أثار قرار الحكومة المصرية بتخفيف شروط منح الجنسية للمستثمرين الأجانب مقابل شراء عقارات أو الاستثمار في شركات أو إيداع مبالغ بالدولار، جدلا حول العائد من حصيلة تعديلات قانون منح الجنسية منذ إقرارها عام 2019، وكذلك مخاوف بشأن من سيحصلون على الجنسية.
واستبعد أعضاء بالبرلمان أن تحقق التعديلات الجديدة لمنح الجنسية حصيلة دولارية ضخمة في ظل وجود عوائق أمام الاستثمار في مصر، كما أكدوا أن هناك لجنة تراجع ملفات المتقدمين قبل منح الجنسية، وبالتالي ليس هناك مخاوف من منحهم الجنسية، خاصة وأنه يمكن لرئيس الوزراء إسقاطها للحفاظ على الأمن القومي.
وصدق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أغسطس/ آب عام 2018، على تعديلات بقانوني دخول وإقامة الأجانب بمصر والخروج منها، ومنح الجنسية المصرية، وأضافت التعديلات منح الإقامة للأجانب مقابل وديعة لا تقل عن 7 ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية، ومنح الجنسية مقابل وديعة لمدة 5 سنوات متتالية على الأقل.
وبعدها بعام، صدق السيسي على تعديلات جديدة بتخفيف الشروط من خلال منح رئيس الوزراء سلطة منح الجنسية لكل أجنبي اشترى عقار أو أنشأ مشروعا استثماريا أو وضع وديعة بالعملة الأجنبية في حساب الخزانة العامة، وتشكيل وحدة لفحص طلبات التجنيس المقدمة.
وفي نفس عام صدور التعديلات الجديدة، أقر مجلس الوزراء شروط منح الجنسية مقابل شراء عقار من الدولة بمبلغ لا يقل عن 500 ألف دولار، أو إنشاء أو المشاركة في مشروع استثماري بمبلغ لا يقل عن 400 ألف دولار، أو إيداع مبلغ 750 ألف دولار في البنك المركزي كوديعة بدون فوائد يتم استردادها بعد مرور 5 سنوات بالجنيه المصري.
إلا أنه مع استمرار أزمة نقص الدولار، تم تخفيف هذه الشروط بخفض مقابل شراء العقار من 500 ألف دولار إلى 300 ألف دولار، دون شرط تحويلها من الخارج، وخفض قيمة المشاركة في مشروع استثماري إلى 350 ألف دولار مع إيداع مبلغ 100 ألف دولار كإيرادات مباشرة لا ترد، أما بالنسبة لحالة الوديعة المباشرة، تم تخفيض قيمة الوديعة من 750 ألف دولار إلى 500 ألف دولار، وتقليل مدتها من 5 سنوات إلى 3 سنوات، أو إيداع مبلغ 250 ألف دولار لصالح الخزانة العامة لا ترد، ويمكن تقسيطها على عام واحد.
وقال الدكتور فريدي البياضي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن الحكومة يسرت شروط منح الجنسية بتقليل المبالغ المطلوبة للراغبين في الحصول على الجنسية سواء لشراء العقار أو الاستثمار أو حتى الوديعة المباشرة، بسبب عدم الإقبال على الاستفادة من تعديلات القانون، ومن ثم لم يحقق الغرض منه في زيادة مصادر الدولار.
وسبق أن أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قرارات دورية بمنح الجنسية لعدد من المستثمرين الأجانب في مصر من الجنسيات السورية والعراقية، كما سبق أن صرح معاون وزير الإسكان وليد عباس، عن تقدم 100 مستثمر بطلب شراء عقار للحصول على الجنسية.
وتوقع البياضي، في تصريحات ، استمرار عدم الإقبال على التقدم للحصول على الجنسية المصرية؛ لأن المناخ الاستثماري في مصر مازال غير جذاب، وبالتالي لن يتقدم مستثمرون أجانب للاستفادة من هذه التعديلات، ولن تستطيع هذه الآلية أن تسهم في سد الفجوة التمويلية التي تقدر بنحو 30 مليار دولار تقريبًا، مشيرا إلى ضرورة توفير مناخ جاذب للاستثمار، وطرح فرص استثمارية عديدة وتوفير بيئة تنافسية حيادية لتحقيق الهدف من هذه التعديلات، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتواجه مصر أزمة في توفير النقد الأجنبي، نتيجة الحرب الروسية- الأوكرانية التي أثرت على ارتفاع أسعار السلع عالميا، وانخفاض إيرادات السياحة لأن البلدين يمثلان ثلث السياحة الوافدة لمصر، إضافة إلى نزوح الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بعد رفع البنوك المركزية عالميا أسعار الفائدة، مما أدى إلى انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار ليصل متوسط سعر صرف الدولار 30.83 جنيه للشراء، و30.93 جنيه للبيع، في البنك المركزي، الاثنين.
