استقبال فاتر للصحفيين الإسرائيليين في مونديال قطر

 كان المشهد في مطار بن غوريون احتفاليًا حين تم الإعلان عن رحلات جوية مباشرة خاصة من تل أبيب إلى الدوحة من أجل كأس العالم، فقد أحضرت الشركة المنظمة للرحلة كعكة مزينة بالعلمين القطري والإسرائيلي.

لكن يقول المراسلون الإسرائيليون الذين أرسلوا لتغطية البطولة بأنهم يعيشون أجواء أقل من ترحيبية.

قال معاف فاردي، كبير المراسلين الدوليين لهيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية “كان”،  إنه كان يتوقع بعض العداء من المشجعين الفلسطينيين والعرب، ولكن ليس بالمستوى الذي شهده في قطر.

يقول فاردي إن معظم المشجعين العرب الذين يحاول إجراء مقابلات معهم يبتعدون عندما يكتشفون أنه إسرائيلي، حتى لو أجروا محادثة ودية مسبقًا. لكن فاردي قال إن أصواتا قليلة تنخرط في “اعتداءات لفظية عنيفة”.

وقال فاردي بأن مشجعي كرة القدم في قطر يقولون له كل يوم تقريبًا: “أنت غير مرحب بك هنا، اذهب بعيدًا، هناك فقط فلسطين، لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، إسرائيل غير موجودة.”

وقال فاردي إن الانطباع الذي تولد لديه هو أن “الكراهية والاستياء” لا تتعلق فقط بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.. بالأحرى “يتعلق الأمر بوجود إسرائيل ذاته”.

بينما يقول إنه لم يشعر بالتهديد الجسدي، أزالت “كان” شعارها من ميكروفونه، بعد أن تم التعرف عليه من لقاءات في الدوحة انتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

نشر نجم كرة القدم الإسرائيلي السابق والمعلق الحالي إيل أوهانا مقطع فيديو يظهر ضابط شرطة قطري ينقله في عربة غولف. كان قد تلقى في البداية رد فعل صادم جراء إخبار الشرطي بأنه إسرائيلي، ثم قال له بأنه كان يمزح وأنه في الواقع من البرتغال. قال ضابط الشرطة إنه كان سيوقف العربة ويطرده لو كان معلقًا إسرائيليًا. عندما سأل المعلق السائق عن السبب، أجاب: “أنا فلسطيني” ومضى ليوضح أن العرب لا يمكنهم السفر إلى إسرائيل.

انتشرت مقاطع فيديو في إسرائيل والعالم العربي تظهر مشجعي كرة القدم وهم يصرخون في وجه المراسلين الإسرائيليين، رافضين التحدث إليهم بسبب البلد الذي جاؤوا منه. وتظهر مقاطع فيديو أخرى أشخاصًا يرفعون أعلامًا فلسطينية في خلفية لقطات حية للصحفيين الإسرائيليين، في استهزاء من المراسلين.

في حين يُسمح عمومًا باستخدام أعلام الدول في المباريات، فإن الملابس أو اللافتات التي تحتوي على بيانات سياسية -مثل حقوق مجتمع الميم أو تلك التي تدعم المتظاهرين الإيرانيين- أدت في بعض الأحيان إلى طرد المشجعين من الملاعب. لكن بعض الحضور العرب يقولون إن القضية الفلسطينية، التي تدعمها قطر رسميًا، تبدو استثناءً. لقد رفع المشجعون علمًا فلسطينيًا عملاقًا كتب عليه ” Free palestine” في إحدى المباريات المبكرة.

ووفقًا لمصادر مطلعة على الأمر، تقدم 8000 فلسطيني و3800 إسرائيلي بطلبات للحصول على تذاكر كأس العالم، رغم احتمال دخول آلاف آخرين إلى قطر بجوازات سفر أخرى.

لا توجد علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وقطر، ولكن بموجب قواعد الفيفا، يجب السماح للإسرائيليين بحضور البطولة ويتواجد فريق قنصلي إسرائيلي مؤقت صغير في الدوحة لمساعدة المواطنين، الذين نصحتهم وزارة الخارجية الإسرائيلية بعدم جذب الانتباه إليهم بشكل كبير.

قال عمر بركات، مدرب المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، لرويترز في الدوحة بأنه شُجع على حمل الأعلام الفلسطينية في المباريات. قال إنه سمح له من قبل الأمن بأخذ علم كبير الحجم إلى الاستاد فقط عند الكشف على أنه علم فلسطيني. وقال “إنه بيان سياسي ونحن فخورون به.”

اقتحم يوم الأربعاء مشجع لكرة القدم يرتدي قميصا تونسيا الملعب وهو يحمل العلم الفلسطيني خلال المباراة بين فرنسا وتونس. وعندما ألقى رجال الأمن القبض عليه، سُمعت حشود في المنصة تهتف “فلسطين! فلسطين!”

