تستهدف مصر، تحقيق معدل نمو اقتصادي 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق فائض أولي مستدام يصل إلى 2% في المتوسط خلال العام المالي الجديد 2023/2024، معتمدة في ذلك على زيادة تنافسية الاقتصادي المصري، وتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات لتحفيز الاستثمار.
ويرى خبراء أنه من الصعب تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع، في ظل استمرار تحديات الاقتصاد العالمي، وارتفاع التضخم عالميًا ومحليًا مما يؤثر على النشاط الاقتصادي.
وأصدرت وزارة المالية المصرية، منشور إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2023/2024، مستهدفة تحسين مستوى المعيشة، والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، مع استهداف التوزيع العادل للاعتمادات الموازنية بشكل يراعي الاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية لكل المناطق وشرائح المجتمع، بحسب بيان رسمي.
وقال عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إن منشور إعداد الموازنة العامة للدولة، يعد أولى الخطوات لإطلاق مشروع قانون الموازنة، ويحدد بهذا المنشور التقديرات الأولية لمعدل النمو ومستهدف العجز والفائض للموازنة، بناءً على الافتراضات التي تقدمها الجهات الحكومية، وتأخذ هذه الافتراضات في الاعتبار، الظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على الصعيدين الوطني والدولي، وبعدها يتم عرض مشروع الموازنة للمناقشة مع البرلمان خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري.
ويمر إعداد الموازنة العامة للدولة بـ6 خطوات، تبدأ بإصدار منشور إعداد الموازنة، وعلى أساسه تقوم كل جهة من جهات الدولة بإعداد موازنتها وفقًا لرؤيتها، وفي المرحلة الثانية تقوم وزارة المالية بمناقشة الجهات الموازنية حول تفاصيل الموازنات الخاصة بكل منها، وفي المرحلة الثالثة يتم عرض مشروع الموازنة على مجلس الوزراء للمناقشة والتعديل، وفي الخطوات التالية يتم عرضها على البرلمان لمناقشتها واعتمادها، ثم رفعها لرئيس الجمهورية لإقرارها.
وشدد “إمام”، في تصريحات خاصة “، على ضرورة أن تتضمن موازنة العام المالي الجديد، إجراءات للتقشف الحكومي، وتخفيض التوسع في القروض الخارجية، والتركيز على تنفيذ مشروعات حياة كريمة، ووقف البدء في مشروعات جديدة إلا عقب الانتهاء من المشروعات القائمة.
وبحسب بيان وزارة المالية، يستهدف مشروع موازنة العام المالي الجديد، التركيز على الأولويات التنموية، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، والتعامل مع آثار التحديات الاقتصادية الدولية والمحلية؛ بما يسهم في الحد من تداعيات الموجة التضخمية العالمية على المواطنين، واستكمال المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم.
فيما يرى الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، صعوبة تحقيق الحكومة مستهدف معدل نمو اقتصادي 5.5% خلال العام المالي الجديد 2023/2024، في ظل التحديات والمتغيرات الاقتصادية العالمية، وتداعياتها على الاقتصاد الوطني سواء في ارتفاع ونقص مستلزمات الإنتاج والمواد الخام، وارتفاع معدل أسعار الفائدة عالميًا، مضيفًا أن اقتصاديات الدولة النامية ومنها مصر تعاني تحديات ضخمة تعوقها على تحقيق نمو اقتصادي مرتفع.
وخفضت مصر من توقعات معدل نمو الاقتصادي إلى 5% خلال العام المالي الجاري 2022/2023 من 5.5% مستهدفة في بداية العام، بسبب استمرار تداعيات فيروس كورونا، والأزمة الروسية-الأوكرانية، فضلا عن التأثيرات غير المواتية للتغيرات المناخية.
