تصدر قرار البنك الأهلي المصري، خفض فائدة شهادات الاستثمار بأنواعها المختلفة بنسبة تراوحت بين 0.25% إلى 3.75% على الشهادة ذات أجل عام، اهتمامات أوساط عديدة في مصر؛ لاستثمار عدد كبير من المواطنين مدخراتهم في هذه الشهادات والتي بلغت رصيد صافي مبيعاتها أكثر من 435 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2020، فيما استبعد خبراء تأثير خفض عائد الشهادات على قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي يوم الخميس لمناقشة أسعار الفائدة، وطرحوا بدائل استثمارية أمام مشتري الشهادات.
وكان البنك الأهلي المصري-أحد أكبر البنوك المحلية في مصر- يبيع شهادات الاستثمار مرتفعة العائد بالنيابة عن بنك الاستثمار القومي، لعدم امتلاك الأخير فروع وانتشار جغرافي، غير أنه أعلن يوم الأحد الماضي، ضم هذه الشهادات لأوعيته إدخارية، وخفض عائدها بنسبة تتراوح بين 0.25% إلى 3.75% على الشهادة ذات أجل عام.
وفسر الخبير المصرفي محمد عبد العال، سبب استحواذ البنك الأهلي على شهادات بنك الاستثمار القومي، إلى خضوع الأخير لعملية إعادة الهيكلة، ومن بين بنودها التخلص من بعض الالتزامات المكلفة وثبت عدم جدواها في المرحلة المستقبلية مثل شهادات الإدخار، ومع تولي البنك الأهلي مهمة إدارة طرح هذه الشهادات لصالح بنك الاستثمار القومي لعدم امتلاك الأخير انتشار وتواجد جغرافي، كان من الطبيعي أن يستحوذ عليها، خاصة وأن البنكين مملوكين للدولة، وهو أمر معمول به في العالم.
كما فسر “عبد العال”، سبب خفض البنك الأهلي شهادات الاستثمار بنسبة تراوحت بين 0.25% إلى 3.75% على الشهادة ذات أجل عام، حتى تتساوى مع الأوعية الأخرى الموجودة لديه، مضيفاً أنه قبل عملية الاستحواذ لم يكن من حق البنك الأهلي تعديل أسعار شهادات الاستثمار التي يصدرها لصالح بنك الاستثمار القومي؛ لأنه الجهة التي تدير تلك الشهادات، ولكن بعد الاستحواذ أصبحت مملوكة له ومن حقه تعديل وثائق بنك الاستثمار بما يتوائم مع السياسة التسعيرية للجنة إدارة الأصول والخصوم لكل بنك، والتي تسترشد من الأسعار الرسمية التي تحددها لجنة السياسات النقدية كل 45 يوماً.
غير أن الخبير المصرفي أشار إلى وجود منتجات أخرى للبنك الأهلي بعائد أكبر يمكن الاستثمار بها مثل أدوات الدين الحكومية، حيث تعطي أذون الخزانة عائد يصل إلى 10.40% خلال فترة 6 أشهر أو عام، فيما يصل عائد السندات إلى 10.90% صافي بعد الضريبة، بالإضافة إلى استمرار عدد من شهادات الاستثمار بعائد أعلى مثل الشهادة اللاتينية ذات أجل 3 سنوات بعائد سنوى 11%، علاوة على أن شهادة العائد التراكمي ذات 10 سنوات لم تنخفض سوى 0.25% فقط.
استبعد محمد عبد العال، في تصريحات خاصة ، أن يكون هناك تأثير على شهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الأخرى بل العكس ستساهم في حدوث توازن نسبي في الأوعية الإدخارية لدى الجهاز المصرفي.
رداً على تأثير خفض عائد شهادات الاستثمار على قرار لجنة السياسات النقدية الأسبوع الجاري، أكد “عبد العال”، أن تخفيض البنك الأهلي عائد الشهادات ليس له علاقة بقرار لجنة السياسات النقدية التي ستحدد أسعار الفائدة يوم الخميس المقبل، بدليل أن البنك الأهلي خفض عائد الشهادات بنسبة 1% قبل يوم واحد من الاجتماع الماضي للجنة السياسات النقدية، ومع ذلك ثبت البنك المركزي أسعار الفائدة.
