فاز عالمان رائدان ابتكرا التكنولوجيا للقاحات “كوفيد-19” المُنقِذة للحياة بجائزة “نوبل” في الطب أو علم وظائف الأعضاء.
وحقق كلا من الدكتورة كاتالين كاريكو والدكتور درو وايزمان، من جامعة “بنسلفانيا”، هذا الإنجاز خلال تسخير قوة المادة الوراثية المعروفة باسم الحمض النووي الريبي المرسال، أو “mRNA”.
وفتح اكتشافهما فصلاً جديدًا في الطب، ما يمهد الطريق للقاحات جديدة لأمراض معدية أخرى، بما في ذلك الإنفلونزا، وعلاجات الأمراض غير المعدية، مثل السرطان.
وإليك 5 أشياء يجب عليك معرفتها عن أبحاث كاريكو ووايزمان التي غيرت قواعد اللعبة، ولقاحات “mRNA”.
كيف يعمل الحمض النووي الريبي المرسال؟
ويُعتبر الـ”mRNA” شكل من أشكال الحمض النووي الذي يخبر الخلايا بما يجب القيام به بناءً على المعلومات الموجودة في الحمض النووي.
وعلى عكس الحمض النووي، الذي يعمل كدليل تعليمات للحياة الموجودة في كل خلية، يُعتبر الـ”mRNA” جزءًا مؤقتًا من الشفرة الوراثية يمكنه إنشاء بروتين أو إصلاح الضرر.
وغالبًا ما يُشبِّه الباحثون الأمر بكتاب طبخ، فالحمض النووي عبارة عن كتاب وصفات سميك، في حين يُعد الحمض النووي الريبي (RNA) نسخة مكتوبة بخط اليد من وصفة فردية يتم التخلص منها بعد الاستخدام.
ولطالما عرف العلماء بشأن “mRNA” منذ فترة طويلة، ولكن اعتُقِد سابقًا أنّه ليس مستقرًا بما يكفي ليتمتع بقيمة كأداة علاجية.
ما الذي اكتشفه الباحثان؟
تمثّل الإنجاز الرئيسي الذي حققه كلا من كاريكو ووايزمان في العثور على طريقة لتغيير الوحدات البنائية للحمض النووي الريبوزي، أي النيوكليوتيدات، لجعل أجسادنا تنتج استجابة مناعية.
وقال أستاذ التهاب الأغشية المخاطية والمناعة في جامعة “إمبريال كوليدج لندن”، روبن شاتوك، إنّ “العمل الأساسي” الذي قام به الثنائي في فهم كيفية تكوين الحمض النووي الريبي كان حاسمًا لنجاح لقاح “mRNA” عالي الفعالية ضد فيروس “كوفيد-19”.
وأضاف شاتوك أنّ “عملهما الأساسي في استخدام النيوكليوتيدات المعدلة، وهي اللبنات الأساسية للحمض النووي الريبوزي، لتجنب تنشيط الجهاز المناعي الفطري سيكون عاملاًٍ رئيسيًا للاستخدام الناجح للقاحات الحمض النووي الريبي في المستقبل، والأدوية الجديدة التي تعتمد على الحمض النووي الريبي”.
كيف تختلف لقاحات “mRNA” عن اللقاحات الأخرى؟
تستخدم العديد من اللقاحات نسخًا ضعيفة أو ميتة من الفيروسات التي تستهدفها، وهي ليست كافية لإصابة الشخص بالمرض، ولكنها كمية تجعل الجهاز المناعي يستجيب كي ينتج الجسم أجسامًا مضادة في حال واجه الفيروس الحقيقي.
ويُشار إليها بلقاحات الناقلات الفيروسية (vector vaccines).
وتستعمل تقنية أخرى ذات صلة، تُستخدم في لقاحات وحدات البروتين الفرعية، قطعًا نقية من الفيروس لتحفيز الاستجابة المناعية.
ومع ذلك، قد يستغرق تطوير هذه الأنواع من اللقاحات وقتًا طويلاً، وقد يكون من الصعب تعديلها بسرعة.
ولا تعتمد تكنولوجيا اللقاحات المعتمدة على “mRNA” على نسخة معدلة من الفيروس لإنتاج استجابة مناعية، بل تستخدم الـ”mRNA” المعدّل لتشجيع خلايا الجسم لإنتاج البروتينات التي تدرب جهاز المناعة للدفاع عن الجسم ضد مرض معين.
التحديات التي تجاوزها الفريق
وبدأ اهتمام كاريكو بالإمكانات العلاجية للحمض النووي الريبوزي المرسال عندما انضمت لبرنامج الدراسات العليا في هنغاريا، ولم يتقلص اهتمامها قط رُغم كثرة العقبات التي واجهتها، وفقدان الوظائف، والشكوك، والانتقال عبر المحيط الأطلسي.
وأثار اقتناعها بإمكانية استخدامه لمكافحة الأمراض الشكوك، وكثيرًا ما قوبلت بالرفض عند تقدمها للمِنَح.
والتقت كاريكو، وهي تعمل الآن كأستاذة مساعدة بجراحة الأعصاب في كلية “بيرلمان” للطب بجامعة بنسلفانيا، بوايزمان بالصدفة في عام 1997.
وأفادت لجنة جائزة “نوبل” أنّ خلفية وايزمان في علم المناعة وخبرة كاريكو في الكيمياء الحيوية للحمض النووي الريبوزي (RNA) عَنَت أنّهما كانا يكملان بعضهما البعض.
ونُشرت دراستهما الرائدة في عام 2005، أي قبل 15 عامًا من بدء جائحة “كوفيد-19”.
إمكانات تتجاوز مكافحة فيروس كورونا
وفّر ظهور تكنولوجيا لقاحات “mRNA” حماية آمنة وقوية ضد “كوفيد-19″، ولكن يرى أنصارها أنّ هذه هي البداية فحسب.
وتُشير الدراسات المبكرة إلى أنّ تقنية “mRNA” تظهر نتائج واعدة كعلاج للسرطان، بما في ذلك سرطان الجلد، وسرطان البنكرياس، وتُجرى دراستها لاستخدامها في لقاحات الإنفلونزا الموسمية، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وفيروس نقص المناعة البشرية.
وتشمل الجوانب الأخرى لأبحاث “mRNA” المستمرة استكشاف طريقة جديدة لعلاج أمراض المناعة الذاتية.
ويتم فحص تقنية “mRNA” أيضًا كبديل محتمل للعلاج الجيني للحالات المستعصية مثل داء الخلايا المنجلية.