول للفيضانات المتكرّرة، ونُدرة المياه، والتي طال أمدها في المنطقة، بحسب ما ذكره رائد الأعمال الهندي.
وتُخطط الشركة إلى القيام بذلك باستخدام مواد “تُشكّل أًسس بناء المدن الاسفنجية”، وفقًا لما ذكره داكي، أي “IDer”، والتي تتضمّن مواد مصنوعة من رمال قابلة التنفس، وتتمتع بالمسامية، مثل الطوب، والأرضيّات، وحجارة الأرصفة.
وتُوضع هذه المواد فوق الأسطح المعرّضة لمياه المطر، مثل الطرق، والملاعب، ومواقف السيارات.
وأثناء تساقط الأمطار، تمتص هذه المادة المتمتعة بالنفاذية المياه، كما أنها تحافظ على خلو الأسطح من السيول، وتمنع من الانزلاق.
حاجة أكبر في الشرق الأوسط
ورأى داكي أن الحاجة للمدن الإسفنجية زادت في ظل الظواهر الكارثية التي يتجسّد خلالها تغيّر المناخ في جميع أنحاء العالم.
وأوضح داكي أن أنماط تساقط الأمطار تغيرت بشكل متزايد، وكذلك الفيضانات في الأماكن التي لا تشهد ظواهر مناخية شديدة عادةً، موضحًا: “ألحقت الفيضانات الدمار في جميع أنحاء العالم.. وإذا كانت الأبحاث أمرًا يمكننا الاعتماد عليه، يعني الأمر أن الفيضانات تصبح، أو ستصبح، أكثر شيوعًا”.
وتقع اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالخطوط الأمامية في مواجهة تغيّر المناخ بسبب التحديات النظامية، ومنها الضائقة الزراعية، وندرة المياه الحادة، والمناخ الجاف.
ورُغم تساقط الأمطار، لا تزال اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصارع نُدرة المياه.
ولذلك، تضرب المُدُن الإسفنجية عصفورين بحجر واحد، وإلى جانب امتصاصها للمياه، يمكن الاستفادة منها أيضًا عبر إعادة استخدام مياه الأمطار، والتي تُعتبر أنقى شكل للمياه الطبيعية.
وقال داكي: “يمكن إعادة توجيه مياه الأمطار المُمتصة إلى المصارف المناسبة كجزء من إدارة مياه الأمطار، أو يمكن حتّى حصادها، والحفاظ عليها في الخزانات الجوفيّة”.
ويمكن أن يؤدي التأثير التراكمي لهذه الجهود إلى توفير مصدر جديد لمياه الشرب، ما قد يُقلل بدوره من الحِمل الحالي على محطات تحلية المياه التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وتؤدي لانبعاثات الكربون.