وأشار “بدرة”، في تصريحات خاصة “، إلى أن البنك الدولي خفض من توقعات نمو الاقتصاد العالمي نتيجة استمرار تحديات جائحة كورونا، وارتفاع معدلات التضخم عالميًا، مما يعني استمرار تأثير التداعيات العالمية على الاقتصاد المصري، والذي قد ينجح في تحقيق معدل نمو إيجابي، ولكن من الصعب أن يصل إلى مستوى 5.5% في العام المالي الجديد.
ولفت مصطفى بدرة، إلى رفع البنك المركزي سعر الفائدة 300 نقطة أساس نهاية الأسبوع الماضي، قد يؤثر كذلك على مستهدفات الموازنة بتحقيق فائض أولي 2%؛ لأنه سيؤثر سلبًا على ارتفاع مديونيات الموازنة، ومعدل البطالة، مشيرًا في هذا الصدد، إلى أن الفائض الأولي للموازنة العام للمالي الجاري لم يحقق 1.5% خلال الربع الأول، وكان قبل رفع الفائدة، ولذا من الصعب استدامة تحقيق فائض أولي في موازنة هذا العام أو العام المالي الجاري.
وحققت الموازنة العامة لمصر فائضا أوليا بقيمة 10.2 مليار جنيه (411.6 مليون دولار) خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2022/2023 بنسبة 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب التقرير الشهري لوزارة المالية.
وأكد أستاذ التمويل، على أهمية أن تتضمن موازنة العام المالي الجديد، زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر من خلال التركيز على تيسير إجراءات الاستثمار، وتسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية، خاصة الشركات الضخمة من خلال عرضها على موقع استراتيجي يضخ استثمارات ضخمة لزيادة القيمة المضافة للشركة، إضافة إلى التركيز على ملف السياحة لزيادة إيرادات السياحة وجذب أعداد أكبر من السياح.
وتستهدف الحكومة المصرية زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني من خلال إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي خلال السنوات الأربع المقبلة، إضافة إلى طرح 10 شركات قطاع عام وشركتين للقوات المسلحة بالبورصة.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم مصطفى الخبير الاقتصادي، إن تحقيق مصر معدل نمو اقتصادي 5.5% في العام المالي الجديد يتطلب أولًا، زيادة إيرادات الموازنة وترشيد النفقات؛ لخفض عجز الموازنة، وثانيًا، تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال تدبير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد السلع والمواد الخام، والقضاء على السوق الموازية للدولار، إضافة إلى سداد التزامات الدولة الخارجية، وثالثًا، زيادة إيرادات السياحة، والتي لا تتماشى مع حجم ما تمتلكه مصر من مقاصد سياحية متنوعة، ورابعًا، زيادة تحويلات المصريين المقيمين بالخارج، والتي انخفضت من 32 مليار دولار إلى 22 مليار دولار.
وتواجه مصر أزمة في نقص النقد الأجنبي منذ شهر فبراير/شباط الماضي، نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، عقب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات الفائدة عالميًا، كما أثرت الحرب سلبًا على إيرادات السياحة وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا.
وأضاف “مصطفى”، في تصريحات خاصة “، أن هناك عدة تحديات تواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية أبرزها، أولًا نقص الدولار مما أدى إلى ظهور السوق الموازية، وأثر سلبًا على تحويلات المصريين المقيمين في الخارج، ووقف استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وثانيًا تأمين حجم الاحتياطي من السلع الاستراتيجية للسوق المحلي، في ظل ضعف عرض الدولار، وارتفاع أسعار السلع عالميًا، وثالثًا، انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، ورابعًا، رفع أسعار الفائدة سيؤثر على تكلفة الاقتراض الحكومي.
وأفرجت مصر عن بضائع موجودة في الموانئ بقيمة 5 مليارات دولار خلال 23 يومًا، وذلك من بضائع قيمتها نحو 14 مليار دولار كانت قد تراكمت بالموانئ منذ بدء أزمة تراكم البضائع، بحسب بيان حكومي.