ساحات الإحتجاج والموقف من المسار الإنتخابي الجديد
مقال للصحفي : وسام رشيد الغزي
بعد تحديد موعد الأقتراع للإنتخابات البرلمانية العراقية، وتباين المواقف تجاه قرار التحديد في شهر حزيران من العام المقبل، بين رفض وقبول وصمت و حذر، هذه المواقف لم تقتصر على الكتل السياسية وفق حساباتها على أرض الواقع، حسابات تتعلق بالموعد ذاته فيما إذا كان يصب بصالحهم أو عدمه
غالبية المواقف من الكتل والتيارات والأحزاب الحاكمة تجاه الموعد المقترح ناتجة عن رؤية ضيقة تتعلق بوضع تلك الأحزاب وبقائها في صدارة المشهد السياسي، لا مصالح البلاد، وإعتبارات الأزمة السياسية الخانقة التي يمر بها العراق منذ تشرين أول من العام الماضي، حيث إجناحت البلاد موجة إحتجاجات عاصفة من بغداد الى البصرة.
ويمكن إجمال المواقف الصادرة عن ممثلي الكتل بأنها غير راضية عن التوقيت رغم إن هذا الإعلان يخدم سياساتهم التي بدأت تتصيد بأكثر من إتجاه للنيل من قوى الإحتجاج، وغالبية الشعب العراقي، فالموعد المحدد يعطي لهذه القوى مزيداً من الوقت لترتيب أوضاعها وإمتصاص الصدمات التي وجهتها لهم الماكنة الإعلامية المعارضة عبر منصات التواصل الإجتماعي منذ أشهر.
الموقف الإحتجاجي المتراكم منذ تشزين الثاني عام 2019 الى وقت إعلان رئيس الوزراء عن تحديد موعد إنتخابي، والذي يتركز حول تقديم الموعد الدستوري وإجراء إنتخابات مبكرة، هذا الموقف بدى غير منسجماً للغاية هذه المرة كما في السابق، فقد تباينت مواقف المتظاهرين من المعتمصين والمحتجين في مختلف الساحات، وحسب الإتجاهات الفكرية والثقافية المتنوعة التي تعبر دائما عن رؤية الجمهور المتظاهر.
إلا أن هناك أفق واحد يمكن أن تجتمع حوله رؤية موحدة بالنسبة للمحتجين، وهو أهمية أن تكون الانتخابات نزيهة، تتوفر فيها فرصة حقيقة لقوى التغيير للوصول الى سدة الحكم، بغض النظر عن الإقتراع، فالأهم هو وضع جملة من الآليات والإجراءات تقود لضمان حرية الترشيح قبل حرية الإختيار.
هذا الموقف يعبر عن فهم حقيقي مشترك بين عموم الشعب العراقي، بغض النظر عن الرؤية المتباينة حول تحديد الموعد، ورغم أن الإنتخابات المبكرة كانت مطلباً إستراتيجياً بإتفاق الجميع، الا أن هذه العملية ليست هدفاً بل وسيلة لتحقيق الهدف الإسمى، وهو التغيير، وبالتالي مزيداً من الوقت يضمن تحقيق الأهداف.
إجراء إنتخابات مبكرة دون ترتيبات أمنية تتعلق بحصر السلاح المنفلت، وتقويض مراكز القوى النامية في مناطق كثيرة من محافظات العراق تتحكم بمصير ثرواته وأبنائه، وضمانات دولية تعزز ثقة المواطن وتدفعه للمشاركة الفعالة بعملية الإقتراع، وبالتالي فإن موعد الإنتخابات إن تأخر عدة شهور لتفعيل تلك المستلزمات الضرورية لإجرائه لن يكون مهماً.
أما عن بقية المواقف في الساحات فغالبيتها تنبع من رومانسية الثورة، والرغبة السريعة والحقيقية بالتغيير، وهي متناغمة مع دعوة رئيس مجلس النواب بإنتخابات أبكر، لقطع الطريق على القوى الحاكمة فعلياً ومنعها من القفز على تطلعات الشعب في الخلاص، فالحكومات التي إستأثرت من خلال أحزابها بثروات البلاد لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الدعوات لإجراء إجتثاث جاد لمقومات الفساد منذ سنين طويلة.