ما سر ارتباط “وجهات الأشباح” في اليابان بفصل الصيف تحديدًا؟

تصدرت درجات الحرارة المرتفعة خلال أولمبياد طوكيو عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم.

في الواقع، قد يتم اعتبار هذا الحدث كواحد من أكثر الأحداث سخونة في تاريخ الألعاب وأكثرها رطوبة.

وفي الأسبوع الماضي، قال لاعب التنس الثاني على العالم، دانييل ميدفيديف، إن الحرارة والرطوبة كانت “من أسوأ” الظروف التي خاضها، حتى أنه سأل عن المسؤول في حال مماته.

ومع ارتفاع درجات الحرارة في اليابان، يُعتقد أن الحدود بين عالمي الأحياء والأموات تكون ضيقة جدًا وأن الأرواح قادرة على العبور.

وبذلك، يتميز الصيف بمهرجان O-bon، والذي يقام عادة في منتصف أغسطس/ آب.

يوضح يوشيكو أوكوياما، أستاذ الدراسات اليابانية في جامعة هاواي: “يعد O-bon مهرجانًا بوذيًا للموتى، يتم فيه تكريم أرواح أفراد الأسرة المتوفين والأجداد”.

ووفقًا إلى أوكوياما، يستند المهرجان إلى قصة بوذية يعلم فيها أحد تلاميذ بوذا، موكورين، أن والدته المتوفاة قد انتهى بها المطاف في الجحيم، ثم يقوم بحفل لإنقاذ روحها.

وأوضح: “تطورت هذه الأسطورة البوذية في النهاية إلى تقليد O-bon، حيث يُقام حفل تأبين لأرواح أفراد الأسرة المتوفين.. ويقال إن الأرواح تعود من أنويو (العالم الروحي) إلى كونويو (عالم الأحياء) من أجل حضور المهرجان مع الأحياء”.

وخلال مهرجان O-bon، تجتمع العائلات لتقديم الاحترام في قبور الأجداد، وإشعال النيران، وتنظيف القبور، ورقص البون أودوري، وتناول الطعام والشراب.

ويُعتقد أنه إذا تم الاعتناء بالروح من قبل العائلة، فيمكنهم الانتقال بسلام إلى العالم التالي، وهكذا سيوفر الموتى الحماية لأقاربهم الأحياء.

ولكن، إذا لم يتم الاعتناء بالمتوفى، أو مات بطريقة عنيفة، فقد تعود الروح حاملة ضغينة.

وقال أوكوياما: “يُعتقد أنه حتى أرواح الأشخاص الذين ماتوا ولا يستطيعون الرقود بسلام يمكنهم زيارتنا.. بطبيعة الحال، ليس هناك وقت أفضل من الصيف للحديث عن الظواهر الخارقة للطبيعة”.

اليابان
راقصون يتنكرون في زي وحوش خيالية خلال مهرجان أوا أودوري في مدينة ميوشي بجزيرة شيكوكو اليابانية. Credit: Yasuyoshi Chiba/AFP/Getty Images

قصص مخيفة

قد يكون الصيف موسمًا روحانيًا ولكن هناك سبب آخر لكونه مرعبًا في اليابان.

غالبًا ما تُروى قصص الأشباح المخيفة في أشهر الصيف، وهو تقليد ظهر قبل أيام تكييف الهواء للمساعدة على التهدئة.

يقول أوكوياما: “من الناحية النفسية، قد يساعدنا الشعور بالفزع في نسيان الحرارة المميتة لصيف اليابان”.

ووفقًا لأوريوتشي شينوبو (1887-1953)، وهو باحث في دراسات الفولكلور الياباني، بدأت مسارح كابوكي في تقديم قصص الأشباح في الصيف، وهي تعرف باسم سوزومي شيباي، أي المسرحيات المهدئة، خلال فترة إيدو (1603-1868).

وأوضح أوكوياما: “اكتشف أوريوتشي أن حكايات الأشباح المخيفة كانت تُجرى تقليديًا في المجتمعات الريفية وأن الكابوكي تبنى تلك العادة”.

وفي هذه الأيام، يرتبط الصيف الياباني المعتدل ارتباطًا جوهريًا بالأحداث الشبحية، حيث تُعرض أفلام الرعب في دور السينما، ويتم جدولة عروض مخيفة على شاشة التلفاز حول ظواهر مخيفة.

وكلما زادت سخونة الأجواء، زادت شعبية هذه الأماكن.

وخلال موجة الحر الحارقة في عام 2010، أفيد بأن المنازل المسكونة في اليابان والمنتزهات الشبحية قد شهدت زيادة في عدد الزوار.

اليابان
في عام 2020، تم إنشاء منزلًا مسكونًا في طوكيو، بحيث يحافظ على تدابير التباعد الاجتماعي وسط تفشي كورونا. Credit: Philip Fong/AFP/Getty Images

خوف جديد

يشهد هذا الصيف تجربة موغان، وهي تعني حرفيًا “بلا وجه”، وهي تجربة رعب متنقلة تقع حاليًا في الجزء السفلي من برج طوكيو.

يقول فومياكي ماي، وهو جزء من الفريق الذي طور موغان: “من منظور الأعمال، يعد الصيف مهمًا من حيث القابلية للتسويق.. ففي اليابان تجذرت تجربة الرعب الصيفية وأصبحت الآن في كل مكان”.

وعلى غرار المنزل المسكون في طوكيو الذي احتل عناوين الصحف في عام 2020، جاء مفهوم موغان من التحدي المتمثل في إنشاء بيت الرعب في ظل إغلاق أماكن الترفيه بسبب قيود فيروس كورونا وتشجيع الناس على ممارسة التباعد الاجتماعي.

وأوضح ماي: “لقد أدركنا أنه يمكننا تقديم تجربة مرعبة في المساحة الصغيرة في الجزء الخلفي من الشاحنة”.

وبذلك، يشاهد الزوار فيلمًا قصيرًا دمويًا للمخرج هيروشي شيناغاوا، حيث تتعرض المرأة للتشوه، مع وجود نظام صوتي متطور وممثلين يضعون مكياجًا واقعيًا بشكل مرعب.

وبعد أن شهد العالم مدى سخونة الأجواء في طوكيو هذا الصيف، وذلك بفضل صور الرياضيين الذين يعانون من الحر الشديد على الشاشات، فليس من الصعب أن نفهم لماذا يلجأ اليابانيون إلى جميع أنواع التدابير للنسيان.

عن sherin

شاهد أيضاً

عناق ودموع.. لحظات مؤثرة بين أديل وسيلين ديون في لاس فيغاس

عاشت النجمتان أديل وسيلين ديون لحظات مؤثرة خلال حفل للمغنية البريطانية أحيته في “الكولوسيوم” بقصر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *