استأنفت الحكومة المصرية برنامج الطروحات الحكومية بقيد شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع بالبورصة وذلك ضمن مخططها لطرح العشرات من شركات الدولة بسوق المال بهدف زيادة ملكية القطاع الخاص في هذه الشركات.
وأشاد خبراء سوق مال بأهمية قيد شركة جديدة تعمل بقطاع النقل، في ظل عدم وجود العديد من الشركات الممثلة بالقطاع، وفي الوقت نفسه إقبال المستثمرين على الاستثمار بالنقل.
وتتبنى الحكومة المصرية رؤية لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني من خلال إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي خلال الأربع سنوات المقبلة، إضافة إلى طرح 10 شركات قطاع عام وشركتين للقوات المسلحة بالبورصة.
وقالت داليا السواح عضو مجلس إدارة البورصة إن لجنة القيد وافقت على القيد المؤقت لشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع برأس مال مصدر 164 مليون جنيه، ويسهم طرح الشركة في زيادة رأس المال السوقي للبورصة، وتعزيز أحجام التداول عبر جذب الطرح الجديد شريحة واسعة من المستثمرين سواء من المؤسسات أو الأجانب.
وبحسب بيان البورصة، تم قيد شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع مؤقتا برأس مال يبلغ 164.11 مليون جنيه (6.7 مليون دولار) موزع على أكثر من 32.8 مليون سهم، وبذلك يكون أمام الشركة مهلة 6 أشهر لاستيفاء متطلبات القيد تمهيدًا للطرح العام الأولي.
وترى السواح، في تصريحات خاصة ، أن الوقت الحالي مناسب لطرح شركة بورسعيد للحاويات، في ظل ارتفاع السيولة بالبورصة لمستويات قياسية لم تشهدها منذ عام 2018، لتتخطى قيم التداول 3 مليارات جنيه (122 مليون دولار) في بعض الجلسات، كما أن النقل من القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري، وتحقق أرباحا ضخمة مقارنة بباقي الأنشطة الاقتصادية.
وبحسب الموقع الرسمي لشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، فإنه تم إنشاء الشركة في التسعينات من القرن الماضي، ويتركز نشاطها على تداول وتخزين ونقل الحاويات، وتتداول سنويا 900 ألف وحدة مكافئة، كما تمتلك الشركة ميناء جاف بمدينة العاشر من رمضان، وحققت صافي ربح بلغ 749.6 مليون جنيه (30.5 مليون دولار) في العام المالي 2017/2018.
وأكد عادل عبدالفتاح رئيس مجلس إدارة شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، على أهمية قيد شركة جديدة بالبورصة، في ظل ما تعانيه خلال السنوات القليلة الماضية من انخفاض ملحوظ في الطروحات الجديدة مقابل شطب العديد من الشركات المدرجة، مما دفع بعض المستثمرين من المؤسسات أو الأفراد الإحجام عن التداول بسوق المال نتيجة ضعف السيولة، كما يسهم الطرح في جذب شرائح جديدة من المستثمرين.
واتفق عبدالفتاح مع ما ذكرته عضو مجلس إدارة البورصة، أن الوقت الحالي مناسب لاستقبال طروحات جديدة في ظل التحسن الكبير في أحجام التداول، والتي تخطت 2 مليار جنيه (81.3 مليون دولار) مقابل متوسط 300-400 مليون جنيه (12.2- 16.3 مليون دولار) منذ 3 شهور، وهو مؤشر على دخول سيولة جديدة مما يشجع قيد وطرح الشركات.
ويستهدف برنامج الطروحات الحكومية تحقيق أفضل عائد مادي للدولة وتعظيم الاستفادة من أصولها من خلال إتاحة الفرصة سواء للطرح العام للمواطنين أو للقطاع الخاص، للمشاركة مع الدولة في زيادة فعالية ونجاح هذه الأصول، وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة، بحسب بيان رسمي.