توقع “عبد العال”، تثبيت لجنة السياسات بالبنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماعها هذا الأسبوع، مبرراً وجهة نظره بأن تثبيت أسعار الفائدة يعطي راحة أكثر للقطاع العائلي وكذلك استقرار سعر الصرف والجنيه المصري في الاستثمار غير المباشر، إلا أنه توقع خفض أسعار الفائدة بنحو 2% خلال العام الجاري؛ لأنه مازال هناك مساحة واسعة أمام البنك المركزي لتخفيض الفائدة بسبب تراجع معدل التضخم.
واتفق معه الخبير المصرفي محمد بدرة، أن قرار خفض عائد شهادات استثمار البنك الأهلي لا يعني تمهيد لتخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة الخميس المقبل، مضيفاً أن قرار لجنة السياسات النقدية لا يكون ملزماً للبنوك في رفع أو خفض الفائدة وبالتالي فإن قرار لجنة السياسات ليس له علاقة بأسعار شهادات بنك الاستثمار التي يطرحها البنك الأهلي.
ونوه “بدرة”، في تصريحات خاصة إلى أن خفض عائد شهادات استثمار البنك الأهلي، سيطبق على الإصدار الجديد فقط، أما أصحاب الشهادات التي تم طرحها قبل التخفيض سيحصلون على شهادات بالعائد السابق.
وتوقع “بدرة”، خفض أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسيات النقدية بالبنك المركزي يوم الخميس المقبل بنسبة 0.5 إلى 1% نتيجة لانخفاض التضخم في ديسمبر، حيث مازال معدل التضخم عند مستهدفات البنك المركزي عند 7% بزيادة أو نقصان 2% في نهاية الربع الرابع من 2022.
أشار “بدرة”، إلى أنه حال خفض أسعار الفائدة سيكون حافز إيجابي لعدد من المواطنين باستثمار مدخراتهم في أوعية أخرى مثل النشاط الصناعي والأسهم والسندات، لكن التأثير السلبي الوحيد قد يكون خاص بالشهادات الجديدة وكذلك عند تجديد الشهادات المصدرة بعد قرار الخفض.
من جهة أخرى استبعدت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، الربط بين قرار خفض أسعار شهادات البنك الأهلي، واجتماع لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي المصري يوم الخميس المقبل لبحث أسعار الفائدة، مرجعة السبب أن خفض عائد شهادات الاستثمار هو انعكاس لقرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة 4% خلال العام الماضي، حيث لم يخفض البنك الأهلي أسعار هذه الشهادات بنفس قدر خفض الفائدة للبنك المركزي مقارنة ببعض البنوك، وفي الوقت نفسه تخطى الاقتصاد تداعيات جائحة كوفيد-19.
توقعت “السويفي”، في تصريحات خاصة ، خفض سعر الفائدة بنحو 50 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسات النقدية يوم الخميس المقبل، عكس توقعات الكثير من المحللين بتثبيت أسعار الفائدة، وأرجعت ذلك إلى أن نسبة التضخم لا تزال في حدود المعقول، وسط توقعات بارتفاع تدريجي للتضخم على مدار العام، ومعاودة انخفاضه في الربع الرابع ليس لارتفاع الأسعار ولكن بسبب سنة الأساس.
أما عن تأثير قرار خفض عائد شهادات الاستثمار على البورصة المصرية، أكدت رضوى السويفي، أن القرار سيؤثر إيجابياً على سوق المال المصري، من خلال بحث جزء من أصحاب الشهادات على أوعية إدخارية جديدة تحقق لهم عوائد مرتفعة، وفي الوقت الحالي حقق المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية ارتفاعاً بنسبة 7% خلال شهر يناير مع توقعات باستمرار الصعود بنسب تترواح بين 20-30% لأسباب تتعلق بتحسن نتائج أعمال الشركات وارتداد وتحسن الاقتصاد عن عام 2020 وهو ما يظهر على أداء الأسهم والبورصة.