كشف تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة حول دور الرجال في رعاية الأطفال، أن مشاركة الرجال برعاية الأطفال في المنطقة العربية محدودة بشكل كبير مقارنة بما هو متاح للرجال في مناطق أخرى حول العالم. ويمكن تفسير ذلك إلى حد كبير نتيجة للقوالب الاجتماعية والثقافية الجارية الموجودة في الأطر القانونية التمييزية التي تعزز الأدوار التقليدية المرتبطة بالنوع الاجتماعي.
ووفقًا لما ذكره التقرير، تعمل التقسيمات لأدوار الرعاية التي تفرضها الأعراف والتقاليد المجتمعية والنظام الأبوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تقليل مشاركة المرأة في سوق العمل. ورغم من ازدياد الاهتمام بمشاركة المرأة في سوق العمل بالمنطقة، إلا أن نسبة المشاركة العامة للنساء لا تزال منخفضة، وتقدر بحوالي 19.7% في عام 2021، وهذه النسبة لم تتغير كثيرًا على مدى العقود العشرين الماضية، حيث تتراوح ما بين 19% و22 %.
وذكر التقرير بأنه وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تقضي النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما يقرب من خمسة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والأعمال المنزلية. إلى جانب ذلك، تواجه النساء العديد من التحديات في سوق العمل، مثل انتشار العمل غير الموثق بعقود مكتوبة (أي العمل غير الرسمي)، والتحرش الجنسي، والأجور غير العادلة أو غير المتكافئة.
وأضاف التقرير بأنه رغم من التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، إلا أن المجتمعات لا تزال تتمسك بقيم ذكورية تقاوم التغيير. ومن جهة هناك تحول عام إيجابي في النظرة إلى دور المرأة ومشاركتها في الفضاء العام. ومن جهة أخرى، لم تشهد النظرة المجتمعية لدور الرجل وذكوريته تغييرًا ملموسًا. فنتائج البحث تشير في الغالب إلى ضرورة تولي المرأة الدور الرئيسي في رعاية الأطفال، وفي المقابل ينبغي على الرجل أداء الدور المعيل الرئيسي لأسرته.
ونظرًا إلى الوضع الحالي للإجازة الأبوية في المنطقة العربية بحسب التقرير، تتفاوت مدة إجازة الأمومة في مناطق متعددة داخل المنطقة العربية بين 50 و120 يومًا، فيما تتفاوت مدة إجازة الأبوة بين الصفر في العديد من الدول العربية و15 يومًا في المغرب. ومن المعروف أن مدة إجازة الأبوة الشائعة تبلغ ثلاثة أيام.
من ناحية أخرى، ذكر التقرير أن المجتمعات الأبوية غالباً ما تتجه إلى تقديس ما يقوم به الرجل من رعاية أطفاله أو تدبير منزل الزوجية ضمن إطار “المساعدة”، وغالبًا لا يُنظر لهذه الأفعال على أنها مساواة طبيعية في المسؤوليات الرعائية بين الرجل والمرأة.
ووفقًا لتقييم أعمال الّرعاية المرتبطة بالأطفال بشأن طبيعة تقسيمات الأدوار الرعائية وطبيعتها، يتضح أن 8٪ من الرجال شاركوا بشكل أكبر عند مرض الطفل، و4% شاركوا بشكل أكبر في المساعدة بالأعمال المدرسية، و3 ٪ شاركوا في إعداد الطعام، و2 %شاركوا في تنظيف المنزل.
وأضاف التقرير أن الرجولة أو الذكورية تُعتبر عنصرًا مهمًا في تقييم دور الرجال برعاية الأطفال في جميع البلدان. وفي تونس، يعتقد %84 من المستطلعات والمستطلعين أن الرجال الذين يطلبون إجازة أبوة يُنظر لهم على أنهم أقل رجولة من قبل الزملاء. وشارك في هذا الاعتقاد %75 من المستطلعين في الأراضي الفلسطينية، و%74 في الأردن، و%72 في لبنان، و%56 في المغرب.
النظرة المجتمعية لدور الرجل في عناية الأطفال
ووفقًا للبيانات المذكورة في التقرير، كانت النساء أكثر اهتماما من الرجال بمسألة دور الرجل في رعاية الأطفال، وإدراجها ضمن أجندة الحوار الوطني. وعلى مستوى البلدان الخمس التي تشملها الدراسة (الأردن، تونس، لبنان، الأراضي الفلسطينية، المغرب) اعتقدت %82 من النساء أن إشراك الرجال في أعمال الرعاية قضية تستحق النقاش مقارنة بـ%66 من الرجال. واعتقدت %75 من النساء أنه ينبغي إدراج القضية ضمن أجندة الحوار الوطني، مقارنة بـ%57 من الرجال.
أُجري البحث عبر الإنترنت وشمل 878 صانعًا وصانعة قرار، وشخصيات مؤثرة في خمس دول هي المغرب وتونس والأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية. كما تم تنظيم 23 مجموعة تركيز وإجراء 89 مقابلة مع مقدمي ومقدمات المعلومات الرئيسيين وصناع القرار، بهدف جمع آرائهم حول هذا الموضوع. وقام التقرير بالاستفادة من مساهمات وآراء متعددة من الأطراف المعنية في المنطقة، سواء كانوا يمثلون الحكومة أو جهات فاعلة غير حكومية.
