حققت البورصة المصرية خسائر سوقية بلغت 60 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) خلال جلستي الخميس والأحد الماضيين، تزامنًا مع التوترات الجوسياسية في المنطقة، مما دفع المستثمرين الأجانب للبيع، قبل أن تسترد البورصة جزءًا من خسائرها بقيمة 17 مليار جنيه (349.8 مليون دولار) خلال جلسة الإثنين، مدفوعة بإبقاء مؤسسة فوتسي راسل على بورصة مصر ضمن فئة الأسواق الناشئة الثانوية.
وقبل هذه الخسائر، صرّح رئيس مجلس الوزراء خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي، الأربعاء، بأن الحكومة تضع سيناريوهات متعددة للتعامل مع التطورات في الوضع الإقليمي، التي تؤثر بصورة مباشرة على الاقتصاد المصري، مستشهدًا بزيادة سعر برميل البترول بنسبة 10% خلال أسبوع واحد فقط ليتجاوز سعره 80 دولارًا بعد التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة.
وأكد مصطفى مدبولي خلال كلمته بأن حكومته لم تتخذ أي إجراء استثنائي طوال الفترة الماضية رُغم الأحدث الأخيرة بالمنطقة، لكنه أشار إلى أنه حال تعرض المنطقة لحرب إقليمية ستكون تداعياتها شديدة، وستضطر الدولة إلى ما يمكن وصفه بـ”اقتصاد الحرب”، على حد قوله.
قال العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، محمد حسن، إن البورصة المصرية شهدت تراجعات حادة في أداء المؤشرات الرئيسية وخسائر سوقية ضخمة خلال جلستي الخميس والأحد الماضيين، بعد تصريحات رئيس مدبولي بشأن احتمالية تطبيق “اقتصاد حرب” حال تفاقم الأوضاع في المنطقة.
كما اعتبر حسن أن التوترات الجيوسياسية أثرت سلبًا على خروج استثمارات أجنبية من سوق المال المصرية خلال الفترة الماضية، على نحو انعكس على تراجع أداء عدد كبير من الأسهم، وتلاها عمليات بيع “عنيفة” بسبب البيع الاضطراري للأسهم، المعروف باسم “مارجن كول”، مما فاقم خسائر البورصة.
وحسب التقرير الأسبوعي للبورصة المصرية، سجّل المستثمرون العرب والأجانب صافي بيع بقيمة تجاوزت مليار جنيه (21 مليون دولار)، واستحوذوا على نسبة 14.4% من إجمالي التعاملات على الأسهم المقيدة خلال الأسبوع الماضي.
وأضاف حسن، في تصريحات خاصة ، أن التصريحات بشأن تطبيق “اقتصاد حرب” زعزع ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في أداء الاقتصاد المصري، غير أنه أشار إلى أن البورصة بدأت تسترد جزءًا من خسائرها، وحققت صعودًا بجلسة الإثنين، نتيجة تماسك المؤشرات عند مستويات دعم هامة يمكنها أن تعاود الارتداد للصعود مرة ثانية، حال صدور “أخبار إيجابية تسهم في استعادة الثقة”، خاصة أن أسعار الأسهم المقيدة مغرية مقارنة بما تمتلكه من أصول وما تحققه من إيرادات ضخمة، حسب قوله.
وأوردت وسائل إعلام محلية أن مؤسسة فوتسي راسل، أبقت في مراجعتها الدورية، على بورصة مصر ضمن فئة الأسواق الناشئة الثانوية بدلًا من خفضها إلى فئة الأسواق غير المصنفة.
من جانبه، قال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للأوراق المالية، محمد كمال، إن البورصة حققت مستويات صعود قوية خلال الفترة الماضية وسجّل مؤشرها الرئيسي مستوى تاريخي غير مسبوق، وتلى هذا الصعود عمليات جني أرباح تزامنت مع زيادة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وكذلك مع زيادة حالة التوتر والتخوف لدى بعض صناديق الاستثمار الأجنبية، التي مالت لخفض حجم محفظتها الاستثمارية في سوق المال المصرية.
وحلّت بورصة مصر في المركز الثاني عربيًا من حيث نسبة الصعود خلال الربع الثاني من عام 2024، مُسجلة مستوى صعود بلغ 3.28%، متفوقة على بورصة المغرب التي حققت ارتفاعًا بنسبة 2.25%، وجاءت تونس في المركز الأول بنسبة صعود 9.02%، وفق بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية.
وأضاف كمال، في تصريحات خاصة ، أن تصريحات الحكومة بشأن “اقتصاد الحرب” أدت إلى تحفظ من المستثمرين الأجانب تجاه البورصة المصرية، لكنها لم تتخارج بصورة نهائية وخفضت من حجم استثماراتها وفضلت الاحتفاظ بالسيولة النقدية، فيما مخاوف المؤسسات الأجنبية من الاستثمار في البورصة إلى التوترات الإقليمية.
وأكد كمال ثقته في قدرة البورصة على أن تسترد خسائرها خلال الفترة المقبلة، وأن تعاود الارتداد للصعود مرة ثانية مدفوعة بالأنباء الإيجابية للاقتصاد المصري، واستعادة ثقة المؤسسات الأجنبية مجددًا.