تعاني أنظمة الرعاية الصحية في العديد من الأماكن في فصل الشتاء. وتميل حالات مثل الربو، والنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، إلى التفاقم في درجات الحرارة الباردة، بالإضافة إلى بعض الأمراض المعدية مثل الإنفلونزا والتي تنتشر بسهولة أكبر، مما يعني أن المرافق تواجه حملاً أكبر من المرضى.
وهذا العام، يمكن لجائحة فيروس كورونا أن تتسبب بعاصفة شتوية، ويشير العلماء إلى أن البلدان بحاجة إلى الاستعداد لارتفاع محتمل في الحالات التي قد تكون أكثر خطورة من التفشي الأول.
وفي الطقس البارد، نقضي المزيد من الوقت في الداخل، أي في أماكن سيئة التهوية، وهي بالضبط الظروف التي من المرجح أن تجعل فيروس كورونا المستجد ينتشر بسهولة أكبر.
ومن المرجح أن يصبح تتبع حالات فيروس كورونا أكثر صعوبة نظراً لأن أعراض “كوفيد-19” مشابهة لأعراض موسم الإنفلونزا الشتوي.
وقد تجد الحكومات أيضاً أنه من الصعب وضع إجراءات حظر على السكان الذين أصابهم الإرهاق في الحجر المنزلي بالفعل.
وربما يكون النصف الشمالي للكرة الأرضية قد شهد موسماً معتدلًا من الإصابة بالإنفلونزا في الشتاء الماضي، ولكن لا يزال هناك خطر حدوث وباء إنفلونزا هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك، أدت هذه الجائحة إلى تعطيل الرعاية الصحية في العديد من البلدان، مما أدى إلى تراكم عدد المرضى و إنهاك العاملين بمجال الرعاية الصحية على الخطوط الأمامية الذين لا يزالون يعانون من العدد الهائل من الحالات حتى الآن.
وقامت أكاديمية العلوم الطبية في المملكة المتحدة بنمذجة ما وصفته بـ “السيناريو الأسوأ المعقول”. واقترحت الأكاديمية أن عدد وفيات المستشفيات المرتبطة بـ”كوفيد-19″ بين سبتمبر/ أيلول 2020 ويونيو/حزيران 2021 في المملكة المتحدة قد يصل إلى 119 ألف و900. ويعد هذا الرقم أكثر من ضعف عدد الوفيات التي تعرضت لها المملكة المتحدة حتى الآن والبالغة 45 ألف، وهذا الرقم لا يشمل الوفيات المحتملة في دور الرعاية، والتي شكلت 30% من الوفيات في إنجلترا.
وقال الدكتور ستيفن هولجيت، الأستاذ السريري في مجلس البحوث الطبية لعلم الأدوية المناعي والأستاذ الفخري بجامعة ساوثهامبتون ورئيس التقرير :”نحن بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا للحفاظ على صحتنا هذا الشتاء، ويجب إعطاء الأولوية لأولئك الأكثر ضعفاً”.
وأوضح هولجيت: “لدينا هذه الأشهر الثلاثة حتى تتحسن الأمور”، مضيفاً أنها فرصة حاسمة لمساعدتنا على الاستعداد لأسوأ ما يمكن أن يلقيه علينا الشتاء”.
أبقِ تلك النوافذ مفتوحة إذا استطعت
وذكر التقرير أن التواجد داخل المنزل أكثر خلال فصل الشتاء يعني أن هناك فرصة أكبر لانتقال الفيروسات من شخص لآخر.
ويعني ضوء النهار الأقل أن الناس يبقون في منازلهم لفترات أطول، وهم أكثر عرضة للقيادة أو استخدام وسائل النقل العام.
وقال التقرير إن سوء التهوية، بالإضافة إلى المساحات المزدحمة، يزيد من كثافة جزيئات الفيروس المنتشرة في الهواء. وأضاف أن انخفاض الرطوبة ودرجات الحرارة الباردة والظروف الداكنة يمكن أن يعني أن الفيروس يبقى لفترة أطول على الأسطح.
وقال التقرير :”في الطقس البارد أو الرطب أو العاصف، يمتنع الناس عن فتح النوافذ لأنها تدخل تيارات هواء باردة، وبالتالي فإن معدلات التهوية تكون أقل في الشتاء”.
وأشار التقرير إلى أنه يمكن أن يكون هذا تحدياً خاصاً في المباني محكمة الإغلاق الحديثة، التي لديها معدلات منخفضة للغاية لكفاءة الطاقة والأشخاص من ذوي الدخل المنخفض، الذين يحاولون الحفاظ على انخفاض تكاليف التدفئة.
وقالت أكاديمية العلوم الطبية إن نماذجها أشارت إلى أن حالات “كوفيد-19” سترتفع مرة أخرى في الخريف والذروة في يناير/كانون الثاني وفبراير/ شباط، أي أكثر الأوقات ازدحاماً في العام لخدمة الصحة الوطنية في البلاد.
وتستند الأرقام الصادرة عن أكاديمية العلوم الطبية على افتراض أنه لن يكون من الممكن فرض إغلاق فعال مثل الذي فرضته المملكة المتحدة في مارس/ آذار 2020.
ولا يأخذ هذا النموذج في الاعتبار استخدام الأدوية الجديدة المحتملة، أو اكتشافات حول الأدوية الموجودة، مثل ديكساميثازون الستيرويد، والتي يمكن أن تقلل من معدلات الوفيات، ولا يأخذ في الاعتبار العلاجات المحتملة الأخرى أو اللقاحات المحتملة.
احصل على لقاح الإنفلونزا
وقال التقرير إنه من الصعب بشكل خاص توقع الإنفلونزا الموسمية هذا الشتاء، إذ غالباً ما تختلف في شدتها من عام إلى آخر.
ويمكن أن يكون من شأن تدابير التباعد الاجتماعي المتخذة للتخفيف من انتشار “كوفيد-19” أن تقلل من انتشار الإنفلونزا.
ووجدت دراسة أن هونغ كونغ، التي كانت من أوائل الذين تبنوا إجراءات السيطرة على الإصابة بعدوى “كوفيد-19″، واجهت وباء إنفلونزا أقصر وأقل حدة بشكل ملحوظ في الشتاء الماضي.
ومع ذلك، من الممكن أن تصاب بنزلة برد أو إنفلونزا في الوقت ذاته مع الإصابة بـ”كوفيد-19″، وهذا يمكن أن يزيد من خطر العطس والسعال، مما يسهل انتشار “كوفيد-19″، بحسب تقرير أكاديمية العلوم الطبية.