وقال عادل عبدالفتاح، في تصريحات خاصة ، إن البورصة في حاجة لقيد شركات بكل القطاعات في ظل انخفاض أعداد الشركات المتاحة بسوق المال في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن قطاع النقل الذي تعمل به شركة بورسعيد لتداول الحاويات من القطاعات الجيدة، والذي يشهد نموا كبيرا في الأرباح.
ويتداول بالبورصة 4 شركات بقطاع خدمات النقل والشحن، وهم المصرية لخدمات النقل (ايجيترانس)، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، والقناة للتوكيلات الملاحية، والعربية المتحدة للشحن والتفريغ.
ونصح رئيس مجلس إدارة شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، الحكومة بالترويج الجيد للطروحات الحكومية لدى المؤسسات العربية والأجنبية وكذلك محليا؛ لأن الوقت الحالي هو الأنسب لبدء الطروحات، باستثناء مشكلة استقرار الدولار، والتي توقع أن تشهد انفراجه خلال الفترة المقبلة.
وأسس صندوق مصر السيادي، صندوق فرعي لإدارة عملية الطرح لبعض الشركات المملوكة للدولة بالبورصة، أو على مستثمر استراتيجي، وحددت أهداف الصندوق في جذب استثمارات أجنبية في فترة زمنية قصيرة، والإسراع بتنفيذ برنامج الطروحات وذلك في ضوء سرعة اتخاذ القرارات من قبل الصندوق، واستهداف مستثمرين استراتيجيين مما يساعد في قياس مدى الاهتمام المؤسسي قبل الانتقال إلى مرحلة الاكتتاب العام.
وقال خبير أسواق المال أحمد السيد، إن الحكومة استأنفت برنامج الطروحات الحكومية بقيد شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع بسوق المال، عقب آخر طرح لشركة حكومية وهي شركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، ووقتها كان يأمل أن يتم طرح شركات أخرى إلا أن ظروف العالمية التي أثرت على أداء البورصة ولم يكن مناسبا.
وأضاف السيد، في تصريحات خاصة أن شركة بورسعيد لتداول الحاويات تعمل بقطاع النقل، وهو إحدى القطاعات غير الممثلة بشكل كبير داخل البورصة، حيث يمثل بالقطاع 4 شركات فقط برأس مال لا يمثل سوى 3% فقط من رأس المال السوقي للبورصة، كما أن القطاع يشهد إقبالًا من المستثمرين خلال الفترة الماضية مما يتطلب زيادة أعداد الشركات التي تعمل بهذا القطاع.
وتوقع أحمد السيد أن يتم طرح شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع خلال شهر مارس/ آذار المقبل، شريطة استمرار تحسن أحجام التداول وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تعمل عليها الحكومة، إضافة إلى استقرار أزمة سعر العملة، مرجحًا أن يصل حجم طرح شركة بورسعيد إلى حوالي 15 مليار جنيه (610 مليون دولار).
ويرى السيد أن هناك 3 توصيات لإنجاح الطروحات الحكومية وهي أولا ضرورة التركيز على زيادة دور الاستثمار الحكومي بالبورصة لدعم مستويات السيولة في السوق وزيادة مستويات الاستثمار المؤسسي وجذب المستثمرين الأجانب، إضافة إلى لعب دور صانع السوق لتحقيق الاستقرار في الأداء، مشيرا إلى أن حجم استثمارات البريد والأوقاف وهيئة التأمينات الاجتماعية ضعيف جدا بالبورصة مقارنة بحجم أصولها، والذي يتراوح تريليون جنيه.
وأضاف ثانيا اختيار قطاعات تناسب المستثمرين مثل قطاعات النقل والمرافق والكهرباء والتي تحقق عائد مرتفع يجذب المستثمرين، وهو ما شهدناه في أسواق المال العربية خلال الفترة الماضية، ثالثًا زيادة نسب الطرح للشركات الجديدة لجذب المستثمرين الأجانب.
واجتمع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، مع الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وقيادات البورصة وهيئتي التأمينات الاجتماعية والبريد لبحث زيادة استثمارات المؤسسات الحكومية الكبرى في البورصة لتنشيط التداول وتعزيز السيولة.