قررت الحكومة المصرية نقل تبعية مبادرات البنك المركزي للتمويل منخفضة العائد إلى جهات حكومية مختلفة، ووقف إصدار أية مبادرات تمويل جديدة.
وأرجع خبراء أسباب هذا القرار استجابة لمتطلبات صندوق النقد الدولي لإقراض مصر، وذلك لخفض مطالبة الخزانة العامة بأية تعويضات عن دعم البنك المركزي لهذه المبادرات.
ونشرت الجريدة الرسمية، مطلع هذا الأسبوع، قرار للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ينص على أن تتولى وزارة المالية، إدارة ومتابعة كافة المبادرات القائمة ذات العائد المنخفض عن أسعار السوق، ويشمل ذلك عملية اتخاذ القرارات وتحديد الضوابط المتعلقة بالمبادرات سالفة الذكر سواء من حيث تحديد المستفيدين والتكلفة والمدى الزمني والجهة التي ستتولى الإدارة التنفيذية لكل مبادرة ومصدر التمويل والجهة التي ستتحمل التكلفة، وبحيث يتم انعكاس التكلفة والموارد الخاصة بتمويل هذه المبادرة ضمن بنود الموازنة العامة.
وقال الخبير الاقتصادي هاني جنينة إن وقف مبادرات البنك المركزي للتمويل منخفض العائد كان مطلبا للصندوق النقد الدولي من أجل الموافقة على إقراض مصر، لافتا إلى أهمية إلغاء هذه المبادرات لسببين الأول؛ خفض مطالبة الخزانة العامة بأية تعويضات عن دعم البنك المركزي لهذه المبادرات، ثانيا إلغاء التشوه في السياسة النقدية نتيجة وجود سعرين للصرف، وهو ما تسبب في ضعف تأثير قرارات البنك المركزي للسيطرة على التضخم.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن التوصل لاتفاق للحصول على تمويلات بقيمة 9 مليارات دولار منها 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، ومليار دولار من صندوق الاستدامة و5 مليارات دولار من الدول الشريكة للتنمية لتمويل الموازنة.
غير أن جنينة أشار إلى أن وقف مبادرات التمويل المنخفض ستسبب في تضرر بعض القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها الصناعة والزراعة، موضحا أن مبادرات البنك المركزي لهذين القطاعين تمنح تمويل لرأس المال العامل بفائدة 8% في حين تصل سعر الفائدة في السوق حاليًا إلى 16% أي زيادة تكلفة التمويل للشركات العاملة بالقطاعين للضعف.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، أطلق البنك المركزي المصري مبادرات لتمويل بعض الأنشطة الاقتصادية بفائدة ميسرة لزيادة الإنتاج بهذه القطاعات، وضمت قائمة المبادرات التمويل العقاري لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل، ومبادرة دعم قطاع السياحة، ومبادرة إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج، ومبادرة لتشجيع طرق الري الحديثة، وتمويل القطاع الصناعي بعائد 8%.
وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة ، أن القطاع الصناعي أصبح يواجه تحدين في الوقت الحالي هما؛ أولا نقص توافر مستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة للتصنيع، ثانيا ارتفاع تكلفة التمويل للتوسع في الاستثمارات، متوقعا أن تحدث انفراجة في هذه التحديات خلال العام المقبل مع توافر النقد الأجنبي عقب الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، والسيطرة على التضخم مما سيدفع البنك المركزي للخفض التدريجي لسعر الفائدة.
ويواجه القطاع الصناعي في مصر نقصا في مستلزمات الإنتاج والمواد الخام منذ مارس/ آذار الماضي، مع تطبيق البنك المركزي قواعد استيرادية لترشيد الاستيراد، بسبب وجود أزمة في النقد الأجنبي عقب خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
وتوقع هاني جنينة أن تتجه الحكومة لإلغاء باقي مبادرات التمويل منخفضة العائد في القريب العاجل بعد نقل تبعيتها من البنك المركزي إلى الوزارات المعنية، عقب انتهاء باقي المبالغ المخصصة لكل مبادرة، على ألا يتم تجديدها مرة ثانية.
وحظر قرار رئيس الوزراء، كافة الجهات أو الهيئات بما فيها البنك المركزي المصري إعداد أو صياغة أو تمويل أي مبادرة جديدة أو تعديل أي مبادرة قائمة يترتب عليها أعباء مالية مباشرة أو غير مباشرة على الخزانة العامة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على دراسة تعدها وزارة المالية.
وقال المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، ورئيس لجنة التشييد بالجمعية، إن وقف مبادرات البنك المركزي للتمويل منخفضة العائد سيؤثر سلبا على قطاعي الصناعة والزراعة؛ لأنهما أنشطة إنتاجية ترتكز على الحصول على تمويلات من البنوك لزيادة استثماراتها وتشغيل المزيد من العمالة.
ودعت جمعية رجال الأعمال المصريين، إلى اجتماع عاجل يوم الخميس المقبل، لمناقشة الآثار المتوقعة من تطبيق قرار الحكومة بتولي وزارة المالية متابعة مبادرات البنك المركزي المصري ذات العائد المنخفض على كافة الاستثمارات الإنتاجية سواء الصناعية أو الزراعية والخدمية وكذلك القطاع التصديري، بالإضافة إلى قطاع التشييد.
وأضاف فوزي، في تصريحات خاصة ، أن مواجهة إلغاء هذه المبادرات يتطلب إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار مخفضة، وإعادة تفعيل مبادرة بنك التنمية الصناعية لتوفير تمويل للأنشطة الإنتاجية الصناعية للتوسع في زيادة استثماراتها وزيادة نشاطها الإنتاجي بهدف زيادة الصادرات المصرية وتخفيض الواردات.
وكشف فتح الله فوزي عن إعداد جمعية رجال الأعمال ورقة عمل حول تأثير إلغاء المبادرات على الأنشطة الإنتاجية، ورؤية الجمعية حول كيفية الحفاظ على كل الاستثمارات القائمة ورفع حجم الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات خلال المرحلة الحالية، على أن يتم إرسالها لكل الجهات المعنية.