أدى قرار البنك المركزي المصري بتطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع معدل التضخم الشهري 2.5% لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث سجل معدل التضخم السنوي في المدن 18.7% وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول عام 2017.
وبلغ معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 19.2% لشهر نوفمبر 2022 مقابل 6.2% لنفس الشهر من العام السابق، وبلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 140.7 نقطة لشهر نوفمبر.
وقالت آية زهير، نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال للاستشارات المالية، إن زيادة معدل التضخم الشهري بنسبة 2.5% خلال شهر نوفمبر الماضي جاءت متوقعة، عقب قرار البنك المركزي تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية، كما أن معدل التضخم في شهر أكتوبر/ تشرين الأول لم يعكس ارتفاع تكاليف نفقات التعليم وشراء مستلزماته من ملابس وأغذية وأحذية، مما أثر على قراءة تضخم الشهر الماضي.
وأصدر البنك المركزي المصري، يوم 27 أكتوبر الماضي، عدة قرارات أبرزها زيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس، والإلغاء التدريجي لنظام الاعتمادات المستندية حتى إتمام الإلغاء الكامل لها في ديسمبر الجاري، وتطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وتزامن مع ذلك إعلان لجنة الخبراء بصندوق النقد الدولي إقراض مصر 3 مليارات دولار، ضمن حزمة تمويلات من شركاء التنمية بقيمة 9 مليارات دولار.
وتوقعت زهير، في تصريحات خاصة ، أن يستمر معدل التضخم في الزيادة حتى مطلع العام المقبل، وذلك ضمن موجة تضخم عالمية تواجه كل الاقتصاديات سواء الناشئة أو المتقدمة، هذا بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع لسعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، غير أنها أشارت إلى أن معدل زيادة التضخم في العام الجديد ستكون أقل من وتيرة العام الحالي.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة 25% منذ يوم 27 أكتوبر الماضي، وسجل الدولار 24.56 جنيه للشراء، و24.64 جنيه للبيع بالبنك المركزي نهاية الأسبوع.
وتوقعت أن تقود مجموعة الأغذية والمشروبات زيادة التضخم في مصر خلال الفترة المقبلة، نتيجة لانعكاس انخفاض الجنيه أمام الدولار، مستبعدة تحديد موعدا نهائيا لانخفاض معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، كما استبعدت تأثير موافقة صندوق النقد الدولي على حصول مصر على تمويل بخفض فوري للتضخم خلال الفترة القريبة المقبلة.
وينظر مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، يوم 16 ديسمبر الجاري، الموافقة على إقراض مصر 3 مليارات دولار ضمن برنامج التسهيل الممتد، ويمنح موافقة الصندوق مصر 5 مليارات دولار إضافية من عدد من المؤسسات الدولية والإقليمية التمويلية والتنموية الأخرى.
واتفق وائل عنبة خبير أسواق المال، مع ما ذكرته آية زهير حول أن زيادة التضخم كانت متوقعة عقب زيادة سعر الدولار أمام الجنيه خلال شهر نوفمبر، موضحا أن مصر تستورد نسبة 70% من احتياجاتها، ولذا فإن أي تحرك لسعر الصرف يؤثر سلبا على معدل التضخم، مطالبا البنك المركزي المصري بإصدار شهادات بالجنيه المصري بسعر عائد مغري يصل إلى 22% بشرط أن يمول شرائها من بيع الدولار للبنوك، وذلك بهدف زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي، والسيطرة على التضخم، وهو ما سبق أن طبقته مصر عام 2017 وقت تحرير سعر الصرف.
وقال عنبة، في تصريحات خاصة ، إن قطاعي الأغذية والعقارات هما أبرز القطاعات التي رفعت معدلات التضخم خلال الشهر الماضي، متوقعا استمرار زيادة التضخم خلال الشهور المقبلة، طالما استمرت أزمة العملة، حيث أن معدل التضخم في عام 2017 زاد إلى 30% ولم تنحسر إلا عقب قرار البنك المركزي وقتها تحرير سعر صرف الجنيه، والذي أدى إلى انخفاض سعر الدولار من 19 جنيها إلى 15 جنيها وتبعه تراجع التضخم من 30% إلى حوالي 6%.
وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت أسعار مجموعات الحبوب والخبز بنسبة 4.8%، اللحوم والدواجن بنسبة 6.8%، الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 3.7%، الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.5%، الزيوت والدهون بنسبة 1.4%، مجموعة الخضروات بنسبة 7.8%.
وربط وائل عنبة، استمرار ارتفاع معدل التضخم بحل أزمة نقص النقد الأجنبي، موضحا أن هناك طلب مرتفع في الوقت الحالي بالأسواق يقابله نقص في المعروض نتيجة انخفاض الإنتاج بسبب عدم وفرة الدولار.