إنّ وصف دار الأوبرا في سيدني بالأيقونة ذائعة الصيت في أستراليا أشبه بالقول إنّ نهر الأمازون عبارة عن جدول.
فقد قدّرت شركة ديلويت المالية العالمية قيمة المبنى الثقافي الذي بلغ من العمر 50 عامًا في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، 11.4 مليار دولار.
وما هو مؤكد أنّ العقارات ذات الواجهة البحرية في سيدني تستحق الكثير، لكن القيمة الحقيقية، وفقًا لشركة ديلويت، هي كيف أنها ترمز إلى أستراليا في جميع أنحاء العالم، حتى تصبح واحدة من تلك المباني، مثل برج إيفل، ومبنى إمباير ستيت، التي يمكن التعرف إليها من خلال صورتها الظلية وحدها.
وكانت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية افتتحت دار الأوبرا في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، وتستقبل الآن أكثر من مليون زائر سنويًا.
وفاز المهندس المعماري الدنماركي يورن أوتزون بمسابقة تصميم دار الأوبرا عام 1957. وفاز لاحقًا بجائزة بريتزكر، التي تعتبر جائزة نوبل للهندسة المعمارية.
تاريخ غني
ودور دار الأوبرا أبعد من تقديم الأوبرا فقط.
فقد قالت جايد ماكيلار، كبيرة مسؤولي الوكلاء في دار أوبرا سيدني: “أعتقد أن ثمة فكرة خاطئة كبيرة مفادها أننا نمثل الفنون الكلاسيكية”.
وتابعت: “نقدّم الموسيقى المعاصرة أيضًا. لدينا برنامج لقاءات كبير، شارك فيه متحدثون دوليون ومحليون على منابرنا. لدينا برامج للأطفال. في أي وقت يصل الزائر إلى دار الأوبرا، سيكون هناك حدث قد يثير اهتمامه.
عندما أدرجت اليونسكو دار الأوبرا على قائمة التراث العالمي عام 2007، كان التقدير مفرحًا جدًا.
وكتبت اليونسكو في تصنيفها حينها: “إن دار الأوبرا في سيدني تشكل تحفة معمارية في القرن العشرين”.
وأشارت الوثيقة إلى أنّ “التصميم والبناء لا مثيل لهما”، ووصفت دار الأوبرا بأنها “تجربة جريئة وذات رؤية”.
الخمسين سنة التالية
كل هذه الأوسمة قد تُشعر الزائر بالرهبة. لكن ماكيلار تقول إن دار الأوبرا أمضت سنوات تسعى لفتح عروضها أمام أكبر عدد ممكن من الجمهور.
وهذا يعني وضع برامج دار الأوبرا على الإنترنت كي يشاهدها المزيد من الناس، على سبيل المثال. لكنه يعني أيضاً توفير جولات في دار الأوبرا بلغات عديدة، من الإسبانية إلى الكورية، من أجل تقديم خدمة أفضل للجمهور الدولي، ويعني وجود موظفين وبرامج مخصصة لتسليط الضوء على مجتمعات الشعوب الأصلية.
وقبل وجود سيدني أو دار الأوبرا، كان سكان غاديغال الأصليون يطلقون على قطعة الأرض هذه اسم Tubowgule.
وقد استوحى مطعم Bennelong الفاخر في دار الأوبرا اسمه من كلمة Gadigal لمنطقة ميناء سيدني، وقد صنعت الفنانة ميغان كوب من السكان الأصليين عملاً فنيًا خاصًا بالموقع عنونته “Whispers”، من الأعمدة وأصداف المحار ، في مناسبة الاحتفالات بالذكرى الخمسين.
في نهاية المطاف، تقول ماكيلار، إن الهدف من دار الأوبرا أن تكون “دارًا للشعب”، حيث يتم الترحيب فيها بجميع الأستراليين.
وفي حين أن الكثير من السياح يزورون دار الأوبرا لحضور العروض، أو تناول وجبة في أحد المطاعم داخل المبنى، أو لمجرد القيام بجولة بصحبة مرشدين، فإن الفريق الذي يقف خلف دار الأوبرا يريد أيضًا أن يشعر سكان سيدني المحليون أنه يمكنهم التردد عليه في أي وقت.
وبحسب ماكيلار، من مواطني سيدني، إنّ روح العمل تعكس إلى حد كبير تجربتها الخاصة. فهي زارتها لأول مرة عندما كانت طفلة، حيث قدمت أداءً في جوقة إنتاج “The Pied Piper of Hamelin”. عندما أصبحت بالغة، قامت بإحضار زملائها من خارج المدينة إلى Opera Bar لتناول المشروبات، وفي النهاية تزوجت هناك، في إحدى غرف الفعاليات بالمبنى.
بالنسبة لكثيرين، تعد مناطق الجذب السياحي مثل دار الأوبرا، وجهة لا تتكرر في العمر. لكن إذا كان أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو في منطقتك، فهل ستزوره كثيرًا؟
وفقًا لبيانات دار الأوبرا، فإن 42% من الأشخاص الذين اشتروا تذكرة لحضور حدث أو برنامج في عام 2022 كانوا يزورونه لأول مرة.
إلى ذلك، استهلك المشاهدون 790 ألف ساعة من محتوى دار الأوبرا على موقع يوتيوب.
بالنسبة لماكيلار وفريقها، تشير هذه الأرقام إلى حقيقة أن دار الأوبرا هي أكثر من مجرد مبنى، إنها مركز مجتمعي.
“نريد من الجميع أن يفكروا في ما سيفعلونه بنهاية هذا الأسبوع؟ سأذهب إلى دار الأوبرا، لأن هناك أمرًا يروقني. أشعر وكأنه مرحب بي هناك. أرى نفسي هناك. أشعر بالأمان”.