بالنسبة لفرح همام، مشجعة كرة قدم فلسطينية-أردنية، فإن رفض بعض المشجعين العرب التعامل مع الصحفيين الإسرائيليين يعكس إحباط العالم العربي من “الفظائع المستمرة التي تحدث” ضد الشعب الفلسطيني.

وقالت  إن هذا هو “الشعور الحقيقي” تجاه إسرائيل “رغم جهود التطبيع التي تبذلها الحكومات العربية.”

وقالت: “ربما للمرة الأولى في التاريخ، يظهر العرب في جميع أنحاء العالم غير آسفين ونفاذ صبرهم مع إسرائيل.”

قامت إسرائيل في السنوات الأخيرة بتطبيع العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، وهي خطوة اعتُبرت إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا للأمة وطريقة للخروج من عزلتها الإقليمية.

طلال حزامي، مشجع كرة قدم سعودي في كأس العالم، يربط مواقف العرب تجاه الإسرائيليين في الدوحة بالتراجع عن اعتراف هذه الدول بإسرائيل.

قال : “إنه رفض للتطبيع مع إسرائيل في الشرق الأوسط… العديد من المواطنين العرب يرون في ذلك خيانة.”

وقال إن الصحفيين الإسرائيليين ربما افترضوا خطأً أن اتجاه التطبيع تجاه إسرائيل في العالم العربي “هو انعكاس لما يشعر به شعوب تلك الدول تجاههم بينما في الواقع، يشعر الكثيرون بالغضب الشديد منه”.

ولم تستجب وزارة الخارجية القطرية واللجنة العليا للمشاريع والإرث، الجهة المنظمة للبطولة، لطلبات  للتعليق على معاملة المراسلين الإسرائيليين أو عرض شعارات سياسية في كأس العالم.

رداً على الطريقة التي يقول إنه عومل بها من قبل العرب في الدوحة، نشر راز شيشنيك، مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، منشورًا طويلًا على تويتر باللغة العبرية حول تجربته، قائلاً: “كنت دائمًا وسطيًا وليبراليًا ومنفتحًا [مع] إرادة صنع السلام فوق كل شيء. لطالما اعتقدت أن المشكلة تكمن في الحكومات والحكام. لكن، أدركت في قطر مدى انتشار الكراهية لدى الناس في الشارع. كم يريدون مسحنا من على وجه الأرض. إلى أي مدى يثير كل ما يتعلق بإسرائيل كراهية شديدة في نفوسهم.”

قال روي يانكلويتز، مراسل موقع IsraelSport ، إنه لم يواجه العديد من المشاكل في الدوحة لكنه “لا يتجول مع ميكروفون يحمل اللغة العبرية”.

قال : “أفهم كإسرائيلي أنه قد تكون هناك مشكلة هنا بالنسبة للناس لقبول وجود الإسرائيليين لأنهم لا يعرفون الكثير عن إسرائيل. كل ما يرونه هو ما تنقله لهم وسائل الإعلام، وسائل الإعلام العربية المحلية عن إسرائيل. كل ما يرونه هو أنهم عندما يرون شيئًا بالعبرية يعتقدون أنه شيء سيء.”

قال يانكلويتز إنه أخذ نصيحة وزارة الخارجية الإسرائيلية لجميع الحاضرين الإسرائيليين بعدم لفت الأنظار وألا يخبر بالضرورة المشجعين أنه من إسرائيل ما لم يشعر أنه آمن للقيام بذلك.

لكن لا يتفق كل العرب في الدوحة على أن بطولة كرة القدم هي المكان المناسب لإظهار الدعم للفلسطينيين. وقال منصر الشبلي، وهو مشجع من ليبيا في كأس العالم إنه “من الجيد” رؤية المشجعين يدعمون الفلسطينيين، لكنه أضاف أن كرة القدم يجب أن تكون “منفصلة عن السياسة … حتى لو كانت القضية الفلسطينية.”

قال فاردي، مراسل “كان” الإسرائيلية، إنه ورغم من بعض العداء، فقد كان لديه أيضًا بعض التفاعلات الرائعة، فبعد التعرف عليه أثناء مشاهدة مباراة وطلب أحد المشجعين منه “الابتعاد”، استدار مشجع آخر من المملكة العربية السعودية جالسًا بالقرب منه وقال: “أوه إسرائيل؟ لماذا لا تتخلصون لنا من إيران من فضلكم”.

عن sherin

شاهد أيضاً

بعد تألقه أمام توتنهام.. رقم قياسي جديد لمحمد صلاح في الدوري الإنجليزي

 سجّل محمد صلاح هدفين وصنع مثلهما، ليساهم في فوز نادي ليفربول على نظيره توتنهام هوتسبير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *