وافق مجلس الشيوخ المصري على مشروع قانون لتقنين أوضاع بعض مخالفات البناء والتصالح فيها، وذلك للحد من ظاهرة البناء العشوائي، ويتبقى أن يعرض مشروع القانون على مجلس النواب لمناقشته خلال الأسبوع المقبل قبل إقراره لبدء التطبيق، وقدر نواب حصيلة مخالفات التصالح بين 50-70 مليار جنيه (2-2.9 مليار دولار).
وسبق أن أعدت الحكومة قانونا للتصالح في مخالفات البناء في عام 2019، وتم تعديله في العام التالي إلا أنه تم وقف تنفيذه، بعد تقدم أكثر من 2.8 مليون طلب للتصالح على مخالفات البناء بسبب صعوبة تطبيقه نتيجة الكم الكبير من المخالفات في الوقت الذي يشترط فيه القانون معاينة لجنة مختصة لكل مخالفة.
وقال النائب إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، إن البلاد شهدت ظاهرة البناء العشوائي بشكل لافت خلال السنوات الماضية، مما دفع الحكومة إلى إعداد قانون للتصالح في مخالفات البناء والقضاء على هذه الظاهرة نهائيًا، وبالفعل أقر البرلمان قانونا عام 2019 وتلقت الحكومة 2.9 مليون طلب تصالح على مخالفات البناء بمختلف أنحاء الجمهورية منذ إقراره، وتم البت في نسبة 4% فقط من هذه الطلبات، وذلك بسبب الشروط التي تضمنها القانون آنذاك.
وبحسب تصريحات سابقة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، فإن ظاهرة البناء العشوائي ظهرت في مصر منذ السبعينات من القرن الماضي وتراكمت على مدار السنوات الماضية حتى أصبحت نسبة 50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى غير مخططة، كما تم البناء على أراضي زراعية تقدر مساحتها بـ90 ألف فدان منذ عام 2011.
وأضاف منصور، في تصريحات خاصة ، أنه بسبب بطئ التعامل مع طلبات التصالح نتيجة تضمنه قانون التصالح السابق من شروط يصعب تحقيقها على أرض الواقع، تقدمت بمشروع قانون جديد، كما تقدمت الحكومة كذلك بمشروع آخر، وتم عرض هذه القوانين على مجلس الشيوخ الذي وافق على إلغاء القانون السابق، وإعداد مشروع قانون جديد للتصالح في مخالفات البناء، تضمن تسهيلات في التصالح مع المواطنين لسرعة الفصل في الطلبات.
وبحسب تصريحات وزير التنمية المحلية هشام آمنة، فإن قانون التصالح أسفر عن تقدم المواطنين بـ2.8 مليون طلب تصالح، وظهرت عدة مشكلات أثناء تطبيق القانون منها بطء عمل اللجان وتأخر أعمال البت.
وأوضح إيهاب منصور أبرز التسهيلات الواردة بمشروع قانون التصالح في مخلفات البناء الجديد، وهي استثناء إجراء المعاينة على المنازل بالقرى التي بشرط ألا تبلغ مساحة المبنى محل المخالفة على 200 متر مربع ولا يتجاوز ارتفاعه عن أرضي و3 أدوار، ووتلك الشريحة تمثل الغالبية العظمى من طلبات التصالح المقدمة، كما أجاز القانون التصالح في مخالفات التعدي على خطوط التنظيم المعتمدة، رغم تأثير هذه المادة على خطط الدولة في إنشاء المشروعات والتخطيط العمراني، وكذلك يسمح القانون بالتصالح في مخالفات البناء التي تجاوز قيود الارتفاع المقررة من الطيران المدني وكذلك التعدي على أملاك الدولة.
وتابع أن القانون الجديد حدد 50 جنيه حد أدنى و2500 جنيه حد أقصى لسعر المتر مقابل التصالح في مخالفات البناء، وسمح بتقسيط قيمة التصالح على 5 سنوات بدون فائدة.
غير أن عضو مجلس النواب أكد على ضرورة أن تراعي الحكومة عدة نقاط خلال تطبيق قانون التصالح أهمها وضع تعريفات واضحة باللائحة التنفيذية للقانون لبعض المفاهيم، منها التصالح في المباني القريبة من الحيز العمراني، حيث يجب تحديد المسافة لطلب التصالح، وكذلك يجب وضع تعريف للمشروعات ذات النفع العام خارج الحيز العمراني التي يحق لها التصالح، حتى يسهل تطبيق القانون على أرض الواقع، وتلافي بطء التنفيذ في القانون السابق، كما طالب بإتاحة التصالح في الجراجات المقامة أسفل العمارات لاستغلال هذه المساحة.
وقال إن لجنة مشكلة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والخطة والموازنة والدستورية بمجلس النواب ستبدأ يوم الأحد المقبل مناقشة قانون تقنين التصالح في مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، على أن يتم عرضه على اللجنة العامة عقب الموافقة عليه، متوقعًا أن تتراوح حصيلة الدولة من مخالفات التصالح بين 50-70 مليار جنيه (2-2.9 مليار دولار) لخزينة الدولة إضافة إلى 22 مليار جنيه (896 مليون دولار) سبق تحصيلها، هذا بخلاف طلبات التصالح الجديدة التي سيتم تقديمها عقب إقرار القانون الجديد.
وحدد مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء، أن تؤول حصيلة التصالح إلى الخزانة العامة للدولة على أن يتم تخصيص نسبة 25% منها لصالح صندوق الإسكان الاجتماعي، ونسبة 39% لصالح مشروعات البنية التحتية من صرف صحي ومياه شرب، ونسبة لا تزيد عن 3% لإثابة العاملين على تطبيق القانون.
وقال النائب ثروت فتح الباب عضو لجنة الإسكان والإدارة المحلية بمجلس الشيوخ، إن مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء الجديد تدارك السلبيات التي تضمنها قانون الذي صدرعام 2019، كما أجاز التصالح في عدد كبير من المخالفات لم يتم الموافقة عليها في السابق مثل التصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، وخطوط التنظيم المعتمدة وحتى أملاك الدولة عدا الأراضي أملاك الري والآثار.
وأضاف فتح الباب، في تصريحات خاصة ، أن مجلس الشيوخ وافق على كل بنود مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء المقدم من الحكومة عدا البند الخاص بالتصالح في مخالفة تغيير نشاط أماكن جراج السيارات إلى سكني أو محال أو مشروعات أخرى؛ لأن طلبات التصالح المقدمة في تغيير نشاط الجراج بلغت 37% في المدن الجديدة مقابل 3.6% في المدن القديمة، مما يتطلب ضرورة أن تعمل على التصدي لهذه الظاهرة بما يحقق مصلحة المواطن.
ويرى ثروت فتح الباب أن مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء منح تسهيلات عديدة للمواطنين أبرزها منح خصم نسبة 25% مقابل السداد الفوري لقيمة التصالح، وسمح بالتقسيط خلال مدة لا تجاوز 5 سنوات، بدون فائدة في أول 3 سنوات، كما سمح للمنازل التي لا تزيد عن مساحتها عن 200 متر مربع بالقرى بالتصالح دون معاينة من لجنة مختصة، وكذلك سمح القانون بتشكيل لجنة ثلاثية فنية أو أكثر من العاملين بالجهة الإدارية أو من خارجها للسماح بتشكيل أكبر قدر من اللجان، لسرعة إنهاء الطلبات.
وربط عضو مجلس الشيوخ، الحصيلة المتوقعة من مخالفات التصالح بعدد الطلبات المقدمة للتصالح، والتي بلغت 2.8 مليون طلب تصالح، تقدم 850 ألف منهم بسداد مقابل الجدية، أغلبهم في المدن الجديدة، مشيرًا إلى أن القانون الجديد سيعمل على زيادة الحصيلة من خلال تشكيل لجان متعددة لمعاينة المباني المخالفة، إضافة إلى زيادة الحافز المادي لهذه اللجان والعاملين على تطبيق القانون.