وحول وجود مخاوف من منح الجنسية للأجانب، طمأن عضو مجلس النواب، أن تعديلات القانون تضمنت إنشاء لجنة لفحص طلبات التجنيس قبل الموافقة عليها، ويتقدم الراغب في الحصول على الجنسية بـ18 مستندا توضح كل المعلومات عنه، ويتم التدقيق في الطلبات المقدمة قبل منح الجنسية، إضافة إلى ذلك هناك مادة بالقانون تمنح مصر الحق في إسقاط الجنسية، مشيرا إلى أن مصر ليست أول دولة تمنح الجنسية للمستثمرين الأجانب مقابل وديعة أو شراء عقاري، فهناك 50 دولة حول العالم تتبع نفس النهج، دون أن يؤثر على أمنها القومي.
وبحسب تعديلات قانون منح الجنسية المصرية، يتم إنشاء وحدة تختص بفحص طلبات التجنس تتبع رئيس الوزراء، وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والاستثمار والتعاون الدولي والجهات الأمنية المعنية، وتتولى الوحدة فحص طلبات التجنس والبت فيها بصفة مبدئية خلال 3 شهور من تاريخ التقديم.
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن تعديلات قانون منح الجنسية سيستفيد منها المستثمرون من الجنسيات السورية واللبنانية والعراقية المقيمة في مصر، ليستفيدوا بنفس مزايا المستثمر المحلي، مشيرا إلى أن تخفيض قيمة المبالغ للحصول على الجنسية ليست ضخمة بسبب عدم الإقبال على الجنسية المصرية.
وقال الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الهدف من تيسير إجراءات منح الجنسية زيادة موارد البلاد من الدولار، للمساهمة في حل أزمة ندرة النقد الأجنبي نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وخروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بقيمة 22 مليار دولار خلال فترة قصيرة العام الماضي، مضيفا أن الحكومة تعمل على تنويع مصادر تدفق الدولار للبلاد من خلال منح تيسيرات للمصريين بالخارج لاستيراد سيارات، والحصول على قرض من صندوق النقد الدولي وشركاء التنمية.
وتحاول مصر حل أزمة نقص النقد الأجنبي من خلال زيادة مواردها من الدولار من مصادره الأساسية، وهي على الترتيب بحسب الأهم: عائد الصادرات، وتحويلات العاملين بالخارج، والسياحة، والاستثمار الأجنبي غير المباشرة، وقناة السويس، عبر برنامج لدعم المصدرين للوصول بالصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار، وتسهيلات للمستثمرين الأجانب منها الرخصة الذهبية لتيسير إجراءات إقامة المشروعات، ومنح تيسيرات للمصريين بالخارج لاستيراد سيارات وشراء أراضي سكنية وطرح شهادات بنكية مرتفعة العائد، لزيادة قيمة التحويلات.
واتفق الفقي، مع ما ذكره النائب فريدي البياضي من صعوبة أن تحقق تعديلات منح الجنسية حصيلة دولارية ضخمة، مضيفا أن المستثمرين العرب من سوريا والعرق وليبيا واليمن المقيمين في البلاد قد يكونون الأكثر إقبالا للحصول على الجنسية ، كما أكد أن الجهات الأمنية تضمن الحفاظ الأمن القومي المصري قبل منح الجنسية بمراجعة طلبات المتقدمين.
وقال فخري الفقي، في تصريحات ، إن مصر “تستقبل الأخوة العرب والأفارقة من كل البلدان التي تعاني من عدم استقرار أمني وسياسي، ولم تغلق بابها أمام أحد، كما لم تفرض شروطا عليهم للإقامة في مصر، وأن تعديل منح الجنسية المصرية قد يفيد المستثمرين الأجانب المقيمين في مصر للحصول على الجنسية، والتعامل كمستثمر محلي، وفي الوقت نفسه زيادة موارد الخزانة العامة من الدولار”.
وأعلن الرئيس المصري، عن استضافة بلاده 6 ملايين لاجئ أو أكثر على أراضيها، ولم تحصل على دعم مقابل تواجدهم في البلاد، كما تسيطر على حدودها البحرية لمنع الهجرة لأوروبا، وفي الوقت نفسه توفر مشروعات وفرص عمل، جاء ذلك خلال تصريحاته في مؤتمر صحفي مع رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن.